متى يجلس الطفل؟ مراحل التطور

متى يجلس الطفل؟

من اللحظات الأولى التي يشهد فيها الوالدان نمو طفلهما، يتسائلان عن العديد من الأمور المتعلقة بالتطور الحركي للطفل، ومن بينها الجلوس. يعتبر الجلوس أحد المعالم الهامة في التطور الحركي للطفل، حيث يتطلب هذا المهارة تنسيقًا بين العضلات، والتوازن، والتركيز العصبي، وهو ما يختلف من طفل لآخر.

تطور الجلوس عند الأطفال ليس عملية فورية أو مفاجئة، بل يحدث تدريجيًا وفقًا لعدة عوامل، أهمها النمو البدني، والقدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة. في هذا المقال، سنغطي بالتفصيل المراحل التي يمر بها الطفل قبل أن يستطيع الجلوس بشكل مستقل، بالإضافة إلى العوامل التي تؤثر في هذه العملية.

1. مراحل تطور الجلوس عند الأطفال

المرحلة الأولى: رفع الرأس والاستناد على الأيدي

يبدأ الطفل في الأسابيع الأولى من حياته بمحاولة رفع رأسه عند الاستلقاء على بطنه. في البداية، تكون هذه الحركة محدودة وصعبة، ولكن مع مرور الوقت وتطور القوة العضلية، يصبح الطفل قادرًا على رفع رأسه لأعلى لفترة أطول. يعتبر رفع الرأس من أولى المهارات التي تساهم في تحسين التوازن العضلي الذي سيساهم في الجلوس لاحقًا.

المرحلة الثانية: التفاعل مع البيئة من خلال الجلوس المدعوم

في حوالي الشهر الرابع، يبدأ الطفل في اكتساب القدرة على الاستناد على يديه عندما يكون جالسًا مع دعم. قد يحتاج الوالدان إلى دعم جسم الطفل بوضعه في وضعية الجلوس باستخدام الوسائد أو الإمساك به بلطف. في هذه المرحلة، يبدأ الطفل في تحسين التنسيق بين يديه وجسمه ويطور عضلاته الجذعية التي ستساعده في الجلوس بشكل مستقل في المستقبل.

المرحلة الثالثة: الجلوس مع دعم خفيف

بحلول الشهر السادس، يبدأ العديد من الأطفال في الجلوس بشكل شبه مستقل ولكن لا يزالون بحاجة إلى دعم خفيف من خلال وضع بعض الوسائد أو مسكهم عند الجوانب. يمكن أن يجلس الطفل لبضع دقائق في هذا الوضع قبل أن ينهار إلى الأمام أو إلى الوراء، لكن قدرة الطفل على الحفاظ على وضع الجلوس لفترة أطول تبدأ في التحسن مع مرور الوقت.

المرحلة الرابعة: الجلوس المستقل

يعتبر الجلوس بشكل مستقل من أهم المعالم في تطور الطفل. يتراوح هذا العمر عادة بين 6 إلى 8 أشهر، حيث يبدأ الطفل في الجلوس لفترات أطول دون دعم. خلال هذه المرحلة، تبدأ العضلات المركزية في الجسم في التحسن بشكل كبير، مما يساعد الطفل على الحفاظ على توازنه أثناء الجلوس. قد لا تكون هذه القدرة مستقرة على الفور، ولكن مع التدريب والممارسة، يصبح الجلوس أمرًا طبيعيًا بالنسبة له.

المرحلة الخامسة: اللعب أثناء الجلوس

بعد أن يصبح الطفل قادرًا على الجلوس مستقلاً، يبدأ في اكتشاف بيئته من خلال اللعب أثناء الجلوس. هذه المرحلة تمثل بداية الاستكشاف الاجتماعي والفكري، حيث يبدأ الطفل في استخدام يديه للعب بالألعاب الصغيرة أو محاولة التقاط الأشياء من حوله. يساهم هذا النشاط في تطوير التنسيق بين العينين واليدين.

2. العوامل المؤثرة في تطور الجلوس عند الطفل

1. القوة العضلية والقدرة البدنية

من العوامل الأساسية التي تؤثر في القدرة على الجلوس هي قوة عضلات الطفل. إن عضلات الجذع والرقبة تتطلب تدريبًا مستمرًا حتى تصبح قوية بما يكفي لدعم الجسم في وضعية الجلوس. تبدأ هذه العضلات في التطور من خلال الحركات الطبيعية مثل التمدد على البطن ورفع الرأس، مما يسهم في تعزيز هذه القدرة.

2. وزن الطفل

الوزن يلعب دورًا كبيرًا في قدرة الطفل على الجلوس. الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن قد يواجهون تحديات أكبر في تطوير المهارات الحركية الأساسية، بما في ذلك الجلوس. في المقابل، الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن قد يواجهون صعوبة في تنمية القوة العضلية اللازمة لدعم وضع الجلوس المستقل.

3. البيئة المحيطة

البيئة التي ينمو فيها الطفل تلعب دورًا مهمًا في تطوير مهاراته الحركية. الأطفال الذين يتعرضون للكثير من التفاعل الحركي والنشاط البدني، مثل الزحف واللعب، يتطورون بشكل أسرع في الجلوس. كما أن توافر الفرصة للطفل للتمدد على بطنه أو التدحرج يساعد في تقوية العضلات التي ستحتاجها في الجلوس المستقل.

4. النمو العصبي

النمو العصبي هو عامل حاسم في تطور الجلوس. يجب أن يكون الدماغ قادرًا على تنسيق الحركات العضلية مع الإشارات العصبية المناسبة. التأخر في النمو العصبي قد يؤدي إلى تأخير في المهارات الحركية مثل الجلوس. إذا كانت هناك أي مخاوف بشأن التأخر في التطور العصبي، يجب استشارة طبيب الأطفال لتقييم الحالة.

5. الوراثة

تلعب الوراثة دورًا في تحديد سرعة تطور الطفل الحركي. قد يكون بعض الأطفال قادرين على الجلوس في وقت مبكر نظرًا للوراثة العائلية التي تتسم بتطور سريع في المهارات الحركية، بينما قد يتأخر الآخرون. لا داعي للقلق إذا كان طفلك يختلف عن أطفال آخرين في توقيت الجلوس، فهذا يمكن أن يكون مجرد جزء من اختلافات النمو الطبيعية.

3. مؤشرات تأخر الجلوس

بعض الأطفال قد يواجهون تأخيرًا في الجلوس بسبب مجموعة من الأسباب، مثل مشكلات في التنسيق العضلي أو ضعف في عضلات الجذع. إذا تأخر الطفل عن الجلوس بشكل مستقل بعد سن 9 أشهر، فقد يكون من المفيد استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تؤثر على تطوره.

من الممكن أن تشمل الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخير في الجلوس ما يلي:

• مشاكل في العضلات أو الهيكل العظمي.

• تأخر النمو العصبي.

• قلة النشاط البدني أو فرص اللعب.

• اضطرابات في التنسيق بين العين واليد.

4. نصائح لمساعدة الطفل على الجلوس

1. تشجيع الطفل على التمدد على بطنه

من المهم تشجيع الطفل على قضاء وقت طويل في وضعية التمدد على بطنه. هذا يساعد في تقوية عضلات الرقبة والجذع التي سيحتاجها لاحقًا للجلوس. يمكن أن يكون هذا التمرين بسيطًا مثل وضع الطفل على بطنه لبعض الوقت كل يوم.

2. تقديم الألعاب التي تشجع على الجلوس

تقديم الألعاب التي تدفع الطفل للجلوس، مثل الألعاب التي يمكنه الوصول إليها أثناء جلوسه أو الألعاب التي تستدعي التفاعل من الوضعية الجالسة، يمكن أن يساعد في تعزيز التنسيق بين العضلات ورفع مستويات التوازن.

3. توفير بيئة آمنة

تأكد من أن البيئة المحيطة بالطفل آمنة لدعمه أثناء تعلم الجلوس. يمكن وضع وسائد حول الطفل للحفاظ على استقراره ومنع الإصابات أثناء المراحل الأولى من الجلوس المستقل.

4. مراقبة التطور عن كثب

راقب تطور الطفل بشكل مستمر وكن على دراية بأي تغييرات قد تشير إلى وجود مشكلة في تطوره الحركي. إذا كان الطفل لا يظهر أي رغبة في الجلوس أو يواجه صعوبة في الوصول إلى هذه المرحلة، فإن استشارة الطبيب المتخصص قد تكون خطوة مهمة.

5. الخلاصة

الجلوس هو مهارة حركية مهمة في رحلة نمو الطفل. من خلال المراحل المتتابعة التي تبدأ من رفع الرأس وصولًا إلى الجلوس المستقل، يمر الطفل بتطور كبير في قدراته الحركية والعصبية. في حين أن هناك بعض الاختلافات في توقيت الجلوس من طفل لآخر، فإن التفاعل مع البيئة، وتوفير الدعم البدني، ومراقبة التطور العصبي، كلها عوامل تساهم في تمكين الطفل من الجلوس بشكل مستقل.