كل ما تحتاج معرفته عن سرطان الغدة الدرقية

سرطان الغدة الدرقية: التعريف، الأسباب، الأنواع، التشخيص والعلاج

يعتبر سرطان الغدة الدرقية من الأنواع النادرة نسبياً في السرطانات التي تصيب الجسم البشري، إلا أنه في الآونة الأخيرة قد شهد زيادة ملحوظة في حالات التشخيص. تُعد الغدة الدرقية جزءاً مهماً من جهاز الغدد الصماء، وهي مسؤولة عن إنتاج هرمونات تتحكم في عمليات الأيض داخل الجسم. يعكف هذا المقال على استعراض سرطان الغدة الدرقية، من تعريفه إلى أنواعه المختلفة، أسباب الإصابة به، طرق التشخيص والعلاج.

1. التعريف بالغدة الدرقية

الغدة الدرقية هي غدة صغيرة على شكل فراشة تقع في مقدمة الرقبة، أسفل الحنجرة. هذه الغدة تعتبر جزءاً أساسياً من جهاز الغدد الصماء، وتتمثل وظيفتها الرئيسية في إفراز هرمونات الدرقية (T3 وT4)، التي تُسهم بشكل مباشر في تنظيم العديد من وظائف الجسم الحيوية مثل التنفس، معدل ضربات القلب، التوازن الحراري، والأيض.

في بعض الحالات، تنشأ خلايا غير طبيعية داخل الغدة الدرقية وتنمو بشكل غير منضبط، مما يؤدي إلى تكوين أورام قد تكون حميدة أو خبيثة. سرطان الغدة الدرقية هو النمو غير الطبيعي للخلايا في هذه الغدة والذي يمكن أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم في حال لم يتم معالجته بشكل مناسب.

2. أنواع سرطان الغدة الدرقية

يتم تصنيف سرطان الغدة الدرقية إلى عدة أنواع رئيسية بناءً على نوع الخلايا التي نشأ منها السرطان. إليك أبرز الأنواع:

2.1. سرطان الغدة الدرقية الحليمي (Papillary Thyroid Cancer)

هذا النوع هو الأكثر شيوعاً، ويشكل نحو 80-90% من جميع حالات سرطان الغدة الدرقية. يظهر عادة لدى الأشخاص في الفئة العمرية بين 30 و50 عاماً. ينشأ هذا النوع من الخلايا التي تشبه الحليمي (أو الأصابع) في الغدة الدرقية. يتميز هذا السرطان بمعدل بقاء مرتفع جداً إذا تم اكتشافه وعلاجه في مرحلة مبكرة. غالباً ما لا ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم إلا في مراحل متقدمة.

2.2. سرطان الغدة الدرقية الجريبي (Follicular Thyroid Cancer)

يعد هذا النوع ثاني أكثر الأنواع شيوعاً، ويتسم بالنمو الأبطأ مقارنة بالسرطان الحليمي. وهو أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً. يظهر عادة في الخلايا الجريبية الموجودة في الغدة الدرقية التي تُنتج هرمونات الدرق. قد ينتشر هذا النوع إلى الأوعية الدموية أو أجزاء أخرى من الجسم مثل الرئتين والعظام.

2.3. سرطان الغدة الدرقية المسامي (Medullary Thyroid Cancer)

هذا النوع نادر ويشكل نحو 5% من جميع حالات سرطان الغدة الدرقية. يتمثل في تكوُّن الخلايا السرطانية في الخلايا التي تفرز هرمونات الكالسيتونين. يكون سرطان الغدة الدرقية المسامي أكثر تعقيداً في العلاج، حيث يتطلب في الغالب التدخل الجراحي والعلاج المستمر. كما أنه قد يرتبط بالعوامل الوراثية، ما يعني أن هناك إمكانية للإصابة به ضمن العائلات.

2.4. سرطان الغدة الدرقية الأنبوبي (Anaplastic Thyroid Cancer)

يعتبر هذا النوع من الأنواع النادرة جداً والأكثر عدوانية. في هذا النوع، تنمو الخلايا السرطانية بشكل سريع جداً وقد تنتشر بسرعة إلى الأنسجة المجاورة مثل الأنسجة في الرقبة، مما يجعل العلاج أكثر صعوبة. يتم تشخيصه في مرحلة متأخرة عادةً بسبب سرعة انتشاره.

3. أسباب الإصابة بسرطان الغدة الدرقية

لا يوجد سبب محدد ودقيق للإصابة بسرطان الغدة الدرقية، لكن هناك العديد من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة به، ومنها:

3.1. العوامل الوراثية

تُعتبر الوراثة أحد العوامل المهمة في تطور العديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الغدة الدرقية. إذا كان أحد أفراد العائلة قد أصيب بسرطان الغدة الدرقية، قد يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة به.

3.2. التعرض للإشعاع

التعرض للإشعاع هو عامل خطر معروف للإصابة بسرطان الغدة الدرقية، خصوصاً في مرحلة الطفولة. يشمل ذلك التعرض للإشعاع الناتج عن العلاج بالأشعة للسرطانات الأخرى أو الانفجارات النووية.

3.3. الجنس والعمر

النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدة الدرقية من الرجال، خصوصاً في الفترة العمرية بين 30 و50 عاماً. بينما يكون الرجال في سن متقدمة أكثر عرضة للأنواع العدوانية.

3.4. العوامل الهرمونية

التغيرات في مستويات الهرمونات قد تكون عاملًا محفزًا لسرطان الغدة الدرقية. بعض الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات هرمونية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من السرطان.

4. أعراض سرطان الغدة الدرقية

في العديد من الحالات، لا يظهر سرطان الغدة الدرقية أي أعراض واضحة في المراحل المبكرة. ومع ذلك، مع تقدم المرض، قد تبدأ بعض الأعراض في الظهور، مثل:

• تورم في الرقبة: يمكن أن يظهر تورم أو كتلة في منطقة الغدة الدرقية.

• صعوبة في البلع أو التنفس: قد يتسبب السرطان في ضغط على الأنسجة المحيطة بالغدة الدرقية، مما يؤدي إلى صعوبة التنفس أو البلع.

• تغييرات في الصوت: قد يصبح الصوت خشنًا أو قد يختفي جزئيًا، خاصة إذا كان السرطان قد أصاب الأعصاب المحيطة بالغدة.

• آلام في الرقبة أو الحنجرة: قد يشعر المصاب بألم مستمر أو غير مبرر في منطقة الرقبة.

5. تشخيص سرطان الغدة الدرقية

يتم تشخيص سرطان الغدة الدرقية بعد إجراء عدد من الفحوصات والاختبارات التي قد تشمل:

5.1. الفحص السريري

في البداية، قد يقوم الطبيب بفحص الرقبة للبحث عن أي تورم أو كتلة غير طبيعية في منطقة الغدة الدرقية. قد يطلب الطبيب فحوصات إضافية في حال ملاحظة أي تغييرات.

5.2. الفحوصات التصويرية

من بين الفحوصات التصويرية التي قد يُطلب إجراؤها:

• الألتراساوند (الموجات فوق الصوتية): يُستخدم لاكتشاف حجم وشكل الكتل في الغدة الدرقية.

• التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI): يساعد في تقييم انتشار السرطان إلى الأنسجة المحيطة أو الأعضاء الأخرى.

• التصوير الطبقي بالإشعاع (PET): يُستخدم للكشف عن مدى انتشار السرطان.

5.3. اختبارات الدم

قد يتم قياس مستويات بعض الهرمونات مثل الكالسيتونين، والذي قد يكون مرتفعاً في حال الإصابة بسرطان الغدة الدرقية المسامي.

5.4. خزعة الإبرة الدقيقة (Fine Needle Aspiration Biopsy)

هذه هي الطريقة الأكثر دقة لتأكيد وجود الخلايا السرطانية في الغدة الدرقية. يتم أخذ عينة صغيرة من الأنسجة باستخدام إبرة رفيعة، ثم يتم فحصها تحت المجهر.

6. علاج سرطان الغدة الدرقية

تعتمد خيارات العلاج على نوع السرطان ومرحلته، وعوامل أخرى مثل الصحة العامة للمريض:

6.1. الجراحة

تُعد الجراحة الخيار الأساسي لعلاج معظم حالات سرطان الغدة الدرقية. يتم في الغالب إزالة الغدة الدرقية جزئياً أو كلياً، وذلك حسب حجم وموقع الورم. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر إزالة الغدد الليمفاوية المحيطة في الرقبة إذا كان السرطان قد انتشر إليها.

6.2. العلاج باليود المشع

بعد إجراء الجراحة، قد يحتاج المريض إلى العلاج باليود المشع (I-131) لتدمير أي خلايا سرطانية متبقية قد تكون في الجسم، خصوصاً إذا كان السرطان قد انتشر.

6.3. العلاج الهرموني

قد يُعطى المريض أدوية تحتوي على هرمونات درقية بعد الجراحة لتعويض النقص الناتج عن إزالة الغدة. يساعد العلاج الهرموني في ضبط مستويات الهرمونات وتجنب حدوث أي اختلال في الأيض.

6.4. العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي

هذه العلاجات تُستخدم في الحالات التي يكون فيها السرطان متقدماً أو مقاومًا للعلاج باليود المشع. يتم تحديد هذه العلاجات بناءً على استجابة المريض وتقييم الطبيب.

7. التوقعات والتعايش مع سرطان الغدة الدرقية

العديد من الأشخاص الذين يع