الضغط في الشهر التاسع من الحمل: الأسباب، الأعراض، المضاعفات والعلاج

يُعد الشهر التاسع من الحمل مرحلة حساسة ودقيقة في حياة المرأة الحامل، حيث يكتمل فيها نمو الجنين ويتهيأ الجسم للولادة. لكن هذه المرحلة الحرجة قد تترافق مع تحديات صحية، من أبرزها ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، وهي حالة تستوجب مراقبة دقيقة لتفادي المضاعفات على الأم والجنين. في هذا المقال المفصل، سيتم تناول موضوع الضغط في الشهر التاسع من الحمل بشقيه: ارتفاع الضغط وانخفاضه، مع استعراض الأسباب، الأعراض، التشخيص، العلاجات، والمضاعفات المحتملة.

مفهوم ضغط الدم أثناء الحمل

ضغط الدم هو القوة التي يمارسها الدم على جدران الشرايين أثناء ضخه من القلب إلى باقي أجزاء الجسم. ويُقاس الضغط برقمين: العلوي (الانقباضي) والسفلي (الانبساطي). في الوضع الطبيعي، يتراوح ضغط الدم لدى البالغين بين 90/60 و120/80 ملم زئبق. أثناء الحمل، قد يطرأ تغير طفيف على مستويات الضغط نتيجة التغيرات الهرمونية وزيادة حجم الدم، إلا أن الاضطرابات الشديدة، خاصة في الشهر التاسع، تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً.

التغيرات الفسيولوجية لضغط الدم أثناء الحمل

يحدث خلال الحمل تمدد في الأوعية الدموية وانخفاض نسبي في مقاومة الأوعية مما يؤدي إلى انخفاض طفيف في ضغط الدم، خصوصاً في الثلث الثاني. إلا أن الضغط يعود للارتفاع بشكل تدريجي مع اقتراب موعد الولادة. غير أن بعض النساء يعانين من اضطرابات غير طبيعية في ضغط الدم سواء بالارتفاع أو الانخفاض، وتزداد الخطورة كلما اقترب موعد الولادة.

ارتفاع ضغط الدم في الشهر التاسع من الحمل

الأسباب المحتملة

• تسمم الحمل (Preeclampsia): من أخطر أسباب ارتفاع الضغط، يظهر عادة بعد الأسبوع 20 من الحمل ويترافق مع وجود بروتين في البول وتورم.

• ارتفاع ضغط الدم المزمن: يكون لدى بعض النساء ضغط مرتفع قبل الحمل ويستمر خلاله.

• فرط الوزن أو السمنة: تؤثر بشكل كبير على صحة الأوعية الدموية وضغط الدم.

• نمط الحياة غير الصحي: قلة النشاط البدني، التغذية الغنية بالصوديوم، والتوتر الزائد.

• الحمل بتوأم أو أكثر: يرفع من احتمالية الإصابة بارتفاع الضغط.

• عوامل وراثية: التاريخ العائلي مع تسمم الحمل أو ارتفاع الضغط يزيد من المخاطر.

الأعراض

• صداع شديد لا يزول بالمسكنات

• اضطرابات في الرؤية مثل الزغللة أو رؤية بقع

• ألم في الجزء العلوي من البطن، خاصة تحت الأضلاع اليمنى

• تورم شديد في الوجه واليدين

• قلة التبول

• زيادة مفاجئة في الوزن بسبب احتباس السوائل

المضاعفات المحتملة

التشخيص

يتم التشخيص من خلال:

• قياس ضغط الدم بانتظام

• تحليل البول للكشف عن البروتين

• اختبارات الدم لتقييم وظائف الكبد والكلى

• تصوير بالموجات فوق الصوتية لمتابعة نمو الجنين

• مراقبة دقات قلب الجنين وحركته

العلاج

• الراحة التامة في السرير مع رفع القدمين

• مراقبة الضغط بانتظام في المنزل أو عبر زيارات يومية للمستشفى

• أدوية خافضة للضغط مثل ميثيل دوبا أو لابيتالول تحت إشراف الطبيب

• الولادة المبكرة في حال وجود خطر على حياة الأم أو الجنين

• اتباع حمية قليلة الصوديوم وتجنب الأغذية المصنعة

• شرب كميات كافية من الماء وتجنب الكافيين

انخفاض ضغط الدم في الشهر التاسع من الحمل

الأسباب

• توسع الأوعية الدموية بسبب تأثير هرمون البروجستيرون

• فقر الدم الناتج عن نقص الحديد أو فيتامين B12

• نقص في تناول السوائل مما يؤدي إلى الجفاف

• الاستلقاء على الظهر لفترات طويلة مما يضغط على الوريد الأجوف السفلي

• نقص مستوى السكر في الدم بسبب التغذية غير المتوازنة

الأعراض

• دوخة شديدة

• تعب وضعف عام

• غثيان وربما إغماء

• برودة في الأطراف

• تنفس سريع وسطحي

المضاعفات المحتملة

• نقص تروية الدم للمشيمة

• انخفاض أكسجة الجنين

• زيادة احتمالية السقوط أو الإغماء لدى الحامل

• خطر نقص التروية الدماغية للأم في الحالات الشديدة

العلاج

• النهوض ببطء من الجلوس أو النوم لتجنب الدوخة

• تناول وجبات صغيرة ومتكررة طوال اليوم

• شرب كميات كبيرة من الماء والسوائل الغنية بالكهرباء مثل العصائر الطازجة

• زيادة استهلاك الملح قليلاً تحت إشراف الطبيب

• الاستلقاء على الجانب الأيسر لتخفيف ضغط الرحم على الوريد الأجوف

• ارتداء جوارب ضغط مرنة لتحسين تدفق الدم في الساقين

• علاج فقر الدم بمكملات الحديد أو الفيتامينات المناسبة

الفرق بين الضغط الطبيعي وغير الطبيعي في الشهر التاسع

العناية الذاتية والوقاية

• الالتزام بمواعيد الفحوصات الدورية

• ممارسة تمارين خفيفة كالمشي أو اليوغا للحامل بعد استشارة الطبيب

• تجنب التوتر النفسي عبر تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق

• الحصول على نوم كافٍ ومنتظم

• تغذية متوازنة تحتوي على بروتينات، حديد، كالسيوم، وبوتاسيوم

• مراقبة استهلاك الكافيين والابتعاد عن المشروبات الغازية والمصنعة

أهمية المتابعة الطبية

المتابعة الدقيقة للضغط خلال الشهر التاسع ضرورية لتجنب المخاطر المحتملة على الأم والجنين. يقوم الطبيب بتحديد الخطة المناسبة حسب الحالة، إما بمراقبة الوضع عن قرب أو التدخل العلاجي أو تحديد موعد مبكر للولادة. قد تشمل المتابعة:

• تخطيط القلب للجنين (NST)

• تقييم وضع المشيمة وكمية السائل الأمنيوسي

• فحوصات الدم ووظائف الكلى والكبد

• الفحص الداخلي لتقدير مدى استعداد الرحم للولادة

هل يؤثر الضغط على الولادة؟

ارتفاع الضغط قد يُملي الحاجة للولادة القيصرية أو تحفيز الولادة قبل الموعد الطبيعي. في المقابل، انخفاض الضغط قد يؤثر على توصيل الأكسجين للجنين أثناء المخاض، مما يستوجب مراقبة مستمرة أثناء الولادة. لهذا فإن التخطيط للولادة يجب أن يتم بعناية فائقة من قبل الفريق الطبي.

حالات تستدعي التوجه الفوري للطوارئ

• ألم حاد في الرأس لا يزول

• فقدان الرؤية أو تغيّم الرؤية المفاجئ

• نزيف مهبلي أو تسرب سائل شفاف

• قلة حركة الجنين بشكل ملحوظ

• ضيق التنفس أو ألم في الصدر

دور الشريك والأسرة

الدعم النفسي والمادي من الشريك والأسرة له دور محوري في تخفيف الضغط النفسي عن الحامل، مما ينعكس إيجابياً على صحتها العامة ويقلل من فرص الإصابة بارتفاع أو انخفاض الضغط. من المهم إشراك الشريك في زيارات الطبيب والتخطيط للولادة، وتقديم بيئة منزلية داعمة.

المصادر العلمية

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). Hypertension in Pregnancy Guidelines, 2023.

2. Mayo Clinic. Pregnancy and high blood pressure: Know the signs and complications, 2024.