سرطان القولون والمستقيم: الأسباب والعلاج

سرطان القولون والمستقيم: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

يُعتبر سرطان القولون والمستقيم من أبرز أنواع السرطانات التي تصيب الجهاز الهضمي، ويشمل نوعين رئيسيين هما سرطان القولون، الذي يؤثر على الأمعاء الغليظة، وسرطان المستقيم، الذي يصيب الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة. يجمع هذا السرطان بين النوعين في كثير من الأحيان، ولذلك يتم الحديث عنهما معًا تحت مصطلح “سرطان القولون والمستقيم”. يعد هذا النوع من السرطان ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم، بعد سرطان الرئة، وهو يتسبب في عدد كبير من حالات الوفاة سنويًا. يمكن للوعي المبكر بهذا المرض أن يكون حاسمًا في تحسين فرص العلاج والتعافي.

1. تعريف سرطان القولون والمستقيم

سرطان القولون والمستقيم هو نوع من السرطان الذي ينشأ من الخلايا في بطانة القولون أو المستقيم. يحدث عندما تبدأ الخلايا في هذه الأجزاء من الجهاز الهضمي في النمو بشكل غير طبيعي وتتكاثر، مما يشكل أورامًا قد تتطور إلى أورام خبيثة إذا لم تُعالج. يتم تصنيف السرطان حسب موقعه في الأمعاء، فإذا كان الورم في القولون، يكون اسمه سرطان القولون، وإذا كان في المستقيم، يسمى سرطان المستقيم.

2. أسباب وعوامل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم

رغم أن الأسباب الدقيقة التي تؤدي إلى سرطان القولون والمستقيم لا تزال غير مفهومة تمامًا، إلا أن هناك عدة عوامل تُعتبر من عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بهذا السرطان. من أهم هذه العوامل:

أ. الوراثة والتاريخ العائلي

إذا كان لدى الفرد تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان القولون أو المستقيم، فإن خطر إصابته بالمرض يزيد بشكل كبير. في بعض الحالات، يمكن أن تكون الطفرات الوراثية هي السبب وراء السرطان، مثل متلازمة الورم العصبي الليفي أو مرض التهاب الأمعاء مثل داء كرون أو التهابات القولون التقرحي.

ب. العمر

يزداد خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم مع التقدم في العمر، حيث يكون الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و 70 عامًا أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.

ج. النظام الغذائي ونمط الحياة

النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة، وخاصة اللحوم الحمراء والمعالجة، يمكن أن يزيد من خطر الإصابة. كما أن قلة النشاط البدني والوزن الزائد والسمنة تعد من العوامل المساهمة أيضًا. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غنيًا بالفواكه والخضروات والألياف أقل عرضة للإصابة.

د. التدخين والكحول

التدخين واستهلاك الكحول بكميات كبيرة يمكن أن يسهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. حيث أظهرت الدراسات أن الأشخاص المدخنين والمفرطين في شرب الكحول يكون لديهم احتمالية أكبر لتطوير هذا المرض.

هـ. أمراض الأمعاء الالتهابية

التهابات الأمعاء المزمنة مثل داء كرون والتهاب القولون التقرحي تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. هذه الأمراض تؤدي إلى تهيج طويل الأمد في الأمعاء، مما يساهم في تغيرات الخلايا وبالتالي في تطور السرطان.

3. أعراض سرطان القولون والمستقيم

يمكن أن تكون أعراض سرطان القولون والمستقيم متنوعة، وقد تتداخل مع أعراض حالات صحية أخرى. من أبرز الأعراض التي قد تظهر:

أ. تغيرات في عادات الأمعاء

يشمل ذلك الإسهال المزمن أو الإمساك، أو الشعور بأن الأمعاء لا تفرغ بالكامل بعد الذهاب إلى الحمام.

ب. ألم في البطن أو الغازات

قد يعاني المريض من شعور متكرر بالانتفاخ أو الألم في البطن، خاصة بعد تناول الطعام.

ج. نزيف شرجي أو دم في البراز

ظهور الدم في البراز أو نزيف من الشرج قد يكون من أبرز الأعراض، ويجب عدم تجاهله حيث قد يكون علامة على تطور السرطان.

د. فقدان الوزن غير المبرر

قد يفقد المريض وزنًا دون أي سبب واضح، وهو من الأعراض التي يجب مراقبتها.

هـ. الإرهاق العام والضعف

الشعور بالإرهاق المزمن والضعف العام قد يكون من الأعراض التي تشير إلى تطور المرض.

4. التشخيص

يبدأ تشخيص سرطان القولون والمستقيم عادةً بالفحص البدني والمراجعة الدقيقة للتاريخ الطبي. بعد ذلك، قد يُطلب من المريض الخضوع لعدة اختبارات تشخيصية لتحديد وجود السرطان ومرحلة تقدمه. من بين هذه الاختبارات:

أ. فحص الدم الخفي في البراز

يتم الكشف عن وجود الدم في البراز باستخدام اختبارات مخصصة لذلك. هذا يمكن أن يكون مؤشرًا مبكرًا على وجود سرطان القولون والمستقيم.

ب. المنظار القولوني (الكولونوسكوبي)

يُعتبر هذا الفحص من أهم وأدق الفحوصات للكشف عن الأورام في القولون والمستقيم. يقوم الطبيب باستخدام أنبوب مرن مزود بكاميرا لفحص الجزء الداخلي من القولون.

ج. الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي

قد يتم استخدام هذه الفحوصات لتحديد مدى انتشار السرطان في أجزاء أخرى من الجسم.

د. التحاليل الوراثية

قد يُطلب من المرضى إجراء اختبارات وراثية للكشف عن الطفرات الجينية التي قد تساهم في تطور السرطان.

5. علاج سرطان القولون والمستقيم

يعتمد علاج سرطان القولون والمستقيم على العديد من العوامل، مثل مرحلة السرطان، وصحة المريض العامة، ووجود أي أمراض مزمنة أخرى. تتضمن خيارات العلاج الأكثر شيوعًا ما يلي:

أ. الجراحة

الجراحة تعتبر العلاج الأساسي للعديد من الحالات في المراحل المبكرة. يتم خلالها إزالة الورم السرطاني وجزء من الأنسجة المحيطة به. في بعض الحالات، قد يكون من الضروري إزالة جزء من القولون أو المستقيم بالكامل.

ب. العلاج الكيميائي

يُستخدم العلاج الكيميائي لتدمير الخلايا السرطانية أو تقليص الأورام قبل الجراحة أو بعد الجراحة للحد من خطر عودة السرطان. يمكن أن يكون العلاج الكيميائي فعالًا في الحالات المتقدمة من السرطان.

ج. العلاج الإشعاعي

يتم استخدام العلاج الإشعاعي لتقليص الأورام قبل الجراحة أو لتدمير الخلايا السرطانية المتبقية بعد الجراحة. غالبًا ما يُستخدم في حالات سرطان المستقيم.

د. العلاج البيولوجي

العلاج البيولوجي، مثل الأدوية التي تُستخدم لاستهداف الخلايا السرطانية بشكل محدد، يمكن أن يساعد في إبطاء نمو الورم وتقليص حجمه.

هـ. العلاج المناعي

العلاج المناعي هو نوع جديد نسبيًا من العلاج الذي يعزز قدرة جهاز المناعة على مكافحة السرطان. يتم استخدامه في بعض الحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج الكيميائي.

6. التوقعات والوقاية

تختلف التوقعات بالنسبة لمرضى سرطان القولون والمستقيم وفقًا لعدة عوامل، أبرزها مرحلة السرطان عند التشخيص. كلما تم اكتشاف السرطان في مراحل مبكرة، كانت فرص العلاج والشفاء أفضل. ومن الضروري أن يقوم الأفراد باتباع استراتيجيات وقائية للحد من مخاطر الإصابة بالسرطان، مثل:

• ممارسة الرياضة بانتظام.

• اتباع نظام غذائي صحي يشمل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.

• تجنب التدخين وتقليل استهلاك الكحول.

• إجراء الفحوصات المنتظمة خاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بهذا النوع من السرطان.

7. خاتمة

سرطان القولون والمستقيم يُعد من أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم، لكن الكشف المبكر عنه يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في زيادة فرص الشفاء. إن الوقاية والفحص المنتظم يعتبران من أهم الطرق للحد من المخاطر وتحسين التوقعات في حال الإصابة بهذا المرض.