كيفية التعامل مع الطِّباع الحادة

كيف تتعامل مع أصحاب الطِّباع الحادّة وصعبي المراس؟

يعد التعامل مع الأشخاص ذوي الطِّباع الحادّة وصعبي المراس من أكثر التحديات النفسية والاجتماعية التي قد يواجهها الفرد في حياته اليومية. هذا النوع من الأشخاص يميلون إلى أن يكونوا سريعو الغضب، حساسون جداً تجاه الانتقادات، ويصعب التفاهم معهم في كثير من الأحيان. قد يكون التعامل معهم في بيئة العمل، أو داخل الأسرة أو في الدوائر الاجتماعية المختلفة مصدرًا للإجهاد والصراع. من هنا، يصبح من المهم تعلم استراتيجيات فعّالة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص، بهدف الحفاظ على علاقات صحية ومستقرة.

1. فهم طبيعة الطِّباع الحادّة

قبل أن تبدأ في التعامل مع الأشخاص ذوي الطِّباع الحادّة، من المهم أن تفهم طبيعة هذه الطِّباع. الأشخاص الذين يمتلكون طِّباعًا حادة يتمتعون غالبًا بمستويات عالية من العاطفة والمشاعر القوية. قد يكون لديهم حاجة ملحة للسيطرة على المواقف أو التأكيد على آرائهم بطريقة حازمة، ما قد يؤدي إلى تفاعلات شديدة في بعض الأحيان. الطِّباع الحادّة ليست بالضرورة سمة سلبية فحسب، بل يمكن أن تكون مؤشرًا على أشخاص حيويين، لديهم شغف ورغبة قوية في تحقيق أهدافهم.

لكن هذه الطِّباع قد تخلق بيئة متوترة بين الشخصيات المختلفة، خصوصًا إذا كان الطرف الآخر لا يقدر أو لا يفهم تلك التصرفات. لذا، فهم الشخص صاحب الطباع الحادة هو الخطوة الأولى نحو تيسير التفاعل معه.

2. التحكم في ردود الفعل الشخصية

أحد العوامل الأساسية للتعامل مع أصحاب الطِّباع الحادة هو التحكم في ردود الفعل الشخصية. في كثير من الأحيان، تزداد الصراعات عندما يرد الطرف الآخر بنفس الدرجة من الحدة أو الدفاعية. لذلك، من المهم أن تبقى هادئًا وأن تحاول ضبط أعصابك في الأوقات التي تزداد فيها التوترات. هذا لا يعني أنك يجب أن تكون غير مهتم أو متجاهلًا، بل يعني أنك تختار الرد بتروٍ وعدم الانجرار إلى المشاعر السلبية.

قد يتطلب ذلك تقنيات مثل التنفس العميق، أو أخذ استراحة قصيرة قبل الرد، أو حتى استخدام تقنيات مثل العد حتى عشرة قبل الرد على أي استفزاز. كما أن استخدام نبرة هادئة ومحايدة في الحديث مع الأشخاص ذوي الطِّباع الحادّة يمكن أن يقلل من فرص التصعيد.

3. استخدام الاستماع الفعّال

أحد المفاتيح المهمة في التعامل مع الأشخاص الذين يعانون من الطِّباع الحادة هو إظهار الاستماع الفعّال لهم. في كثير من الأحيان، لا يكون لديهم الرغبة في أن يقال لهم ما يجب عليهم فعله أو كيف يفكرون. بدلاً من ذلك، يمكن أن يشعروا بأنهم أكثر احترامًا إذا أتيحت لهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون أن يُقاطعوا أو يُنتقدوا.

استماعك لهم ليس مجرد الاستماع للأصوات، بل هو محاولة لفهم دوافعهم ومشاعرهم، حتى لو بدوا عنيفين أو غير منطقيين في بعض الأحيان. من خلال الاستماع بصدق واهتمام، تُظهر للشخص الآخر أنك تحترم وجهة نظره، وهذا قد يساهم في تخفيف توتر الموقف.

4. تحديد الحدود بوضوح

أحد الأساليب الفعّالة في التعامل مع الأشخاص صعبي المراس هو تحديد الحدود بشكل واضح وثابت. في حال تصرف الشخص الآخر بطريقة عدوانية أو غير لائقة، يجب أن تكون مستعدًا لوضع حدود للحفاظ على احترامك لذاتك. تأكد من توصيل هذه الحدود بطريقة هادئة، لكن حازمة. على سبيل المثال، يمكن أن تقول شيئًا مثل: “أفهم أنك غاضب، ولكن لا أسمح بأن يتم التعامل معي بهذه الطريقة”. يساعد ذلك في الحفاظ على توازن العلاقة ويعزز الاحترام المتبادل.

5. تجنب المواجهات المباشرة

في الكثير من الحالات، يكون الأشخاص ذوو الطباع الحادة أقل قدرة على تحمل الانتقادات أو المواجهات المباشرة. بدلاً من الدخول في مواجهة مباشرة معهم، يمكن أن يكون من الأفضل استخدام أسلوب “التهدئة” أو اللجوء إلى المحادثات غير المباشرة.

على سبيل المثال، إذا كنت مضطراً لإخبار شخص ذو طباع حادة بخطأ ارتكبه، يمكن أن تختار توقيتًا مناسبًا حيث يكون الشخص في حالة مزاجية هادئة، أو يمكنك الإشارة إلى الأمر بلطف، مع التركيز على الحل بدلاً من اللوم.

6. التحلي بالصبر والتعاطف

من أبرز المهارات التي يمكن أن تساعد في التعامل مع الأشخاص ذوي الطباع الحادة هي التحلي بالصبر والتعاطف. هؤلاء الأشخاص قد يعانون من مشاعر عدم الأمان أو الضغوط النفسية التي تجعلهم يظهرون بمظهر صعب المراس. بدلاً من الشعور بالإحباط أو الغضب بسبب سلوكهم، حاول أن تتعاطف معهم وتفهم الأسباب التي تقف وراء تصرفاتهم.

قد يكون لديهم تجارب مؤلمة أو خلفيات عائلية أو اجتماعية تساهم في تكوين شخصيتهم الحادة. عندما تحاول فهم هذا السياق، يمكنك التعامل معهم بتعاطف أكبر، مما يعزز فرص بناء علاقة أقوى وأكثر إيجابية.

7. تحديد وقت مناسب للتعامل

أحيانًا، قد يكون أفضل حل هو انتظار اللحظة المناسبة للتفاعل مع الأشخاص ذوي الطباع الحادة. قد يكون الشخص في لحظة غضب أو قلق عندما يكون من الصعب الوصول إلى تفاهم معه. إذا كنت تعرف أن الشخص في حالة مزاجية متقلبة، قد يكون من الأفضل أن تنتظر حتى يهدأ قبل مناقشة مواضيع حساسة.

8. العمل على تقوية مهارات الاتصال غير اللفظي

في التعامل مع الأشخاص صعبي المراس، لا تقتصر أهمية الاتصال على الكلمات فقط. لغة الجسد، مثل تعابير الوجه، وضع الجسم، ونبرة الصوت، تلعب دورًا هامًا في كيفية فهم رسالتك من قبل الشخص الآخر. على سبيل المثال، قد تُظهر وضعية جسد مفتوحة واهتماماً من خلال التفاعل البصري، مما يشير إلى أنك مهتم بما يقوله الشخص الآخر، حتى لو كنت لا توافقه الرأي.

9. تجنب التأثر الشخصي والتواصل بموضوعية

أحد التحديات الكبرى في التعامل مع الأشخاص ذوي الطِّباع الحادّة هو أن الكثير من التفاعلات قد تُسحب إلى المستوى الشخصي. قد يتعامل الشخص الآخر مع المواقف بشكل عاطفي جداً، مما يجعلك تشعر بأنهم يهاجمونك بشكل مباشر. في هذه الحالات، يجب أن تظل موضوعيًا وتحافظ على مسافة عاطفية.

بدلاً من الرد على الهجوم أو الانتقاد بشكل عاطفي، من الأفضل أن تظل موضوعيًا وتحاول إقناع الشخص الآخر باستخدام الأدلة أو المواقف الموضوعية التي تدعم وجهة نظرك.

10. التركيز على الحلول بدلًا من التوترات

عند التعامل مع الأشخاص ذوي الطِّباع الحادّة، قد تكون النقاشات محورية. بدلاً من التركيز على الاختلافات أو الإشكاليات، حاول توجيه المحادثة نحو الحلول. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل التوترات وتحويل النقاشات إلى فرص للتعاون والاتفاق.

11. في النهاية، تقبل أن التغيير قد يكون بطيئًا

التعامل مع أصحاب الطِّباع الحادة قد يتطلب وقتًا طويلًا، وربما يتطلب تغييرًا تدريجيًا في سلوكهم. من المهم أن تدرك أن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، وأن الشخص الذي يعاني من طباع حادة قد يحتاج إلى وقت ليكتسب أدوات جديدة للتعامل مع مشاعره وتفاعلاته.

لذلك، التحلي بالصبر هو أمر حيوي.