في إحدى الزوايا البعيدة من السماء اللامتناهية، تتلألأ نجمة تُعرف باسم HD 158259 ببريقها الخافت الذي يبلغ درجة لمعانه 6.47915، مما يجعلها ضمن النجوم القريبة منا. تحمل هذه النجمة في أحضانها عالمًا غامضًا يُدعى HD 158259 b، والذي يُصنف ضمن فئة الكواكب الضخمة المعروفة بـ “الأرض العظيمة” أو Super Earth.
تم اكتشاف هذا العالم الغامض في عام 2020، ومنذ ذلك الحين أصبح محط اهتمام المستكشفين الفضائيين وعلماء الفلك حول العالم. يقع HD 158259 b على بُعد يبلغ حوالي 88.0 سنة ضوئية منا، مما يجعله واحدًا من الجيران الفضائيين القريبين الذين نتواصل معهم عبر لغة الفضاء المليئة بالألغاز والعجائب.
تتمتع هذه العملاقة الفضائية بخصائص فريدة تثير الفضول والتساؤلات، حيث يبلغ معامل كتلتها 2.22 مرة من كتلة الأرض، وهو معامل يبرز قوة جاذبيتها الهائلة والتي تختلف بشكل ملحوظ عن تلك التي نعيشها على كوكبنا الأم.
فيما يتعلق بحجمها، يظهر HD 158259 b بأبعاد تُعتبر ملتصقة بتلك الخاصة بالأرض، إذ يبلغ معامل نصف قطرها 1.292 مرة مقارنة بنصف قطر كوكبنا. يُضفي هذا الاختلاف في الأبعاد لمسة من التفرد والتميز على هذا الكوكب الضخم في عالم الكواكب الفضائية.
تجمع HD 158259 b حول نجمها الأم في مدار غامض، إذ يظل النصف الشمالي للمدار غير معروف (بقيمة “nan”)، مما يشكل تحديًا إضافيًا لفهم طبيعة تلك الرحلة المدارية.
وفي هذا السياق، يُكمل HD 158259 b دورته حول نجمها الأم في زمن قدره 0.006023272 يومًا، مما يجعلها تعيش في عالم يتسارع فيه الزمن ويتداول فيها بسرعة لافتة.
تتميز هذه الكوكبية أيضًا بانحرافها البسيط عن الدوران الدائري، حيث يظهر الكوكب بحالة استقرار معامل الشذوذ (الانحراف عن المدار الدائري) بصفر، مما يشير إلى طابعها الراحل والثابت.
تم اكتشاف HD 158259 b باستخدام أسلوب الكشف بواسطة السرعة الشعاعية (Radial Velocity)، حيث يتم قياس تأثير الجاذبية الكوكبية على حركة نجمها الأم، مما يساعد في استنتاج وجود هذا العالم الفضائي وفهم خصائصه بدقة.
إن HD 158259 b هو لوحة فنية فضائية مذهلة، تتناغم فيها القوى الفيزيائية الغامضة مع العجائب الكونية، مما يطرح تحديات جديدة أمام علم الفلك والاستكشاف الفضائي، ويفتح أفقًا جديدًا لفهمنا للكواكب البعيدة التي تزين سماء الليل بألوانها الفاتنة.