في الثالث والعشرين من أبريل عام 1843، عاصفة عاتية من الطبيعة تحدقت بجنوب جزر كوريل ومنطقة هوكايدو في اليابان، مخلفةً وراءها أثراً مدمراً وحزيناً على هذه الأراضي الهشة. لم يكن الزلزال الذي وقع في تلك الأيام الساكنة من النوع الذي يمر مرور الكرام، فقد بلغت قوته 8.4 درجة على مقياس ريختر، مما جعله يندرج ضمن فئة الزلازل الكارثية، التي تترك وراءها دماراً واسع النطاق وحطاماً يعكس مدى قوتها الهائلة.
في الجزيرة النائية من أوروب، استيقظ السكان على وقع رجة أرضية مدمرة في الثالث عشر من إبريل، حيث هزتهم صدمتان عنيفتان تباعدتا بثلاث ثوانٍ فقط، مصحوبتين بصوت رعد بعيد يشبه الهدير، مما جعل الأرض ترتعش تحت قدميهم لمدة سبع ثوانٍ متواصلة. وبعد دقائق قليلة، بدأت المياه بالانسياح بسرعة هائلة من خليج أليوتكا الذي كان يضم المستوطنة، تاركةً قاع الخليج جافاً تماماً، قبل أن تعاود ملأه بنفس السرعة وتغمر الشاطئ إلى ارتفاع يذكر. وظلت المياه في حالة حركة دائمة لعدة أيام؛ فبينما كانت تتلاقى التيارات، تتغير حالة البحر بين الانسياح والارتفاع بقوة مذهلة.
ومن المؤكد أن هذا الزلزال كان واحداً من الكوارثية، حيث شملت تأثيراته جميع الجزر الجنوبية لجزر كوريل، وساحل هوكايدو الشرقي في اليابان. ففي مناطق نيمورو وكوشيرو، بلغت قوة الزلزال مستويات الدمار. فقد ذُكر أن في بلدة عكيشي، المتواجدة بين هاتين المنطقتين، تم نقل أحد القبور مسافة 1.5 متر، وتكونت شقوق عرضها 10-15 سنتيمترًا في ساحات المعابد. ولحق الزلزال بموجات مدمرة؛ حيث بلغ ارتفاع أمواج المد البحري في منطقة كوشيرو 4.5 أمتار. وتأثرت بالغزو المدمر خصوصاً القرى الموجودة على شواطئ خليج عكيشي الذي يشبه قناة مثنية تغمر الأرض. ففي قرية شينريو، في منعطف القناة، تم غسل جميع المنازل بواسطة الأمواج ولقي حتفهم 45 شخصًا.
وفقًا لتقديرات اليابانيين، كانت شدة الزلزال (القوة) تتراوح بين M = 8.25 إلى 8.5. مع مراعاة النطاق الكبير لمركز الزلزال ومنطقة حدوث التسونامي، يبدو أن هذه التقديرات صحيحة.
ومع دخولنا شهر أبريل من العام 1845، عادت الكارثة لتضرب منطقة الشرق الأقصى مرة أخرى، حيث تسبب زلزال آخر بقوة 8.4 درجة على مقياس ريختر، مصحوبًا بتسونامي ذو شدة 2، تاركًا وراءه مقبرة من الدمار والخراب. ففي قرية عكيشي، ارتفعت أمواج المد البحري إلى ارتفاع 4.5 متر، بينما بلغ ارتفاعها في هاناساكي 3 أمتار، وفي هاكوداتي 1 متر، وفي هاشينوهي 2.5-3 متر، وفي شيرانوكا 3-3.5 متر، مما جعل العديد من المنازل والسفن تغرق وسط الفوضى العارمة، وأودى بحياة 46 شخصًا في قريتي عكيشي وشينريو.
وعلى ساحل أوشيما وكوشيرو ونيمورو، تراقب السكان موجات البحر، حيث تعدّت الموجتان الكبيرتان على الأقل خلال الفترة من السادسة صباحًا حتى العاشرة صباحًا، تاركةً وراءها آثارًا من الدمار والهلاك.
هكذا عاشت تلك المناطق لحظاتٍ مرعبة، حيث تجلى فيها عظمة الطبيعة وهشاشة الحياة أمام قواها الجارفة ولا رحمة منها، محملةً بأحزان الفقد والدمار التي تترك خلفها بصمات تبقى خالدة في ذاكرة الأجيال.