هشاشة العظام: الأسباب والعلاج

هشاشة العظام: الأسباب، الأعراض، العلاج والوقاية

مقدمة:
هشاشة العظام هي حالة صحية تصيب العظام، حيث تصبح العظام هشة وضعيفة أكثر من الطبيعي، مما يجعلها أكثر عرضة للكسر. وهي مرض صامت، لا تظهر أعراضه في مراحل مبكرة، مما يجعل اكتشافه في الوقت المناسب أمرًا صعبًا. تعد هشاشة العظام من أكثر الأمراض انتشارًا بين كبار السن، خاصة النساء، لكنها قد تصيب الأفراد في أي مرحلة من حياتهم. تكمن خطورة هذا المرض في تزايد فرص الكسور التي قد تحدث نتيجة لحركات بسيطة أو إصابات طفيفة، وقد تكون هذه الكسور خطيرة وتؤثر على جودة الحياة بشكل كبير.

أسباب هشاشة العظام:
تتعدد أسباب الإصابة بهشاشة العظام، وتتراوح بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية التي تؤثر في تكوين العظام.

1. العوامل الوراثية:
   تلعب الوراثة دورًا مهمًا في احتمالية إصابة الفرد بهشاشة العظام. إذا كان أحد أفراد الأسرة قد أصيب بهشاشة العظام، فإن هناك احتمالية أكبر للإصابة بهذا المرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجنس (النساء أكثر عرضة للإصابة) والعرق (الأفراد ذوو الأصول الأوروبية أو الآسيوية معرضون للإصابة أكثر) يعدان من العوامل الوراثية المؤثرة.

2. التقدم في السن:
   مع تقدم العمر، يتناقص كثافة العظام بشكل طبيعي. حيث يبدأ الجسم في امتصاص المعادن والعناصر الأساسية من العظام أكثر من عملية تكوين عظام جديدة. تبدأ كثافة العظام في التناقص تدريجيًا بعد سن الثلاثين، ويزداد هذا التناقص بشكل أسرع لدى النساء بعد انقطاع الطمث بسبب التغيرات الهرمونية.

3. الهرمونات:
   تتأثر هشاشة العظام بشكل كبير بتغيرات الهرمونات، خاصة هرمون الإستروجين عند النساء وهرمون التستوستيرون عند الرجال. حيث يلعب هرمون الإستروجين دورًا كبيرًا في الحفاظ على كثافة العظام. بعد انقطاع الطمث، يقل مستوى الإستروجين بشكل كبير مما يؤدي إلى فقدان العظام بشكل أسرع. كما أن انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون عند الرجال قد يؤدي إلى نفس التأثيرات.

4. نقص التغذية:
   التغذية السليمة تلعب دورًا حاسمًا في صحة العظام. نقص العناصر الأساسية مثل الكالسيوم وفيتامين د يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كثافة العظام وزيادة خطر الإصابة بهشاشتها. الكالسيوم ضروري لبناء العظام، بينما يساعد فيتامين د الجسم في امتصاص الكالسيوم بشكل أفضل.

5. قلة النشاط البدني:
   قلة الحركة والأنشطة البدنية تزيد من خطر هشاشة العظام. العظام تحتاج إلى التحفيز الميكانيكي لبناء نفسها والحفاظ على كثافتها. ممارسة الرياضة، خاصة التمارين التي تحمل الوزن مثل المشي والجري، تساعد في تقوية العظام وتحفيز عملية تكوينها.

6. الأدوية والأمراض المزمنة:
   بعض الأدوية قد تؤدي إلى تقليل كثافة العظام. على سبيل المثال، الأدوية الستيرويدية (الكورتيكوستيرويدات) والتي تستخدم لعلاج الأمراض الالتهابية مثل التهاب المفاصل، يمكن أن تساهم في زيادة فقدان العظام. كما أن الأمراض المزمنة مثل السكري، التهابات الأمعاء، وفرط نشاط الغدة الدرقية قد تؤدي إلى هشاشة العظام.

7. العوامل البيئية:
   التدخين وتناول الكحول من العوامل التي تساهم بشكل كبير في تقليل كثافة العظام. التدخين يعوق الدورة الدموية ويقلل من قدرة العظام على امتصاص المواد الغذائية الهامة، بينما الكحول يمكن أن يؤدي إلى تدهور العظام على المدى البعيد.

أعراض هشاشة العظام:
في المراحل المبكرة من هشاشة العظام، لا تظهر أي أعراض ملحوظة. لكن مع تقدم المرض وتدهور حالة العظام، تبدأ الأعراض في الظهور.

1. الكسور المتكررة:
   غالبًا ما تكون الكسور هي أول علامة على وجود هشاشة العظام. يمكن أن تحدث الكسور بسهولة نتيجة لإصابة بسيطة أو حتى أثناء الأنشطة اليومية مثل السعال أو الانحناء. أكثر الكسور شيوعًا تكون في العمود الفقري، المعصمين، والحوض.

2. ألم في الظهر:
   يحدث ألم في الظهر نتيجة للكسر في الفقرات أو بسبب الضغط على الأعصاب في العمود الفقري. يمكن أن يكون هذا الألم مزمنًا ويؤثر على جودة الحياة بشكل كبير.

3. انخفاض الطول:
   مع تقدم المرض، يمكن أن يحدث انحناء في العمود الفقري أو تدهور في الفقرات مما يؤدي إلى تقليل الطول بشكل تدريجي.

4. التغيرات في وضعية الجسم:
   قد يلاحظ المصاب تغيرات في وضعية جسمه، مثل انحناء الظهر للأمام بشكل غير طبيعي (ما يُعرف بظهور “الحدب” أو “القوس الخلفي”).

تشخيص هشاشة العظام:
يتم تشخيص هشاشة العظام عادةً من خلال فحص كثافة العظام باستخدام اختبار “DEXA” أو “DXA” (المسح المزدوج للأشعة السينية للامتصاص). هذا الاختبار يقيس كثافة العظام ويحدد مدى هشاشتها مقارنة بالحد الطبيعي. يعتبر هذا الفحص غير مؤلم وسريع ويعطي مؤشرات دقيقة حول حالة العظام.

علاج هشاشة العظام:
علاج هشاشة العظام يتضمن مجموعة من الخيارات التي تهدف إلى تحسين كثافة العظام وتقليل خطر الكسور.

1. الأدوية:
   توجد عدة أنواع من الأدوية التي يمكن أن تُستخدم لعلاج هشاشة العظام:

   • البايفوسفونات: مثل الأليندرونات، التي تساعد في تقوية العظام ومنع فقدان الكتلة العظمية.

   • الهرمونات البديلة: قد يُوصى بها خاصة للنساء بعد انقطاع الطمث لتعويض نقص الإستروجين.

   • العلاج بالأجسام المضادة: مثل دينوسوماب، الذي يساعد في تقوية العظام عن طريق تقليل تكسيرها.

   • المكملات الغذائية: مثل الكالسيوم وفيتامين د لتقوية العظام.

2. التمارين الرياضية:
   التمارين التي تحمل الوزن مثل المشي والجري، وكذلك تمارين القوة، تعتبر من أهم العلاجات الطبيعية لزيادة كثافة العظام. تساعد التمارين على تعزيز بناء العظام وزيادة قوتها، كما أنها تساعد في الحفاظ على توازن الجسم وتقليل خطر السقوط.

3. التغذية السليمة:
   الحفاظ على نظام غذائي متوازن يحتوي على الكالسيوم وفيتامين د يعد أمرًا بالغ الأهمية. الكالسيوم يوجد في الأطعمة مثل الحليب ومنتجات الألبان، والخضروات الورقية، والأسماك. بينما يساعد فيتامين د في امتصاص الكالسيوم بشكل أفضل ويُصنع في الجسم عند التعرض لأشعة الشمس.

4. الجراحة:
   في الحالات المتقدمة أو عندما تحدث كسور شديدة تؤثر على جودة الحياة، قد يتطلب الأمر إجراء جراحة لتركيب دعامات أو إجراء عمليات تصحيحية للعمود الفقري.

الوقاية من هشاشة العظام:
الوقاية من هشاشة العظام تبدأ منذ الصغر، من خلال اتباع نمط حياة صحي يتضمن التغذية السليمة والتمارين الرياضية. يمكن للوقاية أن تؤخر أو تمنع تطور المرض في المراحل المبكرة.

1. تناول الكالسيوم وفيتامين د بانتظام:
   من المهم تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د من خلال النظام الغذائي أو المكملات الغذائية. هذه العناصر ضرورية لبناء العظام والحفاظ على قوتها.

2. ممارسة التمارين الرياضية:
   ممارسة الرياضة بانتظام هي وسيلة فعالة للحفاظ على صحة العظام. تمارين القوة، بالإضافة إلى التمارين التي تحمل الوزن، تعد الأكثر فاعلية.

3. الإقلاع عن التدخين والحد من الكحول:
   تجنب التدخين وتقليل استهلاك الكحول يمكن أن يساعد في الحفاظ على كثافة العظام.

الخاتمة:
هشاشة العظام مرض شائع لكنه يمكن الوقاية منه ومعالجته من خلال تبني نمط حياة صحي يتضمن التغذية السليمة والتمارين الرياضية. إذا تم تشخيص هشاشة العظام مبكرًا، يمكن علاجها والحد من تأثيراتها على الحياة اليومية.