زراعة البرسيم: دليل شامل لإنتاج عالي الجودة ومستدام

يُعتبر البرسيم من المحاصيل العشبية الهامة في الزراعة، إذ يُستخدم بشكل رئيسي كعلف أخضر للحيوانات، خاصة الأبقار والأغنام، لما له من قيمة غذائية عالية. ويتميز البرسيم بقدرته على تثبيت النيتروجين في التربة مما يحسن من خصوبتها، بالإضافة إلى إسهامه في تحسين إنتاجية المحاصيل التالية في الدورة الزراعية. زراعة البرسيم تتطلب معرفة دقيقة بمراحلها، ومتطلبات التربة، والمناخ المناسب، وكذلك طرق العناية به لتحقيق أفضل النتائج. في هذا المقال، سيتم التطرق بشكل مفصل إلى كيفية زراعة البرسيم خطوة بخطوة، بدءًا من التحضير وحتى الحصاد.

تعريف البرسيم وأنواعه

البرسيم هو نبات عشبي من فصيلة البقوليات، يتميز بأوراق مركبة وشكل زهوره الصغيرة التي تكون عادة بنفسجية أو وردية أو بيضاء. ينمو البرسيم في مناطق مختلفة حول العالم، ويوجد منه العديد من الأنواع التي تختلف في فترة نموها ومقاومتها للظروف المناخية.

أشهر أنواع البرسيم:

• البرسيم الحجازي (Medicago sativa): وهو النوع الأكثر انتشارًا وزراعة في المناطق المعتدلة والحارة.

• البرسيم الإنجليزي: يتميز بسرعة النمو وقصر فترة الحصاد.

• البرسيم المصري: يتحمل الظروف الجافة ونادرًا ما يستخدم في الزراعة التجارية.

متطلبات زراعة البرسيم

المناخ المناسب

ينمو البرسيم بصورة أفضل في المناخات المعتدلة إلى الدافئة، حيث تتراوح درجات الحرارة المثلى ما بين 15 إلى 30 درجة مئوية. كما يحتاج البرسيم إلى كمية كافية من الأمطار أو الري المنتظم، إذ تتراوح حاجته من الماء بين 400 إلى 600 ملم سنويًا. في المناطق الجافة، يجب الاعتماد على الري لضمان نمو جيد.

التربة المناسبة

يُفضل البرسيم التربة الطميية جيدة التصريف والتي تتمتع بدرجة حموضة (pH) تتراوح بين 6 إلى 7.5. التربة الثقيلة جدًا أو الرملية غير مناسبة لأنها تؤثر سلبًا على نمو الجذور وتثبيت النيتروجين. من الضروري أيضًا إجراء تحليل للتربة لمعرفة مستويات العناصر الغذائية وتصحيحها قبل الزراعة.

التحضير الأرضي

النجاح في زراعة البرسيم يبدأ من تحضير الأرض بشكل جيد، حيث يجب:

• حراثة الأرض جيدًا: بهدف تفتيت التربة وتسهيل انتشار الجذور.

• تسوية الأرض: لمنع تجمع المياه في أماكن معينة التي قد تؤدي إلى تعفن الجذور.

• إزالة الأعشاب الضارة: التي تتنافس مع البرسيم على الماء والمواد الغذائية.

خطوات زراعة البرسيم

اختيار البذور وتحضيرها

اختيار بذور البرسيم الجيدة أمر حاسم، يجب أن تكون البذور ذات جودة عالية وخالية من الأمراض والتلف. يمكن تحضير البذور عن طريق نقعها في الماء لمدة 12 إلى 24 ساعة قبل الزراعة لتحسين نسبة الإنبات.

طريقة الزراعة

يمكن زراعة البرسيم بالبذر اليدوي أو باستخدام آلات الزراعة، ويُفضل الزراعة في صفوف على عمق يتراوح بين 2 إلى 4 سنتيمترات. يراعى أن تكون المسافة بين الصفوف حوالي 20 إلى 30 سنتيمترًا، مما يسهل عمليات الري والتسميد والرش.

التوقيت المناسب للزراعة

يعتمد توقيت زراعة البرسيم على المناخ، ففي المناطق المعتدلة يفضل الزراعة في أواخر الشتاء أو أوائل الربيع. أما في المناطق الحارة فيفضل الزراعة في فترات الخريف أو بداية الشتاء لتجنب درجات الحرارة المرتفعة التي تؤثر سلبًا على نمو النبات.

الري بعد الزراعة

يحتاج البرسيم إلى ري منتظم، خاصة خلال مراحل الإنبات والنمو الأولية. يجب الحرص على عدم الإفراط في الري حتى لا تتعرض الجذور للعفن، كما يجب ري النباتات بشكل دوري للحفاظ على رطوبة التربة.

العناية بالنبات خلال مراحل النمو

التسميد

بالرغم من قدرة البرسيم على تثبيت النيتروجين في التربة، إلا أنه يحتاج إلى تسميد متوازن خاصة بعناصر الفوسفور والبوتاسيوم. يفضل استخدام الأسمدة العضوية مثل السماد البلدي، أو الأسمدة الكيماوية بعد إجراء تحليل التربة. يمكن توزيع السماد في مراحل النمو المختلفة لضمان إمداد النبات بالعناصر الغذائية اللازمة.

مكافحة الآفات والأمراض

تتعرض زراعة البرسيم لعدة آفات منها:

• الديدان القارضة: التي تؤثر على جذور النبات.

• الحشرات القارضة: مثل النمل الأبيض والمن.

• الأمراض الفطرية: مثل البياض الدقيقي والصدأ.

تتم مكافحة هذه الآفات باستخدام المبيدات الحشرية والفطرية المناسبة، مع الالتزام بتعليمات السلامة الزراعية وعدم الإفراط في استخدام المبيدات للحفاظ على البيئة.

التحكم في الأعشاب الضارة

الأعشاب الضارة تؤثر على نمو البرسيم بتنافسها على الموارد، لذلك يجب الاهتمام بعمليات إزالة الأعشاب دوريًا، سواء باليد أو باستخدام مبيدات الأعشاب الموجهة التي لا تضر بالبرسيم.

الحصاد

تتم عملية الحصاد عندما يصل البرسيم إلى مرحلة الإزهار أو بداية ظهور الأزهار، حيث تكون القيمة الغذائية في أعلى مستوى. يمكن حصاد البرسيم يدويًا أو باستخدام آلات الحصاد.

طريقة الحصاد

• الحصاد اليدوي: مناسب للمزارع الصغيرة، يتطلب وقتًا وجهدًا أكبر.

• الحصاد الآلي: مناسب للمزارع الكبيرة، حيث يوفر الوقت ويقلل من الخسائر.

بعد الحصاد، يجب نقل البرسيم بسرعة إلى أماكن التهوية لتجفيفه إذا كان الهدف هو تخزينه كعلف جاف (تبن)، أما إذا كان للاستخدام العلفي الأخضر فيجب نقله سريعًا إلى أماكن التغذية.

تخزين البرسيم

إذا كان البرسيم مخصصًا للتخزين كعلف جاف، فإنه يجب تجفيفه جيدًا في ظل جيد التهوية للحفاظ على جودته ومنع تعفنه. يتم تخزينه في أكوام مرتفعة قليلاً فوق الأرض أو داخل مخازن مخصصة مع الحرص على عدم تعرضه للرطوبة.

الجدول التالي يوضح أهم متطلبات زراعة البرسيم والممارسات الزراعية المناسبة لكل مرحلة:

الفوائد الاقتصادية والزراعية لزراعة البرسيم

تعتبر زراعة البرسيم من المحاصيل ذات الجدوى الاقتصادية العالية، لما لها من استخدامات متعددة في تغذية الحيوانات وإنتاج الحليب واللحوم. كما أن البرسيم يعزز من خصوبة التربة بفضل علاقته التكافلية مع بكتيريا تثبيت النيتروجين، مما يقلل الحاجة لاستخدام الأسمدة الكيماوية المكلفة.

علاوة على ذلك، يُستخدم البرسيم في بعض الأحيان كغطاء نباتي لحماية التربة من التعرية، وتحسين بنية التربة وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالماء.

خلاصة

زراعة البرسيم تتطلب مزيجًا من التخطيط الجيد، اختيار التربة والبذور المناسبة، العناية الدائمة بالمحصول، ومكافحة الآفات بشكل فعال. كما أن الالتزام بالممارسات الزراعية السليمة في كل مرحلة من مراحل زراعته يعزز من جودة الإنتاج وكميته. إن الاستثمار في زراعة البرسيم بشكل صحيح يعود بفوائد كبيرة على المزارعين من حيث تحسين العلف الحيواني، رفع إنتاجية الثروة الحيوانية، والمحافظة على التربة.

المراجع:

1. FAO, “Alfalfa and Medicago sativa,” Food and Agriculture Organization of the United Nations, 2021.

2. وزارة الزراعة المصرية، “دليل زراعة البرسيم والعناية به”، 2019.