الفرق بين الزعتر والأوريجانو

الفرق بين الزعتر والأوريجانو

يُعتبر كل من الزعتر (Thymus vulgaris) والأوريجانو (Origanum vulgare) من الأعشاب العطرية المستخدمة على نطاق واسع في الطهي، والعلاج بالأعشاب، والصناعات الدوائية والتجميلية. ورغم أن كليهما ينتمي إلى العائلة الشفوية (Lamiaceae) ويشتركان في العديد من الخصائص العطرية والطبية، إلا أن هناك تباينات واضحة في تركيبهما الكيميائي، خصائصهما الحيوية، استخداماتهما، طعمهما، ومجالات توافرهما. يستعرض هذا المقال الموسع هذه الفروقات بدقة علمية ويحلل الجوانب المشتركة والمتميزة لكل عشبة.

التصنيف النباتي والنشأة الجغرافية

الزعتر:

ينتمي الزعتر إلى جنس Thymus، وهو أحد الأنواع الرئيسية ضمن عائلة النباتات الشفوية. يعتبر الزعتر البري أحد النباتات المتأقلمة مع البيئات الجبلية الجافة، وينمو بكثرة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط مثل لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، إضافة إلى المغرب وتونس.

الأوريجانو:

الأوريجانو هو أحد أنواع Origanum، وهو أيضًا من العائلة الشفوية. يُعرف في بعض اللغات باسم “الزعتر البري” ولكن هذا الاسم مضلل علميًا، إذ أن الأوريجانو نبات مختلف. يُزرع الأوريجانو بشكل واسع في دول جنوب أوروبا، خاصة في إيطاليا واليونان وتركيا، ويمتد تواجده إلى أمريكا اللاتينية مع ظهور المطبخ المكسيكي والإيطالي.

الشكل النباتي والمكونات

الزعتر:

• الأوراق: صغيرة، بيضاوية الشكل، خضراء داكنة ذات حواف ملساء.

• الرائحة: نفاذة جداً، تمتاز برائحة زيتية خشبية حادة.

• الزهور: صغيرة لونها أرجواني أو وردي.

• المكونات الفعالة: يحتوي الزعتر على مركب الثيمول (Thymol)، وهو من أقوى مضادات البكتيريا الطبيعية، إلى جانب الكارفاكرول، اللينالول، والكاريوفيلين.

الأوريجانو:

• الأوراق: أكبر من أوراق الزعتر، ذات ملمس ناعم وأحياناً مغطاة بشعيرات دقيقة.

• الرائحة: حارة ودافئة وأقل حدة من الزعتر، لكنها تحمل نغمة عشبية ترابية.

• الزهور: لونها أرجواني فاتح أو أبيض.

• المكونات الفعالة: يحتوي الأوريجانو على نسبة أعلى من الكارفاكرول (Carvacrol) والذي يمنحه تأثيراً مطهراً، بالإضافة إلى مركبات مثل التربينات والفلافونويدات.

الطعم والاستخدام في الطهي

الزعتر:

يمتاز الزعتر بطعمه القوي والحاد الذي يترك أثراً زيتياً في الفم، ويستخدم بكثرة في المطبخ الشامي والمغاربي، خاصة في تحضير المخبوزات مثل المناقيش، كما يدخل في صناعة التوابل الجافة التي تمزج مع السمسم وزيت الزيتون.

الأوريجانو:

طعمه أخف وأكثر حلاوة من الزعتر، مع نكهة ترابية مميزة. يشتهر استخدامه في المطبخ الإيطالي في صلصة البيتزا، المعكرونة، وبعض أنواع اللحوم المشوية والصلصات الحمراء، كما يعتبر من أهم مكونات البهارات الإيطالية الجاهزة.

الاستخدامات الطبية والصحية

يستخدم الزعتر في الطب التقليدي لعلاج السعال، احتقان الحلق، وتحفيز الجهاز التنفسي، بينما يُستفاد من الأوريجانو بشكل أكبر في علاج الفطريات والبكتيريا في الجهاز الهضمي، وقد ثبتت فعاليته في مقاومة أنواع معينة من البكتيريا مثل E. coli وSalmonella.

الزراعة والتكيف المناخي

الزعتر:

يتطلب مناخاً معتدلاً يميل للجفاف، ويتحمل درجات الحرارة العالية والتربة الفقيرة نسبياً. يُزرع غالباً في البيئات الجبلية وذات التهوية الجيدة. يتم حصاده في بداية موسم الإزهار للحفاظ على زيوته الطيارة.

الأوريجانو:

يتكيف مع الطقس الحار والجاف، ويفضل التربة الرملية الخفيفة. يحتاج إلى شمس مباشرة للحصول على أعلى تركيز من الزيوت العطرية. يمكن زراعته في الحدائق المنزلية بسهولة.

الفرق الكيميائي والتأثير البيولوجي

يمتاز الزعتر بتركيز عالٍ من الثيمول، وهو مركب فعال في قتل البكتيريا والفطريات، كما يعمل كمضاد قوي للأكسدة. أما الأوريجانو، فرغم احتوائه أيضاً على الثيمول، إلا أن العنصر الطاغي فيه هو الكارفاكرول الذي يعطيه خصائصه المضادة للميكروبات والالتهابات.

تشير الدراسات إلى أن الكارفاكرول قادر على تثبيط النمو البكتيري في الجهاز الهضمي والمساعدة على توازن الفلورا المعوية. في المقابل، يُظهر الثيمول تأثيرًا فعالًا في تقوية المناعة وتحفيز خلايا الدم البيضاء.

الفرق في الاستخدامات الصناعية

الزعتر:

• صناعات دوائية: يدخل في تصنيع الأدوية الخاصة بالسعال، والمضادات الحيوية النباتية، والمكملات الغذائية.

• صناعات التجميل: يُستخدم مستخلصه في تصنيع الصابون الطبي، والكريمات المطهرة، وغسول الفم.

الأوريجانو:

• صناعات الأغذية: يُستخدم كمادة حافظة طبيعية في بعض الأغذية المجففة والمعلبة.

• الزيوت العطرية: يستخرج منه زيت الأوريجانو الشهير، والذي يُستعمل في المكملات الغذائية والمستحضرات العشبية.

التوافر والتجارة

يعتبر الزعتر أحد الأعشاب الشائعة تجارياً في الشرق الأوسط، وله سوق مزدهر في الدول العربية وخاصة كمنتج محلي في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، ويُصدر إلى أوروبا بكميات كبيرة. أما الأوريجانو، فهو يتمتع بمكانة أقوى في السوق الأوروبي والأمريكي، ويُستخدم على نطاق واسع في صناعة الأغذية والمنتجات الطبيعية.

مقارنة شاملة بين الزعتر والأوريجانو

الخلط بين الزعتر والأوريجانو في الأسواق

غالباً ما يحدث لبس بين الزعتر والأوريجانو في المتاجر غير المتخصصة، خاصة أن كليهما يباع مجففاً في شكل مسحوق أو أوراق مفرومة، بل إن الأوريجانو يُطلق عليه في بعض البلدان “الزعتر البري”، مما يزيد من الغموض حول هويته النباتية الحقيقية. هذا الخلط قد يؤثر على الاستخدام العلاجي للطرفين، إذ أن استهلاك الزعتر بدلاً من الأوريجانو (أو العكس) قد لا يحقق الأثر العلاجي المرجو بسبب اختلاف مركبات كل منهما.

الأبحاث والدراسات العلمية

تُجمع الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الطبية النباتية على الأهمية الكبيرة لكل من الزعتر والأوريجانو في تعزيز الصحة العامة. دراسة منشورة في Journal of Applied Microbiology بيّنت أن زيت الأوريجانو قادر على تقليل نشاط بعض البكتيريا الممرضة بنسبة تصل إلى 90%. في المقابل، دراسة أخرى في Phytotherapy Research أكدت فعالية الزعتر في تحسين كفاءة الجهاز التنفسي وتقليل التهابات القصبات الهوائية.

الخلاصة العلمية

بالرغم من التشابه الكبير بين الزعتر والأوريجانو في النكهة والانتماء النباتي، إلا أن هناك فروقًا جوهرية من حيث الطعم، التكوين الكيميائي، الاستخدامات الطبية، والتوجهات الثقافية في استهلاك كل منهما. معرفة هذه الفروقات تساعد على الاستخدام الأمثل لهذين النباتين سواء في الطهي أو في الأغراض العلاجية أو الصناعية.

المراجع:

1. Burt, S. (2004). Essential oils: their antibacterial properties and potential applications in foods—a review. International Journal of Food Microbiology.

2. Nostro, A. et al. (2007). Antimicrobial activity of plant essential oils against Listeria monocytogenes. Food Control.