كل ما يجب معرفته عن الكتاراكت

الكتاراكت (المياه البيضاء): الأسباب، الأعراض والعلاج

تعد الكتاراكت أو المياه البيضاء من أبرز الأمراض التي تصيب العين، وتعتبر من المشكلات البصرية الشائعة التي تؤثر على الرؤية بشكل كبير. وهي حالة طبية تتسبب في فقدان الشفافية الطبيعية للعدسة داخل العين، مما يؤدي إلى ضبابية الرؤية. تُعد الكتاراكت أحد الأسباب الرئيسية للعمى في جميع أنحاء العالم، إلا أنها قابلة للعلاج والتعامل معها إذا تم اكتشافها وتشخيصها في وقت مبكر.

ما هي الكتاراكت؟

الكتاراكت هي حالة تحدث عندما تصبح العدسة الطبيعية داخل العين غائمة أو ضبابية، مما يعيق مرور الضوء إلى الشبكية، مما يؤدي إلى ضعف الرؤية. عادةً ما تكون العدسة في العين شفافة، وهي تلعب دورًا حيويًا في تركيز الضوء على الشبكية، لكن مع تطور الكتاراكت تصبح هذه العدسة معتمة، مما يشوه الرؤية.

عادةً ما تحدث الكتاراكت تدريجياً، وقد لا يلاحظ الشخص المصاب بها في البداية أي أعراض. ومع مرور الوقت، يمكن أن تؤثر الحالة على قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية مثل القيادة، القراءة، أو حتى التعرف على الوجوه.

أنواع الكتاراكت

تختلف الكتاراكت بحسب موقعها في العين ونوع التغيرات التي تحدث للعدسة. تنقسم الكتاراكت إلى عدة أنواع رئيسية:

1. الكتاراكت النووي (Nuclear Cataract):
   يحدث هذا النوع من الكتاراكت عندما تصبح العدسة في المركز (النواة) غائمة. يصيب الأشخاص عادة في مرحلة متقدمة من العمر. قد يؤدي هذا النوع إلى تشويش الرؤية القريب.

2. الكتاراكت القشري (Cortical Cataract):
   هذا النوع يتميز بتشكل مناطق غائمة حول حواف العدسة. مع تقدم الحالة، تصبح هذه الغيوم أكثر انتشارًا، مما يؤثر على الرؤية الطرفية.

3. الكتاراكت تحت المحفظة الخلفية (Posterior Subcapsular Cataract):
   يحدث هذا النوع عندما تتكون الغيوم في الجزء الخلفي من العدسة. يُعد هذا النوع أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين يستخدمون الأدوية مثل الستيرويدات أو الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري.

4. الكتاراكت الخلقية (Congenital Cataract):
   قد يولد بعض الأشخاص مع وجود الكتاراكت في عينهم منذ الولادة، وهي عادة ما تكون ناتجة عن عوامل جينية أو تعرض للأم لأسباب معينة أثناء الحمل.

5. الكتاراكت الثانوية (Secondary Cataract):
   يمكن أن تحدث الكتاراكت كأثر جانبي لحالات مرضية أخرى مثل مرض السكري، أو نتيجة لاستخدام بعض الأدوية مثل الستيرويدات، أو نتيجة للإصابة أو الجراحة في العين.

أسباب الكتاراكت

توجد عدة عوامل قد تساهم في الإصابة بالكتاراكت. تعتبر العوامل العمرية هي السبب الأكثر شيوعًا، حيث يزيد خطر الإصابة بالكتاراكت مع التقدم في العمر. بالإضافة إلى ذلك، توجد مجموعة من الأسباب والعوامل الأخرى التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بهذا المرض:

• التقدم في السن: يعد التقدم في السن أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالكتاراكت، حيث تتدهور العدسة مع مرور الزمن، مما يؤدي إلى تكتل البروتينات داخل العدسة وتكوين الغيوم.

• التعرض للأشعة فوق البنفسجية: التعرض المفرط لأشعة الشمس قد يزيد من احتمال إصابة العين بالكتاراكت. لذلك يُنصح بارتداء نظارات شمسية لحماية العين من الأشعة الضارة.

• السكري: يعاني مرضى السكري من خطر أكبر للإصابة بالكتاراكت، حيث يساهم ارتفاع مستويات السكر في الدم في تحفيز تشكل المياه البيضاء في العين.

• استخدام الأدوية: بعض الأدوية، مثل الستيرويدات، قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بالكتاراكت.

• الإصابات والتدخلات الجراحية: الإصابات التي تصيب العين، مثل الجروح أو التمزقات، وكذلك الجراحة السابقة في العين (مثل جراحة انفصال الشبكية أو زراعة القرنية) قد تزيد من احتمالية الإصابة بالكتاراكت.

• التاريخ العائلي: إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من الكتاراكت، فإن احتمال الإصابة بها يزيد أيضًا.

• التدخين: يعد التدخين أحد العوامل التي تساهم في الإصابة بالكتاراكت، حيث يؤدي إلى تدمير الخلايا في العين وزيادة احتمالية تكون الغيوم.

• التغذية السيئة: نقص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية في النظام الغذائي قد يؤدي إلى تلف العدسة وزيادة احتمالية الإصابة بالكتاراكت.

الأعراض والعلامات

قد تبدأ أعراض الكتاراكت بشكل تدريجي، ويمكن أن تختلف من شخص لآخر. ومن الأعراض الشائعة:

1. رؤية ضبابية أو مشوشة: قد يشعر المريض أن الرؤية أصبحت ضبابية، وكأن هناك غشاوة تغطي العين. هذا يمكن أن يعيق رؤية التفاصيل الدقيقة.

2. صعوبة في رؤية الأشياء في الضوء الساطع: يعاني بعض الأشخاص المصابين بالكتاراكت من حساسية مفرطة للضوء أو رؤية هالات حول الأضواء الساطعة.

3. تغير في النظر للألوان: قد يظهر أن الألوان باهتة أو مائلة إلى الأصفر، وهو أحد الأعراض الشائعة للكتاراكت.

4. رؤية مزدوجة: في الحالات المتقدمة، قد يعاني الشخص من رؤية مزدوجة في عين واحدة.

5. صعوبة في القيادة ليلاً: يجد العديد من الأشخاص المصابين بالكتاراكت صعوبة في القيادة في الظلام بسبب تشوه الضوء ورؤية الهالات حول الأضواء.

6. تغير في الوصفة الطبية للنظارات: قد يحتاج الأشخاص المصابون بالكتاراكت إلى تغيير وصفة نظاراتهم بشكل متكرر.

تشخيص الكتاراكت

لتشخيص الكتاراكت، يقوم الأطباء بعمل فحص شامل للعين باستخدام أدوات متخصصة. يشمل هذا الفحص:

1. فحص حدة الإبصار: لاختبار قدرة الشخص على الرؤية بشكل واضح.

2. فحص العين باستخدام جهاز الفحص العيني: يساعد هذا الفحص في تحديد وجود غيوم أو تغيرات في العدسة.

3. قياس الضغط داخل العين: للتأكد من عدم وجود مشكلات أخرى مثل الجلوكوما.

4. فحص قاع العين: باستخدام معدات خاصة لفحص الشبكية والعصب البصري.

5. اختبارات الرؤية الليلية: لتقييم قدرة العين على الرؤية في الإضاءة المنخفضة.

العلاج

على الرغم من أن الكتاراكت لا يمكن علاجها بالأدوية أو العلاجات التقليدية، إلا أن الجراحة هي العلاج الأكثر فعالية. يتم علاج معظم حالات الكتاراكت عبر إجراء عملية جراحية لإزالة العدسة المعتمة واستبدالها بعدسة صناعية (عدسة لينة). تكون هذه الجراحة عادةً سريعة وآمنة، وتعتبر واحدة من أكثر الجراحات نجاحًا في الطب.

مراحل العلاج الجراحي للكتاراكت:

1. إزالة العدسة المعتمة: يتم إزالة العدسة المصابة بالكتاراكت من العين باستخدام جهاز موجه بأشعة فوق صوتية لتفتيتها وإزالتها.

2. زراعة العدسة الاصطناعية: بعد إزالة العدسة المعتمة، يتم زرع عدسة صناعية لتستعيد العين قدرتها على التركيز بشكل صحيح.

3. التعافي بعد الجراحة: عادةً ما تكون فترة التعافي قصيرة، حيث يمكن لمعظم الأشخاص العودة إلى أنشطتهم اليومية خلال أيام قليلة، لكن يجب اتباع تعليمات الطبيب بشأن الراحة والعناية بالعين بعد العملية.

الوقاية من الكتاراكت

رغم أنه لا يمكن منع الكتاراكت بشكل كامل، إلا أن هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد من خطر الإصابة:

1. ارتداء النظارات الشمسية: لحماية العين من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.

2. مراقبة صحة العين بشكل دوري: من خلال إجراء فحوصات العين المنتظمة للكشف المبكر عن أي مشاكل.

3. ممارسة نمط حياة صحي: يشمل ذلك الحفاظ على وزن صحي، تجنب التدخين، وممارسة الرياضة بانتظام.

4. التغذية السليمة: تناول غذاء غني بالفيتامينات مثل فيتامين C و E والزنك يساعد في حماية العين.

5. التحكم في الأمراض المزمنة: مثل السكري، حيث يمكن أن تساعد العناية الجيدة في إدارة المرض في تقليل خطر الإصابة بالكتاراكت.

الخاتمة

تعد الكتاراكت حالة شائعة يمكن أن تؤثر على الرؤية وتؤدي إلى فقدان البصر إذا لم يتم علاجها بشكل مناسب. لكن مع التطور الطبي الكبير، أصبح بالإمكان علاج الكتاراكت بنجاح من خلال الجراحة واستعادة القدرة على الرؤية بشكل طبيعي. من خلال الفحص الدوري والاهتمام بالعوامل الوقائية، يمكن تقليل مخاطر الإصابة بالكتاراكت.