القراءة هي واحدة من المهارات الأساسية التي يمكن أن تُحدث فارقاً كبيراً في حياة الفرد، سواء من الناحية الشخصية أو المهنية. لكنها ليست مهارة تأتي بسهولة لدى الكثيرين، خاصة في ظل العوامل المشتتة التي تتسابق على جذب انتباهنا في هذا العصر الرقمي المليء بالمعلومات والأحداث المتسارعة. إذن، كيف يمكننا أن نعود أنفسنا على القراءة؟ الإجابة تتطلب تبني مجموعة من العادات التي تُسهم في تحسين علاقتنا مع الكتب والمقالات والنصوص بشكل عام.
1. تحديد الهدف من القراءة
من أجل النجاح في بناء عادة القراءة، من المهم أن تكون لديك فكرة واضحة عن السبب الذي يجعلك ترغب في القراءة. هل الهدف هو تعلم شيء جديد؟ أم تطوير مهاراتك الفكرية؟ أم ببساطة الاستمتاع بحكاية شيقة؟ تحديد الهدف يساعد في توجيه اهتماماتك واختيار المواد المناسبة للقراءة. يمكنك أن تبدأ بوضع أهداف صغيرة مثل قراءة مقال يومي، أو فصل من كتاب كل أسبوع، ومع الوقت يمكنك تعديل الأهداف لتناسب مستواك واهتماماتك.
2. تخصيص وقت يومي للقراءة
من الضروري أن تُخصص وقتاً يومياً للقراءة. في البداية، قد يكون من المفيد أن تبدأ بفترات قصيرة، مثل 15 دقيقة في اليوم، ثم تزيد هذه المدة تدريجياً حتى تصبح القراءة جزءاً لا يتجزأ من روتينك اليومي. حاول تحديد وقت ثابت للقراءة، سواء كان صباحاً بعد الاستيقاظ أو مساءً قبل النوم، حيث يساعد ذلك في بناء العادة بشكل مستمر.
3. خلق بيئة ملائمة للقراءة
البيئة تلعب دوراً كبيراً في تعزيز عادة القراءة. من الأفضل أن تكون في مكان هادئ بعيداً عن الضوضاء والمشتتات. تأكد من أن المكان الذي تقرأ فيه مريح، مع إضاءة جيدة ومقعد مريح. إذا كنت تقرأ في مكان عام مثل المقهى أو المكتبة، فتأكد من أن البيئة هناك تساهم في زيادة تركيزك وليس في تشتيتك.
4. البدء بكتب أو مواضيع تحبها
أحد الأسباب التي تجعل الكثيرين ينفرون من القراءة هو اختيارهم لكتب أو مواضيع لا تناسب اهتماماتهم. لذلك، من الأفضل أن تبدأ بقراءة كتب أو مقالات تتعلق بمجالات تهمك مثل الأدب، الرياضة، التاريخ، أو حتى الكتب التي تثير فضولك. عندما تجد متعة في القراءة، ستزيد رغبتك في الاستمرار والاطلاع على المزيد. على سبيل المثال، إذا كنت تهتم بالعلوم أو الفلسفة، يمكنك قراءة كتب مبسطة تبدأ بها في هذه المواضيع حتى تصبح أكثر استعداداً للتوسع.
5. استخدام تقنيات القراءة السريعة
إذا كنت تشعر بأنك لا تجد الوقت الكافي للقراءة بسبب انشغالك، يمكنك تعلم تقنيات القراءة السريعة. تساعد هذه التقنيات على زيادة سرعتك في قراءة النصوص مع الحفاظ على الفهم. من خلال تحسين مهاراتك في القراءة السريعة، يمكنك قراءة المزيد من الكتب والمقالات في وقت أقل. يمكنك البدء بتطبيق بعض استراتيجيات القراءة السريعة مثل: التركيز على الجمل المهمة وتجنب العودة لقراءة الجمل السابقة.
6. قراءة بشكل دوري ومنتظم
من أجل أن تصبح القراءة عادة، يجب أن تصبح جزءاً من حياتك اليومية. إذا كانت البداية صعبة، فابدأ بتحديد أيام معينة في الأسبوع للقراءة، وبعد فترة من الزمن، ستشعر أن هذا النشاط أصبح طبيعياً. قد يكون من المفيد أن تضع أهدافاً صغيرة مثل قراءة فصل واحد من كتاب كل أسبوع، ثم تزيد من هذه الأهداف تدريجياً مع تقدمك. المداومة هي المفتاح، ولا تكتفي بالقراءة لمرة واحدة فقط في الأسبوع.
7. استخدام الوسائط المختلفة
إذا كنت تجد صعوبة في القراءة التقليدية، يمكنك استخدام الوسائط المختلفة التي تتيح لك الاطلاع على المواد المكتوبة بطرق متنوعة. على سبيل المثال، يمكنك الاستماع إلى الكتب الصوتية أو المقالات الصوتية أثناء التنقل أو أثناء القيام بالأعمال المنزلية. يوفر العديد من التطبيقات هذه الخدمة مثل “Audible” أو “Google Books”، مما يتيح لك قراءة النصوص بطرق أكثر مرونة.
8. تحديد أهداف قصيرة المدى
لتشجيع نفسك على القراءة بشكل أكبر، يمكنك تحديد أهداف قصيرة المدى، مثل قراءة كتاب في الشهر أو إتمام مجموعة من المقالات أسبوعياً. هذه الأهداف تساعدك في قياس تقدمك وتحقيق شعور بالإنجاز عند الوصول إليها. من خلال تحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، ستجد أنك تبني عادة القراءة بشكل مستمر.
9. تنويع المواد المقروءة
تنويع المواد المقروءة مهم جداً للحفاظ على استمتاعك بالقراءة ومنع الملل. لا تقتصر على نوع واحد من الكتب أو المقالات. جرب قراءة مواضيع مختلفة مثل الفلسفة، العلوم، التاريخ، أو الأدب. هذا التنوع يتيح لك استكشاف مجالات جديدة ويزيد من مستوى التفاعل العقلي لديك. كما أنه يساعد في تدريب عقلك على التركيز والتفكير النقدي من زوايا مختلفة.
10. مشاركة ما قرأته
مشاركة ما قرأته مع الآخرين يمكن أن يكون حافزاً إضافياً للاستمرار في القراءة. سواء عبر الإنترنت أو مع الأصدقاء والعائلة، عندما تشارك ما تعلمته أو ما أثار إعجابك في كتاب أو مقال، ستشعر بأن قراءتك لها قيمة. من خلال النقاشات أو الكتابة عن الكتب التي قرأتها، ستكون أكثر حافزاً للبحث عن كتب جديدة.
11. التخلص من فكرة “القراءة كواجب”
القراءة يجب أن تكون نشاطاً ممتعاً، وليس عبئاً يجب أن تتحمله. لذلك، تجنب تحويل القراءة إلى شيء تشعر بأنه واجب ثقيل. بدلاً من ذلك، حاول أن تجد المتعة في اكتشاف العالم من خلال الكلمات. إن قراءة شيء يثير فضولك أو يشبع شغفك سيساهم في بناء عادة القراءة بطريقة طبيعية.
12. التسجيل في نوادي القراءة
الانضمام إلى نادي قراءة يمكن أن يكون أحد أفضل الطرق لتعزيز عادة القراءة. من خلال الانضمام إلى مجموعة من الأشخاص الذين يشاركونك نفس الاهتمام بالكتب، يمكنك تبادل الآراء والأفكار حول الكتب التي قرأتها، مما سيعزز من تجربتك القرائية ويزيد من شغفك بالمزيد من الكتب.
13. قراءة الكتب المتخصصة
إذا كنت مهتماً في تطوير مهارات أو معرفة متخصصة في مجال معين، قد يكون من المفيد أن تقرأ كتباً متخصصة في هذا المجال. سواء كنت مهتماً بالبرمجة أو الفلسفة أو الإدارة، يمكنك البدء بقراءة الكتب المتخصصة التي تبسط المعلومات وتقدم لك الفوائد العملية.
14. تقييم تقدمك
من الضروري تقييم تقدمك بشكل دوري. بعد فترة من الوقت، قم بتقييم الكتب التي قرأتها وما إذا كنت قد حققت أهدافك التي وضعتها. هذا التقييم يمكن أن يساعدك في ضبط خطتك المستقبلية وتحديد الكتب التي ترغب في قراءتها.
15. الصبر والمثابرة
مثل أي عادة جديدة، فإن بناء عادة القراءة يحتاج إلى وقت وصبر. قد تشعر في البداية ببعض التحديات، لكن مع المثابرة ستشعر بتحسن كبير. استمتع بالعملية ولا تضغط على نفسك لتحقيق نتائج فورية. اجعل القراءة جزءاً من حياتك اليومية وستجد أنها تصبح عادة دائمة.
باتباع هذه النصائح، ستتمكن من العودة إلى القراءة بشكل طبيعي ومستمر، وستلاحظ التحسن الكبير في قدرتك على الفهم والتفاعل مع المعلومات الجديدة. تصبح القراءة مع مرور الوقت جزءاً من حياتك اليومية، وسيتاح لك أن تتمتع بالفوائد الجمة التي تترتب عليها.
