أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية

لماذا الدورة الشهرية غير منتظمة؟

تعتبر الدورة الشهرية من الظواهر الطبيعية التي تمر بها النساء في مرحلة معينة من حياتهن. ولكن، قد تواجه بعض النساء اضطرابات في انتظام الدورة الشهرية، مما يسبب قلقًا واهتمامًا كبيرًا لديهن. تختلف الأسباب التي تؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وقد تتراوح بين الأسباب البسيطة التي يمكن معالجتها بسهولة إلى المشاكل الصحية الأكثر تعقيدًا التي قد تتطلب علاجًا متخصصًا. في هذا المقال، سوف نناقش الأسباب المحتملة لعدم انتظام الدورة الشهرية بالتفصيل وكيفية التعامل مع هذه المشكلة.

1. ما هي الدورة الشهرية؟

الدورة الشهرية هي سلسلة من التغيرات التي تحدث في الجسم، وخاصة في جهاز المرأة التناسلي، استعدادًا للحمل. تبدأ الدورة الشهرية في اليوم الأول من فترة الحيض (النزيف) وتنتهي قبل بدء النزيف التالي. تتراوح مدة الدورة الشهرية بين 21 و35 يومًا، بينما يكون متوسط الدورة الشهرية 28 يومًا. ومع ذلك، يعتبر أي شيء بين 21 و35 يومًا طبيعيًا طالما كانت الدورة ثابتة وتظهر بشكل منتظم.

الدورة الشهرية تتضمن أربع مراحل رئيسية:

1. المرحلة الحيضية: تبدأ هذه المرحلة مع بداية نزول الحيض، وتستمر لمدة 3-7 أيام.

2. المرحلة الجريبية: يحدث خلالها نضج البويضة في المبيض.

3. المرحلة التبويضية: يتم خلالها تحرير البويضة من المبيض.

4. المرحلة الأصفيرية: في هذه المرحلة، إذا لم يحدث حمل، يتم فقدان البويضة وتنتهي الدورة الشهرية.

عندما يحدث أي اضطراب في هذه المراحل، يمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم انتظام الدورة الشهرية.

2. أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية

أ. الاضطرابات الهرمونية

أحد الأسباب الرئيسية لعدم انتظام الدورة الشهرية هو وجود اضطراب في مستوى الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية، مثل هرموني الإستروجين والبروجستيرون. يمكن أن تؤثر التغيرات في مستويات هذه الهرمونات على الإباضة، وبالتالي على انتظام الدورة الشهرية.

• متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS): تعد هذه الحالة من أكثر أسباب اضطرابات الدورة الشهرية شيوعًا. في هذه الحالة، لا تتمكن المرأة من إنتاج بويضة ناضجة كل شهر، مما يؤدي إلى توقف الإباضة وبالتالي عدم انتظام الدورة الشهرية.

• فشل المبيض المبكر: يحدث عندما تتوقف المبايض عن العمل قبل سن الأربعين، مما يؤدي إلى انقطاع الطمث المبكر وغياب الدورة الشهرية.

ب. التوتر النفسي والضغوط النفسية

تؤثر الحالة النفسية بشكل مباشر على مستوى الهرمونات في الجسم، بما في ذلك تلك المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية. التوتر النفسي والضغوط الحياتية قد تؤدي إلى تغييرات في مستوى الهرمونات، مما يسبب تأخر أو عدم انتظام الدورة الشهرية. تأثير التوتر على الدورة الشهرية قد يختلف من امرأة إلى أخرى، حيث قد يعاني البعض من تأخير في الدورة الشهرية أو قد يواجهون فترات حيض متقاربة أو متباعدة.

ج. التغيرات في الوزن

قد تؤدي التغيرات الكبيرة في الوزن، سواء كانت زيادة مفرطة أو فقدان مفاجئ للوزن، إلى حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية. على سبيل المثال، يؤدي فقدان الوزن الشديد، سواء نتيجة للحمية القاسية أو اضطرابات الطعام مثل فقدان الشهية، إلى نقص الدهون في الجسم، وهو ما قد يؤثر على قدرة المبايض على إنتاج الهرمونات اللازمة للإباضة. من ناحية أخرى، فإن زيادة الوزن بشكل مفرط، خاصة إذا كانت مرتبطة بتراكم الدهون في منطقة البطن، قد تؤدي إلى خلل في مستوى الهرمونات وبالتالي اضطراب الدورة الشهرية.

د. تغييرات في نمط الحياة

التغييرات الكبيرة في نمط الحياة يمكن أن تؤثر أيضًا على الدورة الشهرية. قد تتسبب التغيرات في الجدول الزمني للعمل أو الدراسة، أو تغيرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، أو البدء في ممارسة التمارين الرياضية بشكل مكثف في تأخير أو تعديل الدورة الشهرية. كما أن التغيرات في السفر، خاصة إذا كانت تؤثر على توقيت الساعة البيولوجية للجسم، قد تكون عاملًا مساهمًا في هذه الاضطرابات.

هـ. اضطرابات الغدة الدرقية

تعد الغدة الدرقية أحد الأجهزة الهامة في الجسم التي تؤثر بشكل مباشر على وظائف عديدة، بما في ذلك تنظيم الدورة الشهرية. إذا كانت الغدة الدرقية تعمل بشكل غير طبيعي، سواء كان ذلك بسبب فرط النشاط أو خمول الغدة، فقد يؤدي ذلك إلى تغيرات في الدورة الشهرية. في حالة فرط نشاط الغدة الدرقية، قد تصبح الدورة الشهرية قصيرة أو غير منتظمة، بينما قد يحدث العكس في حالة خمول الغدة الدرقية، حيث تصبح الدورة الشهرية غزيرة أو طويلة.

و. استعمال وسائل منع الحمل

قد تؤثر وسائل منع الحمل المختلفة، سواء كانت الحبوب أو اللولب أو الحقن الهرمونية، على الدورة الشهرية. بعض النساء قد يعانين من تغييرات في الدورة الشهرية بعد البدء في استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية، مثل غياب الدورة الشهرية أو تقليل تدفق الدم. في بعض الحالات، قد يستغرق الجسم بعض الوقت للتكيف مع هذه الوسائل، مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات مؤقتة في الدورة الشهرية.

ز. الحمل والرضاعة

من الطبيعي أن تختفي الدورة الشهرية خلال فترة الحمل، حيث يتم إيقاف الإباضة بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في جسم المرأة. بعد الولادة، قد تواجه بعض النساء اضطرابات في الدورة الشهرية، خاصة إذا كانت المرأة تقوم بالرضاعة الطبيعية، حيث تؤدي الهرمونات المرتبطة بالرضاعة إلى تأخير بدء الدورة الشهرية مرة أخرى. يمكن أن تستغرق هذه الفترة عدة أشهر قبل أن تستعيد المرأة دورة شهرية منتظمة.

ح. سن اليأس

عند اقتراب المرأة من سن اليأس (الذي يحدث عادة بين سن 45 و55 عامًا)، تبدأ الدورة الشهرية في الانخفاض تدريجيًا وتصبح غير منتظمة. هذا التغيير هو نتيجة للتقليل التدريجي في إنتاج الهرمونات المسؤولة عن الدورة الشهرية، مثل الإستروجين. قد تستمر الدورة الشهرية غير المنتظمة لعدة سنوات قبل أن تنقطع تمامًا، وهو ما يعرف بانقطاع الطمث.

ط. الأمراض المزمنة أو العوامل الوراثية

بعض الأمراض المزمنة، مثل السكري، أو الأمراض الالتهابية، قد تؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية. من ناحية أخرى، قد تكون العوامل الوراثية عاملاً مهمًا في حدوث اضطرابات الدورة الشهرية، حيث قد تكون بعض النساء أكثر عرضة لهذه الاضطرابات بسبب تاريخ عائلي من مشاكل مماثلة.

3. تشخيص عدم انتظام الدورة الشهرية

إذا كانت الدورة الشهرية غير منتظمة أو إذا كانت المرأة تشعر بقلق حيال ذلك، فمن الضروري استشارة الطبيب للحصول على التشخيص الصحيح. قد يتطلب التشخيص فحوصات مختلفة مثل:

• الفحص البدني: لفحص أي علامات قد تشير إلى وجود مشاكل صحية.

• الاختبارات الهرمونية: لقياس مستويات الهرمونات مثل الإستروجين، البروجستيرون، والهرمون المنبه للجريب.

• السونار أو الأشعة فوق الصوتية: لفحص المبايض والرحم.

• اختبارات الدم: للتحقق من وجود أمراض مزمنة مثل السكري أو اضطرابات الغدة الدرقية.

4. علاج عدم انتظام الدورة الشهرية

تعتمد طريقة العلاج على السبب الكامن وراء عدم انتظام الدورة الشهرية. في بعض الحالات، قد يتم معالجة المشكلة من خلال تغييرات في نمط الحياة مثل تحسين النظام الغذائي أو تقليل التوتر. في حالات أخرى، قد يتطلب العلاج أدوية لتنظيم الهرمونات أو معالجة الأمراض الأساسية مثل متلازمة المبيض المتعدد الكيسات أو اضطرابات الغدة الدرقية.

• تنظيم الدورة الشهرية باستخدام الأدوية: قد يصف الطبيب الأدوية الهرمونية مثل حبوب منع الحمل أو العلاج بالهرمونات البديلة.

• العمليات الجراحية: في بعض الحالات مثل الأورام الليفية أو متلازمة المبيض المتعدد الكيسات، قد يكون من الضروري إجراء جراحة.

5. الوقاية والتعايش مع عدم انتظام الدورة الشهرية

من المهم الحفاظ على نمط حياة صحي يتضمن نظامًا غذائيًا متوازنًا وممارسة الرياضة بانتظام. أيضًا، يمكن أن تساعد تقنيات إدارة التوتر مثل التأمل أو اليوغا في تحسين الحالة النفسية والعاطفية، مما يمكن أن يساهم في انتظام الدورة الشهرية.