قضم الأظافر: الأسباب والعلاج

عادة قضم الأظافر: الأسباب، التأثيرات، وسبل العلاج

تُعدّ عادة قضم الأظافر (Onychophagia) من السلوكيات العصبية الشائعة التي تظهر غالبًا في مرحلة الطفولة وتمتد في بعض الحالات إلى المراهقة وسن الرشد. هذه العادة ليست مجرد سلوك عابر، بل غالبًا ما تكون مرتبطة بعوامل نفسية، واجتماعية، وصحية متعددة، ما يجعل من الضروري دراستها وتحليلها بشكل موسّع لفهم خلفياتها، آثارها، والطرق الممكنة للتعامل معها.

أولًا: مفهوم عادة قضم الأظافر ومظاهرها السلوكية

عادة قضم الأظافر تُصنّف ضمن فئة اضطرابات الوسواس القهري الخفيفة (subclinical OCD)، وتُعدّ واحدة من أكثر العادات العصبية شيوعًا بين الأطفال والمراهقين. تتجلى مظاهرها في قضم أطراف الأظافر باستخدام الأسنان بشكل متكرر، وقد تمتد في الحالات المزمنة إلى قضم الجلد المحيط بالأظافر (الزوائد الجلدية)، مما يؤدي إلى تشققات ونزيف وحتى التهابات.

يمارس الفرد هذه العادة غالبًا دون وعي أو إدراك مباشر، خصوصًا في حالات التوتر، القلق، الملل، أو حتى التركيز العميق، وتُعدّ وسيلة لاشعورية للتنفيس عن الضغوط أو تفريغ التوترات الداخلية.

ثانيًا: الانتشار والفئات العمرية المعرضة

تشير الدراسات إلى أن حوالي 30% من الأطفال والمراهقين يعانون من قضم الأظافر في مرحلة ما من حياتهم، بينما تتراجع هذه النسبة تدريجيًا مع التقدم في العمر لتصل إلى 15-20% بين البالغين، وتقل كثيرًا بعد سن الأربعين. ومع ذلك، تظل النسبة عالية بين طلاب المدارس والجامعات، خصوصًا في فترات الامتحانات أو التوترات الاجتماعية.

ثالثًا: الأسباب النفسية والسلوكية وراء قضم الأظافر

1. التوتر والقلق المزمن:

يُعد القلق أحد الأسباب الرئيسية لهذه العادة، حيث يستخدم الدماغ هذا السلوك كوسيلة للتهدئة الذاتية، تمامًا كما يستخدم البعض هزّ الأرجل أو لف الشعر.

2. الملل أو الانشغال الذهني:

قد يُمارَس قضم الأظافر خلال مشاهدة التلفاز، الدراسة، أو أثناء القيادة، نتيجة لعدم إشغال اليدين أو كرد فعل لا شعوري خلال التركيز العميق.

3. التقليد والمحاكاة:

يقلد الأطفال عادةً سلوكيات الكبار أو الزملاء في المدرسة، وفي حال رأوا أحدهم يقضم أظافره، قد يبدأون بتقليده دون وعي منهم.

4. اضطرابات نفسية مصاحبة:

ترتبط عادة قضم الأظافر في بعض الأحيان باضطرابات أخرى مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، أو الاكتئاب الطفيف، أو اضطرابات التحكم في الاندفاع.

5. العوامل الوراثية:

تُظهر بعض الأبحاث وجود ميل وراثي لدى الأفراد الذين ينحدرون من عائلات تعاني من العادات العصبية أو اضطرابات القلق.

رابعًا: الآثار الصحية لقضم الأظافر

رغم أن كثيرين ينظرون إلى قضم الأظافر كعادة مزعجة فقط، إلا أن آثارها تتعدى ذلك بكثير، وتمتد إلى أبعاد صحية خطيرة:

1. العدوى البكتيرية والفطرية:

الفم يحتوي على كميات كبيرة من البكتيريا، وعند نقلها إلى الأظافر أو العكس، قد يؤدي ذلك إلى إصابات جلدية خطيرة أو التهابات في اللثة والفم.

2. تشوه الأظافر ونموها غير الطبيعي:

القضم المتكرر يؤدي إلى تدمير صفيحة الظفر وتشويه شكلها، ما قد يسبب توقف النمو أو تشوه دائم في بعض الحالات.

3. مشاكل في الأسنان:

يمكن أن يؤدي الضغط المستمر للأسنان على الأظافر إلى مشاكل في الأسنان الأمامية مثل تآكل المينا أو تغيّر مواضع الأسنان، وخاصة في الأطفال.

4. مشكلات في الجهاز الهضمي:

ابتلاع أجزاء صغيرة من الأظافر قد يؤدي إلى تهيّج الجهاز الهضمي، وفي بعض الحالات النادرة قد تنشأ كتل داخل المعدة تعرف باسم “الترايكوبزوارات”.

5. التأثيرات الاجتماعية والنفسية:

يعاني من يقضمون أظافرهم من الحرج الاجتماعي بسبب المظهر غير الجذاب لأصابعهم، ما يؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهم، وقد يتجنبون المصافحة أو الأنشطة التي تكشف أيديهم.

خامسًا: التمييز بين العادة والسلوك المرضي

من المهم التفريق بين العادة العابرة لقضم الأظافر وبين السلوك القهري المزمن الذي يستدعي تدخلًا طبيًا. العادة العابرة تكون مؤقتة وغالبًا ما تتراجع تلقائيًا مع الوقت، بينما السلوك المرضي قد يصاحبه شعور بعدم القدرة على السيطرة، واستمرار في الممارسة رغم الألم أو التشوه، ويتطلب تقييمًا من مختصين نفسيين.

سادسًا: طرق الوقاية والتعامل مع عادة قضم الأظافر

1. الوعي الذاتي وتسجيل السلوك:

ينبغي على الشخص المعني أن يتتبع الأوقات والمواقف التي تزداد فيها رغبته في قضم الأظافر، مما يساعد على تحديد المحفزات والعمل على تقليلها أو تفاديها.

2. استخدام البدائل السلوكية:

تُستخدم بعض التقنيات السلوكية مثل إشغال اليدين بكرة مطاطية أو الخرز، أو حتى استخدام ممضغات خاصة، بهدف إلهاء العقل عن الرغبة في القضم.

3. التعزيز الإيجابي:

تشجيع النفس أو الطفل على الامتناع عن القضم عبر مكافآت رمزية أو تشجيع لفظي عند النجاح في كبح السلوك.

4. العلاج السلوكي المعرفي (CBT):

تُعد هذه الطريقة من أكثر الأساليب فعالية في علاج السلوكيات القهرية، حيث يعمل المعالج على تعديل الأفكار والسلوكيات التي تغذي هذه العادة.

5. استخدام الطلاءات الخاصة للأظافر:

تتوفر في الصيدليات طلاءات ذات مذاق مرّ تُستخدم لردع السلوك عبر خلق استجابة نفور عند القضم.

6. العناية الدورية بالأظافر:

الاهتمام بالمظهر الجمالي للأظافر عن طريق العناية المنتظمة أو التزيين قد يساعد في تقليل الرغبة في تدميرها بالقضم.

7. العلاج الدوائي:

في الحالات المرتبطة باضطرابات نفسية مصاحبة مثل القلق أو الوسواس القهري، يمكن أن يصف الطبيب أدوية مضادة للقلق أو مضادة للاكتئاب تساعد على السيطرة على الدافع.

سابعًا: دور الأسرة والمؤسسات التعليمية في الوقاية

تلعب الأسرة والمدرسة دورًا حاسمًا في الكشف المبكر والتعامل مع عادة قضم الأظافر:

• ينبغي تجنب التوبيخ أو السخرية من الطفل، والتركيز بدلًا من ذلك على التفهم والدعم العاطفي.

• من المهم تدريب المعلمين ومقدمي الرعاية على ملاحظة هذه العادة عند الأطفال وتنبيه أولياء الأمور بشكل مهني.

• يمكن إدماج برامج الصحة النفسية والتوعية بالعادات العصبية ضمن المناهج أو الأنشطة المدرسية للوقاية والتقليل من هذه الظاهرة.

ثامنًا: مقارنة بين قضم الأظافر وعادات أخرى مشابهة

تاسعًا: التنبؤ بمسار العادة على المدى البعيد

غالبًا ما تتراجع عادة قضم الأظافر تلقائيًا في مرحلة الرشد المبكر عند بعض الأفراد نتيجة للنضج النفسي وزيادة الوعي بالمظهر الخارجي، لكن في حال استمرارها حتى سن الثلاثين أو أكثر، فقد تتحول إلى جزء من النمط السلوكي العصبي العام وتتطلب حينها تدخلاً متخصصًا لعلاجها.

عاشرًا: التوصيات العامة للوقاية والتعامل مع العادة

• تعزيز المهارات النفسية لدى الأطفال مثل القدرة على التعبير عن القلق والتعامل مع الضغوط.

• نشر الوعي عبر وسائل الإعلام والصحة المدرسية حول مخاطر هذه العادة وطرق الوقاية منها.

• إدماج العادات الصحية للعناية بالأظافر كجزء من الثقافة الأسرية.

• تدريب المختصين في الصحة النفسية على تقنيات التعامل مع السلوكيات القهرية ذات المنشأ العصبي.

المراجع

1. American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (5th ed.). Washington, DC.

2. Tanaka, O.M., et al. (2008). Nailbiting: A literature review. Special Care in Dentistry, 28(5), 204–208.