مخترع مانعة الصواعق

مخترع مانعة الصواعق

تُعد مانعة الصواعق واحدة من أهم الأجهزة التي ساهمت في حماية المباني والأفراد من الأضرار الناتجة عن الصواعق الكهربائية. حيث إن الصواعق تعتبر من الظواهر الطبيعية المدمرة التي يمكن أن تتسبب في أضرار كبيرة في البنية التحتية وتهدد الأرواح. يعود الفضل في اختراع هذه التكنولوجيا إلى العالم الأمريكي بنجامين فرانكلين الذي كان له دور رئيسي في تطوير المفهوم الأولي لهذه التكنولوجيا التي يستخدمها العالم اليوم.

فكرة مانعة الصواعق:

الصاعقة هي التفريغ الكهربائي الناتج عن التوتر الكهربائي بين السحب السالبة والأرض الموجبة. وعند حدوث هذا التفريغ، يُنتج طاقة ضخمة يمكن أن تدمر المباني أو تتسبب في حرائق خطيرة، كما أن بعضها قد يؤدي إلى إصابات بشرية مميتة. تم اختراع مانعة الصواعق كحل للتقليل من مخاطر الصواعق على المباني والأشخاص، حيث تم تصميم هذه الأجهزة لتوجيه التفريغ الكهربائي الناتج عن الصاعقة إلى الأرض بشكل آمن، مما يمنع الأضرار المحتملة.

بنجامين فرانكلين واختراع مانعة الصواعق:

يعتبر بنجامين فرانكلين أحد العلماء البارزين في القرن الثامن عشر الذين أسهموا بشكل كبير في تطوير العلوم الكهربائية. في عام 1752، قام فرانكلين بتجربة شهيرة باستخدام طائرة ورقية في أثناء عاصفة رعدية. كانت الفكرة من هذه التجربة هي إثبات العلاقة بين البرق والكهرباء. حينما قام بتعليق مفتاح معدني في نهاية الطائرة الورقية، لاحظ أن المفتاح جذب الشرر الكهربائي من السحب. هذه التجربة كانت بمثابة التفسير العلمي الأول للبرق.

بعد هذه التجربة، توصل فرانكلين إلى فكرة “العوامة” أو “الماسك” التي يمكن استخدامها لتوجيه البرق إلى الأرض. هذه الفكرة، التي كانت في البداية مجرد محاولة لفهم الظاهرة الطبيعية، أصبحت الأساس لتطوير أول مانعة للصواعق.

تطوير مانعة الصواعق:

بعد تجربة فرانكلين الأولى، قام بتطوير فكرة مانعة الصواعق بشكل عملي. كان الهدف من مانعة الصواعق هو توفير وسيلة لمرور التيار الكهربائي الناتج عن الصاعقة إلى الأرض بأمان دون أن يتسبب ذلك في أي أضرار للمبنى أو الأفراد. وقد وضع فرانكلين نموذجًا يتألف من قضيب معدني طويل موصل للكهرباء، يعلق في أعلى المبنى، يرتبط بأسلاك معدنية تمتد إلى الأرض.

كانت المانعة في شكلها الأولي عبارة عن قضيب معدني متصل بمسامير في أعلى المبنى، ومن ثم يُوصل هذا القضيب بأسلاك معدنية تحت الأرض. مع مرور الوقت، تطورت هذه الفكرة ليتم استخدامها بشكل موسع في حماية المباني، السفن، ومرافق أخرى في مواجهة الصواعق.

أثر اختراع مانعة الصواعق:

كان لاختراع مانعة الصواعق تأثير هائل في تقليل المخاطر التي كان يتعرض لها البشر في مواجهة الصواعق. منذ أن بدأ استخدام مانعة الصواعق في أواخر القرن الثامن عشر، تم تقليص الأضرار الناجمة عن الصواعق بشكل ملحوظ، حيث أصبحت العديد من المباني، خصوصًا المباني المرتفعة مثل الكنائس، أبراج المصانع، والمباني السكنية، محمية من التأثيرات المدمرة للصواعق.

كانت أولى المنشآت التي استفادت من هذه التكنولوجيا هي المباني في مدينة فيلادلفيا الأمريكية، التي استخدمت مانعة الصواعق لحماية الأماكن العامة من التفريغ الكهربائي الناتج عن العواصف الرعدية. بعد ذلك، انتشرت هذه التكنولوجيا في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية، وأصبحت تُستخدم بشكل واسع في حماية المباني.

كيفية عمل مانعة الصواعق:

تعتمد مانعة الصواعق على مبدأ الاحتراق الكهربائي الآمن، حيث تقوم بتوجيه التيار الكهربائي الناتج عن الصاعقة إلى الأرض من خلال مسار معدني آمن، وبالتالي تُحمي المبنى من التفجير أو الاحتراق. يتكون الجهاز من:

• القضيب المعدني: الذي يُثبت أعلى المبنى لاستقبال البرق.

• الأسلاك الموصلة: التي تربط القضيب المعدني بالأرض.

• الأرضيّة: وهي الجزء الذي يمر فيه التيار الكهربائي إلى الأرض.

تُصمم مانعة الصواعق بحيث تكون قوية وموصلة للكهرباء بشكل جيد، بحيث لا يسمح لأي تيار كهربائي بالمرور عبر المبنى. عندما يضرب البرق القضيب المعدني، يسلك التيار الكهربائي طريقه عبر الأسلاك المعدة لهذا الغرض، ليصل في النهاية إلى الأرض.

تطور مانعة الصواعق عبر الزمن:

على الرغم من أن فكرة مانعة الصواعق قديمة، فإن التكنولوجيا المتعلقة بها تطورت بشكل كبير على مر العصور. في البداية، كانت مانعة الصواعق تتكون من قضبان معدنية مربوطة بأسلاك النحاس الممتدة إلى الأرض، ولكن مع تطور تقنيات المواد، أصبحت التصاميم أكثر تطورًا وفعالية. على سبيل المثال، تم استخدام أسلاك النحاس المطلية بالألومنيوم لتحسين التوصيل الكهربائي، مما جعل مانعة الصواعق أكثر كفاءة وأمانًا.

كما تم تطوير أنظمة متكاملة تشمل أجهزة الكشف عن الصواعق والأجهزة الأخرى التي تساهم في حماية الأنظمة الكهربائية من الصواعق. في العصر الحديث، تُستخدم مانعات الصواعق في المباني والمنازل، بالإضافة إلى استخدامها في محطات توليد الكهرباء والطاقة، حيث تتعرض هذه المواقع لعدد أكبر من الصواعق بسبب حجمها وارتفاعها.

أهمية مانعة الصواعق في العصر الحديث:

في العصر الحديث، لا تزال مانعة الصواعق تلعب دورًا أساسيًا في حماية الممتلكات والأرواح. في الدول التي تشهد أعاصير رعدية مستمرة، تعد هذه الأجهزة عنصرًا أساسيًا في تصميم المباني الحديثة. كما تستخدم أيضًا في السفن والمطارات، حيث يكون التأثير المدمر للصواعق في حالة ضربها لهذه الأماكن كبيرًا جدًا.

أيضًا، في مجالات مثل الاتصالات والطاقة، تُستخدم مانعات الصواعق لحماية شبكات الكهرباء والاتصالات من التأثيرات السلبية للصواعق التي قد تؤدي إلى تعطل الأجهزة أو تدمير الأنظمة. وقد تزايدت الحاجة لاستخدام هذه الأجهزة مع التطورات التقنية التي جعلت المعدات الكهربائية أكثر عرضة للتلف جراء الصواعق.

الاستنتاج:

يبقى بنجامين فرانكلين مخترع مانعة الصواعق في تاريخ العلوم الكهربائية، حيث تمكن من تحديد علاقة البرق بالكهرباء ثم تطوير أول مانعة للصواعق كأداة للحماية من هذه الظاهرة الطبيعية. على الرغم من تطور التكنولوجيا على مر العصور، يبقى الاختراع الذي ابتكره فرانكلين حجر الزاوية لحماية المباني والبشر من أخطار الصواعق الكهربائية.