4 طرائق لتجاوز الشعور بالإرباك الذي يسبّبه تعدد المهام
في عالم اليوم السريع، أصبح تعدد المهام (أو الـ “Multitasking”) جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. سواء كان في العمل أو في الحياة الشخصية، يجد الكثيرون أنفسهم مضطرين للتعامل مع عدة مهام في وقت واحد. هذا يمكن أن يكون مفيداً في بعض الأحيان، لكن إذا لم يتم إدارته بشكل صحيح، فقد يؤدي إلى الشعور بالإرباك والتشتت، مما يؤثر على الإنتاجية والصحة العقلية. في هذا المقال، سنستعرض أربع طرق فعالة للتغلب على الشعور بالإرباك الناتج عن تعدد المهام، وتحسين الأداء والتركيز.
1. التنظيم المسبق للمهام
أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل تعدد المهام يسبب الإرباك هو غياب التخطيط الجيد. عندما تكون المهام غير منظمة، من السهل أن تشعر بأنك غارق في بحر من المسؤوليات التي لا تنتهي. لذلك، تبدأ أولى الخطوات في التغلب على هذا الشعور بالتنظيم المسبق.
أ. تحديد الأولويات
قبل أن تبدأ في تنفيذ المهام المختلفة، يجب عليك تحديد أولوياتك. على سبيل المثال، ضع قائمة بالمهام التي تحتاج إلى إنجازها وحدد ما هو الأكثر إلحاحاً وما هو الأقل أهمية. أداة “مصفوفة إيزنهاور” تعتبر من الأدوات الفعالة لهذا الغرض، حيث تقوم بتقسيم المهام إلى أربع فئات: عاجلة ومهمة، غير عاجلة ومهمة، عاجلة وغير مهمة، وغير عاجلة وغير مهمة. يساعد هذا التصنيف في تقليل العبء العقلي ويمنحك شعوراً بالتحكم.
ب. تخصيص وقت معين لكل مهمة
إحدى الطرق الفعالة الأخرى هي تخصيص وقت محدد لكل مهمة. بدلًا من محاولة إتمام جميع المهام في وقت واحد، حدد فترات زمنية معينة لكل منها. يساهم ذلك في تقليل الإحساس بالتشتت، حيث أنك تكون في وضع ذهني مهيأ لإنجاز مهمة واحدة فقط. استخدم تقنيات مثل “تقنية بومودورو” التي تعتمد على فترات عمل مركزة من 25 دقيقة تليها استراحة قصيرة، لضمان التركيز.
2. تقليل التشتت من المحيط
تعدد المهام لا يحدث في الفراغ، بل في بيئات مليئة بالتشتت. يمكن أن تكون المحيطات المكتبية، أو حتى المنازل المزدحمة، سببًا رئيسيًا في الإرباك. إن تقليل مصادر التشتت يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل الشعور بالإرباك.
أ. إدارة الأجهزة الذكية
أصبح استخدام الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية الأخرى جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. إلا أن هذه الأجهزة تعد من أكبر مصادر التشتت. إيقاف الإشعارات أو وضع الهاتف على الوضع الصامت أثناء فترات العمل يمكن أن يساعد في تقليل الانقطاعات، وبالتالي يسهل التركيز على المهمة الحالية.
ب. خلق بيئة عمل هادئة
إلى جانب إدارة الأجهزة، من المهم أيضًا أن تحيط نفسك ببيئة تساعد على التركيز. سواء كان ذلك بتقليل الضوضاء باستخدام سماعات عزل الصوت أو تنظيم مساحة العمل بحيث تكون خالية من الفوضى، فإن البيئة المنظمة تساعد في تحسين الأداء العقلي.
3. إدارة الوقت بشكل فعّال
إدارة الوقت هي أحد العوامل الأساسية في التغلب على الشعور بالإرباك الناتج عن تعدد المهام. غالباً ما يسبب تعدد المهام القلق لأن الشخص يشعر أنه لا يمتلك الوقت الكافي لإتمام كل شيء كما ينبغي. ولكن مع إدارة الوقت الجيدة، يمكن تقليل هذا الشعور بشكل كبير.
أ. استخدام تقنيات تخطيط الوقت
العديد من التقنيات تساعد في إدارة الوقت بشكل أفضل. على سبيل المثال، استخدام تقنيات “تقسيم الوقت” (Time Blocking) التي تقوم على تخصيص فترات زمنية معينة لكل مهمة. يمكن أيضًا استخدام “قائمة المهام اليومية” (To-Do Lists) التي تحتوي على مهام واضحة وقابلة للتنفيذ، مما يسهل معرفة ما يجب إنجازه في اليوم.
ب. تطبيق قاعدة 80/20 (قانون باريتو)
من المفيد تطبيق قاعدة 80/20 أو “قانون باريتو” في تنظيم الوقت. تعني هذه القاعدة أن 80% من النتائج التي تحصل عليها تأتي من 20% من الجهود التي تبذلها. عند تنظيم مهامك، ركز على المهام التي تؤدي إلى أكبر قدر من الإنتاجية أو التي لها أكبر تأثير على أهدافك. قم بإتمام هذه المهام أولاً ثم انتقل إلى المهام الأقل أهمية.
4. تعلم فن “الاستراحة الذكية”
فيما يخص تعدد المهام، قد يتسبب إتمام المهام المتعددة دون أخذ فترات راحة في الشعور بالإرهاق العقلي. لا يمكن للدماغ البشري العمل بكفاءة لمدة طويلة دون أن يحتاج إلى فترة استراحة. من هنا تأتي أهمية “الاستراحة الذكية”، وهي ممارسة الفترات الزمنية التي يتم خلالها إعادة شحن الطاقة والتركيز.
أ. أهمية الاستراحات القصيرة
أظهرت الدراسات أن فترات الاستراحة القصيرة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية والتركيز. بعد فترة من العمل المكثف، يمكن أخذ استراحة لمدة 5 إلى 10 دقائق. يمكن أن تتضمن هذه الاستراحة التنقل في مكان آخر أو ممارسة نشاط بدني خفيف مثل التمدد أو المشي القصير. يعيد هذا النشاط الحيوية للدماغ ويمنحه فرصة لاستعادة التركيز.
ب. التغيير بين الأنشطة الذهنية والجسدية
عند إدارة المهام المتعددة، حاول التبديل بين الأنشطة التي تتطلب التركيز الذهني والأنشطة الجسدية. على سبيل المثال، بعد فترة من العمل على الكمبيوتر أو التفاعل مع البيانات، يمكنك أخذ استراحة قصيرة لممارسة الرياضة أو الذهاب في نزهة سريعة. هذا التوازن بين النشاطين يعيد شحن الطاقة العقلية ويقلل من الشعور بالإرباك الناتج عن تعدد المهام.
الخلاصة
تعدد المهام يمكن أن يكون أداة قوية إذا تم استخدامها بشكل صحيح. لكن إذا لم يتم التحكم فيه، فإنه يؤدي إلى مشاعر الإرهاق والتشتت. من خلال التنظيم الجيد للمهام، تقليل التشتت، إدارة الوقت بشكل فعّال، وأخذ استراحات ذكية، يمكنك تجاوز الشعور بالإرباك وتحقيق نتائج أفضل بكثير في حياتك العملية والشخصية.
