كل ما تحتاج معرفته عن الكتاراكت

الكتاراكت: مفهومها، أنواعها، وأحدث أساليب العلاج

مقدمة

تعتبر الكتاراكت (أو “المياه البيضاء”) من الأمراض الشائعة التي تؤثر على العين، وهي حالة تنطوي على تعكر العدسة الطبيعية في العين، مما يؤدي إلى تشويش الرؤية. مع مرور الوقت، يمكن أن يتسبب هذا التشويش في فقدان جزئي أو كامل للرؤية إذا لم يُعالج. على الرغم من أنها غالبًا ما تُعتبر جزءًا من عملية الشيخوخة، إلا أن الكتاراكت يمكن أن تؤثر على الأشخاص في أي مرحلة عمرية نتيجة لعدة عوامل متنوعة، بما في ذلك الإصابات، الأمراض المزمنة، وبعض العوامل الوراثية. في هذا المقال، سنستعرض طبيعة الكتاراكت، أسبابها، أنواعها، وأحدث الأساليب الطبية لعلاجها.

تعريف الكتاراكت

الكتاراكت هي حالة طبية تحدث عندما تصبح العدسة الطبيعية في العين غائمة أو غير شفافة، مما يعيق مرور الضوء بشكل سليم إلى الشبكية، وبالتالي يؤثر على وضوح الرؤية. العدسة الطبيعية في العين هي عبارة عن جسم شفاف يقع خلف القزحية (الجزء الملون من العين)، ويمثل العنصر المسؤول عن تركيز الضوء الداخل إلى العين لكي يتمكن من الوصول إلى الشبكية.

في الحالة الطبيعية، تتمتع العدسة بشفافية تسمح للضوء بالمرور دون أي عائق. ولكن في حالة الكتاراكت، تتعكر العدسة مما يؤدي إلى فقدان جزء من هذه الشفافية. وعادةً ما يبدأ تأثير الكتاراكت في مرحلة متقدمة من العمر، ولكن قد يحدث أيضًا نتيجة لإصابات في العين أو بعض الحالات الصحية مثل مرض السكري.

أسباب الكتاراكت

يمكن أن تنشأ الكتاراكت بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب التي تؤثر على العين. من أهم هذه الأسباب:

1. التقدم في السن:
   يعد التقدم في السن السبب الرئيسي للكتاراكت. مع التقدم في العمر، تبدأ البروتينات الموجودة في العدسة في التغير، مما يؤدي إلى تعكر العدسة تدريجياً.

2. الإصابات والتأثيرات الخارجية:
   يمكن أن تؤدي الإصابات المباشرة على العين، مثل الكسور أو الحروق، إلى تشكل الكتاراكت. كما أن التعرض المفرط لأشعة الشمس قد يزيد من احتمالية الإصابة بالكتاراكت.

3. الأمراض المزمنة:
   تعتبر بعض الأمراض المزمنة، مثل مرض السكري، من العوامل التي تسهم في زيادة خطر الإصابة بالكتاراكت. يؤدي السكري إلى زيادة مستوى الجلوكوز في الدم، ما يمكن أن يؤثر على العدسة ويؤدي إلى تعكرها.

4. العوامل الوراثية:
   قد تلعب العوامل الوراثية دورًا في الإصابة بالكتاراكت. فبعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بسبب تاريخ عائلي من الإصابة بالكتاراكت.

5. استخدام الأدوية:
   من المعروف أن بعض الأدوية، مثل الستيرويدات، قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بالكتاراكت. قد تؤثر هذه الأدوية على بنية العدسة، مما يزيد من احتمالية حدوث التعكر.

6. التعرض المفرط للمواد الكيميائية:
   التعرض لبعض المواد الكيميائية أو السموم يمكن أن يساهم في تطور الكتاراكت. كما أن استخدام بعض المواد السامة قد يؤثر على خلايا العدسة.

أنواع الكتاراكت

توجد عدة أنواع من الكتاراكت تختلف في السبب الذي يؤدي إلى حدوثها وكذلك في الأعراض المرتبطة بها. من أبرز أنواع الكتاراكت:

1. الكتاراكت التقدمية (Age-related Cataract):
   هو النوع الأكثر شيوعًا، ويصيب الأشخاص عادة في سن الخمسين أو أكثر. تحدث الكتاراكت التقدمية تدريجيًا، مما يؤدي إلى تدهور الرؤية على مدار سنوات.

2. الكتاراكت الخلقية (Congenital Cataract):
   هي كتاراكت تحدث منذ الولادة أو في مرحلة الطفولة المبكرة. قد تكون ناتجة عن عوامل وراثية أو إصابات تحدث أثناء الحمل أو بسبب الأمراض التي تصيب الأم أثناء الحمل مثل الحصبة الألمانية.

3. الكتاراكت الثانوية (Secondary Cataract):
   قد تحدث هذه الكتاراكت نتيجة للإصابة بأمراض أخرى مثل السكري أو جراء تناول أدوية معينة مثل الكورتيكوستيرويدات.

4. الكتاراكت الإصابية (Traumatic Cataract):
   تحدث هذه الحالة بعد إصابة العين. قد يؤدي نوع معين من الإصابات، مثل الضربات المباشرة أو الحروق، إلى إتلاف العدسة مما يؤدي إلى تكوّن الكتاراكت.

5. الكتاراكت الإشعاعي (Radiation Cataract):
   تحدث هذه الحالة نتيجة التعرض للإشعاع، مثل العلاج الإشعاعي للأورام. يمكن أن تؤدي الأشعة السينية أو أي نوع آخر من الإشعاع إلى تلف العدسة.

أعراض الكتاراكت

تتراوح أعراض الكتاراكت من حالة إلى أخرى، وتختلف شدتها من شخص لآخر. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

1. الرؤية الضبابية:
   أحد الأعراض الرئيسية للكتاراكت هو الرؤية الضبابية أو تشويش الرؤية. هذا يؤدي إلى صعوبة في رؤية الأشياء بوضوح، خاصة في الإضاءة المنخفضة أو في الليل.

2. زيادة الحساسية للضوء:
   يشعر المرضى الذين يعانون من الكتاراكت بزيادة في الحساسية تجاه الضوء الساطع، مثل ضوء الشمس أو الأضواء الساطعة في الليل. قد يعانون من “هالات” حول الأضواء.

3. صعوبة في التكيف مع الإضاءة المنخفضة:
   يمكن أن يعاني الشخص من صعوبة في الرؤية في الظلام أو في الأماكن ذات الإضاءة المنخفضة.

4. تغيرات في الرؤية أثناء القيادة:
   يعاني الكثير من مرضى الكتاراكت من صعوبة في القيادة في الليل بسبب الضبابية والوهج الذي يظهر حول الأضواء.

5. تغيير في النظارات أو العدسات:
   قد يحتاج الأشخاص المصابون بالكتاراكت إلى تغيير نظاراتهم بشكل متكرر حيث قد يشعرون بتغير في قوتها أو في وضوح الرؤية.

تشخيص الكتاراكت

يتم تشخيص الكتاراكت من خلال فحص شامل للعين يقوم به طبيب العيون. يتضمن الفحص عادةً تقييم الرؤية باستخدام جهاز فحص العين (التي تسمى أيضًا “المصباح الشقي”)، حيث يتمكن الطبيب من فحص العدسة واكتشاف أي تغييرات أو تعكر فيها. في بعض الحالات، قد يقوم الطبيب أيضًا بإجراء اختبارات لقياس ضغط العين والتأكد من عدم وجود مشاكل أخرى تؤثر على الرؤية.

علاج الكتاراكت

لحسن الحظ، فإن الكتاراكت قابلة للعلاج بشكل فعال، وعادةً ما يتم العلاج عن طريق الجراحة. في الحالات التي تؤثر فيها الكتاراكت على الرؤية بشكل كبير، يكون العلاج الوحيد الفعال هو إجراء جراحة لإزالة العدسة المتعكرة واستبدالها بعدسة صناعية. على الرغم من أن الجراحة هي الحل الأكثر شيوعًا، إلا أن هناك بعض الأساليب الأخرى التي يمكن أن تساعد في إدارة الأعراض في المراحل المبكرة.

1. الجراحة:
   تعتبر جراحة إزالة الكتاراكت من أكثر الإجراءات الطبية شيوعًا في العالم. يتم خلال هذه العملية إزالة العدسة المتعكرة واستبدالها بعدسة صناعية تسمى “عدسة داخل العين” (IOL). هناك أنواع مختلفة من العدسات الاصطناعية التي يمكن استخدامها، بما في ذلك العدسات متعددة البؤر التي تسمح للرؤية الواضحة على مسافات مختلفة.

2. الأدوية:
   رغم أن الأدوية لا يمكن أن تعالج الكتاراكت بشكل نهائي، إلا أن بعض الأدوية قد تساعد في إبطاء تقدم المرض. في بعض الأحيان، يُوصى باستخدام قطرات العين لترطيب العين وتقليل الأعراض المرتبطة بالجفاف أو تهيج العين.

3. النظارات والعدسات:
   في مراحل مبكرة من الكتاراكت، قد يوصي الأطباء باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة لتصحيح الرؤية. لكن هذا لا يعد علاجًا دائمًا، بل مجرد حل مؤقت قبل أن يستدعي الأمر التدخل الجراحي.

التوقعات والوقاية

على الرغم من أن الكتاراكت تؤثر على العديد من الأشخاص مع تقدم العمر، إلا أن عملية الجراحة تكون عادةً ناجحة جدًا، حيث يتمكن معظم المرضى من استعادة الرؤية بشكل جيد بعد العملية. تختلف سرعة تعافي المريض بعد الجراحة بناءً على عدة عوامل، بما في ذلك العمر وحالة العين العامة. قد يلاحظ البعض تحسنًا فوريًا في الرؤية، بينما يحتاج آخرون إلى بعض الوقت للتعافي التام.

لا توجد طريقة للوقاية من الكتاراكت بشكل كامل، ولكن بعض الإجراءات قد تساعد في تقليل خطر الإصابة بها. من بين هذه الإجراءات، تجنب التعرض المفرط لأشعة الشمس وارتداء نظارات شمسية لحماية العين، كما أن الحفاظ على صحة عامة جيدة مثل ضبط مستويات السكر في الدم وتجنب التدخين قد يقلل من خطر الإصابة.

الختام

تُعتبر الكتاراكت من أكثر المشكلات الصحية المرتبطة بالعين شيوعًا، خاصة مع تقدم العمر. ورغم أن هذه الحالة قد تكون مقلقة