كيفية استجابة الدعاء بسرعة

كيف يستجاب الدعاء بسرعة: أسباب وطرق تحصيل استجابة الدعاء

الدعاء هو عبادة عظيمة وأحد ألوان التواصل الروحي المباشر بين العبد وربه، وهو سلاح المؤمن الذي يلجأ إليه في الأوقات الصعبة والمواقف المتأزمة. يعتبر الدعاء جزءًا أساسيًا من الحياة الإسلامية، فبه يتوسل المسلم إلى الله لتحقيق حاجاته ورغباته، سواء كانت مادية أو معنوية، ويتوجه به طلبًا للمغفرة والرحمة والنجاة من المصائب. في هذا المقال، سنتناول كيفية الاستجابة السريعة للدعاء وأسبابها وطرق تحصيلها وفقًا لتوجيهات الشريعة الإسلامية.

1. الإخلاص في الدعاء

أول وأهم شروط استجابة الدعاء بسرعة هو الإخلاص. يجب على المسلم أن يدعو الله سبحانه وتعالى بكل صدق وإخلاص في قلبه، وأن يكون دعاؤه نابعًا من صميم قلبه بعيدًا عن الرياء أو السعي لنيل إعجاب الآخرين. الله سبحانه وتعالى يعلم ما في الصدور ويستجيب للعباد الذين يدعونه بصدق ويقين. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا دعوتم الله فأنتم تقرؤون على الله من سمعه” (رواه أحمد).

الإخلاص يعني أن المسلم يخلص لله في جميع أعماله، سواء في العبادة أو الدعاء، ويبتعد عن أي نوع من أنواع الشرك أو الرياء. عندما يتوجه العبد إلى الله بإخلاص، فإنه بذلك يعبر عن طاعته وحبه لله، مما يجعل استجابته أقرب.

2. التضرع والذل لله

الذل والتضرع لله من الأسباب القوية لاستجابة الدعاء بسرعة. عندما يدعو المؤمن الله وهو في حالة من الخشوع والذل، ويشعر بعجزه الكامل عن حل مشكلاته إلا بتوفيق الله ورحمته، يكون دعاؤه أكثر قربًا لله. الدعاء في هذه الحالة هو اعتراف صادق بعجز الإنسان واحتياجه لرحمة الله.

وقد ورد في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يتضرع إليه عباده في أوقات الشدة والرخاء على حد سواء. قال تعالى: “ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” (غافر: 60). التضرع يعني الافتقار إلى الله وطلب العون منه دون وسيلة أو واسطة.

3. استقبال القبلة ورفع اليدين

من السنن المعروفة في الدعاء أن يستقبل المسلم القبلة ويرفع يديه أثناء الدعاء. هذا الفعل يعد من آداب الدعاء المستحبّة التي تزيد من إقبال الله على دعاء عبده. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في الدعاء، وقد كان يقول: “اللهم ارفع لنا ما نزل بنا من بلاء” (رواه البخاري).

الرفع باليدين يُظهر الطاعة والطلب من الله بشكل ظاهر، وهذا يعد من الأساليب التي تزيد من قبول الدعاء. إضافةً إلى ذلك، يُستحب أن يتوجه المسلم إلى القبلة لأنها المكان الذي أذن الله فيه لعباده بالتوجه إليه في الصلاة والدعاء.

4. الاستمرار في الدعاء وعدم الاستعجال

من الخطأ أن يعتقد المسلم أن الدعاء يجب أن يُستجاب فورًا، بل ينبغي على المسلم أن يتحلى بالصبر والاستمرار في الدعاء. قد تستغرق استجابة الدعاء وقتًا طويلاً أو قد يكون هناك تأجيل لتحقيق الاستجابة لحكمة يعلمها الله.

النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يستجاب لأحدكم ما لم يعجل” (رواه البخاري). لذلك، يجب على المسلم أن يتذكر أن استجابة الدعاء قد تكون delayed، ولكنها في النهاية ستأتي، إما في الدنيا أو في الآخرة. ربما تأخير الاستجابة يحمل في طياته حكمة لا يدركها الإنسان في حينها.

5. الدعاء في الأوقات المباركة

هناك أوقات وأماكن يعتبر فيها الدعاء أقرب إلى الإجابة. من أبرز هذه الأوقات:

• الثلث الأخير من الليل: حيث يُستجاب الدعاء في هذا الوقت المبارك، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “ينزل الله عز وجل في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه” (رواه مسلم).

• يوم الجمعة: في يوم الجمعة هناك ساعة استجابة لا يرد فيها الدعاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا إلا آتاه إياه” (رواه مسلم).

• بين الأذان والإقامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة” (رواه الترمذي).

• بعد الصلاة المفروضة: الدعاء بعد الصلوات المفروضة وخاصة بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء.

6. تحري الحلال في الطعام والشراب

من الأسباب التي تؤثر على استجابة الدعاء هو طهارة مصدر الرزق. إذا كان الإنسان يأكل ويشرب من مصدر حلال، فإن هذا يؤثر إيجابيًا على قبول الدعاء. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا” (رواه مسلم).

وبناءً عليه، يجب على المسلم أن يحرص على أن يكون رزقه من مصدر حلال، وألا يتناول إلا ما هو طيب، فذلك له تأثير إيجابي على استجابة دعائه.

7. الدعاء في الأوقات التي يشعر فيها المؤمن بحاجته الشديدة

من الأوقات التي يستحب فيها الدعاء، الوقت الذي يشعر فيه المؤمن بحاجته الشديدة، مثل المرض أو الفقر أو الهم. في هذه الحالات، يكون الدعاء أكثر قبولًا لأن العبد يرفع يديه إلى الله وهو في أشد حالات الضعف.

وقد ورد في الحديث الشريف: “من يرد الله به خيرًا يصب منه” (رواه البخاري)، أي أن المصائب والابتلاءات قد تكون وسيلة للتقرب إلى الله وطلب رحمته.

8. الابتعاد عن المعاصي والذنوب

إن المعاصي والذنوب تشكل حاجزًا بين العبد وبين استجابة الدعاء. يقول الله تعالى: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” (غافر: 60). فكلما ابتعد العبد عن المعاصي وتاب إلى الله، كان دعاؤه أقرب إلى الإجابة.

9. التوبة والاعتراف بالذنب

من الأسباب التي تسرع استجابة الدعاء هي التوبة الصادقة والاعتراف بالذنب أمام الله. إن التوبة الصادقة تجعل العبد في حال من التواضع والخشوع أمام الله، مما يؤدي إلى استجابة دعائه.

قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا” (الفرقان: 70).

10. الإكثار من الدعاء في السراء والضراء

من أفضل العوامل التي تسرع استجابة الدعاء هي الإكثار منه في جميع الأوقات. إن الدعاء في السراء كما في الضراء يزيد من تقرب العبد إلى الله، كما أنه يجعل المسلم في حالة من الإيمان المتواصل بقدرة الله على إجابة الدعاء.

خلاصة القول، الدعاء هو عبادة عظيمة، ولها أثر كبير في حياة المسلم. من خلال الإخلاص في الدعاء، والمواظبة عليه، والالتزام بما ورد من آداب له، يمكن للمؤمن أن يتأكد من أن دعاءه سيستجاب، سواء بشكل سريع أو بعد فترة.