أعراض التهاب فم المعدة: الأسباب، الأعراض، المضاعفات، وطرق التشخيص والعلاج

يُعد التهاب فم المعدة (Gastritis) من الأمراض الشائعة التي تصيب الجهاز الهضمي، ويحدث عندما يتعرض الغشاء المخاطي المبطن للمعدة إلى تهيج أو التهاب، مما يؤدي إلى اضطراب في الأداء الطبيعي للمعدة وظهور مجموعة من الأعراض المزعجة التي تؤثر على جودة الحياة. يمكن أن يكون هذا الالتهاب حادًا يظهر بشكل مفاجئ، أو مزمنًا يستمر لفترات طويلة ويتطور تدريجيًا، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات خطيرة مثل القرحة الهضمية أو حتى السرطان إذا لم يُعالج بالشكل المناسب.

يرتبط التهاب فم المعدة بعدة أسباب منها العدوى البكتيرية، والاستخدام المطول للأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية، والعوامل النفسية مثل التوتر المزمن، بالإضافة إلى النظام الغذائي غير الصحي ونمط الحياة. ويكتسب تشخيص الحالة أهمية كبيرة لتحديد العلاج المناسب ومنع تطور الالتهاب إلى مضاعفات خطيرة.

في هذا المقال، سيتم تناول كل ما يتعلق بأعراض التهاب فم المعدة بالتفصيل، مع التركيز على الجوانب السريرية، الأسباب المؤدية، أنواع الالتهاب، أساليب التشخيص، خيارات العلاج المتاحة، ومضاعفات إهمال العلاج، وذلك بهدف تقديم مرجع طبي شامل يعزز الوعي بهذه الحالة الشائعة ويُسهم في الوقاية منها.

أولًا: تعريف التهاب فم المعدة

التهاب فم المعدة هو حالة طبية تتميز بحدوث التهاب في الغشاء المخاطي المبطن لجدار المعدة، مما يؤدي إلى تغيرات في البنية الوظيفية للمعدة تؤثر على إفراز العصارات الهضمية وتسبب ظهور أعراض متنوعة.

ويُصنف هذا الالتهاب إلى نوعين رئيسيين:

• الالتهاب الحاد (Acute Gastritis): يظهر فجأة ويستمر لفترة قصيرة، غالبًا ما يكون ناتجًا عن استخدام أدوية أو تناول الكحول أو التسمم الغذائي.

• الالتهاب المزمن (Chronic Gastritis): يتطور تدريجيًا ويستمر لفترة طويلة، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بعدوى بكتيرية مزمنة مثل Helicobacter pylori أو أمراض المناعة الذاتية.

ثانيًا: أسباب التهاب فم المعدة

1. العدوى البكتيرية

تُعد بكتيريا Helicobacter pylori من أكثر الأسباب شيوعًا لالتهاب فم المعدة، حيث تسبب تلفًا في الغشاء المخاطي للمعدة وتؤدي إلى استجابات التهابية مزمنة قد تتطور إلى تقرحات أو سرطانات.

2. الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية

مثل الإيبوبروفين والأسبرين، حيث تؤدي إلى تقليل إنتاج البروستاغلاندينات التي تحمي بطانة المعدة، مما يعرضها للتلف والالتهاب.

3. الكحول والتدخين

تُعد العادات السيئة كتناول الكحول والتدخين من أبرز العوامل التي تضعف الطبقة الواقية للمعدة وتؤدي إلى الالتهاب.

4. التوتر النفسي

الإجهاد النفسي الشديد أو المزمن يمكن أن يؤثر على وظائف الجهاز العصبي اللاإرادي ويؤدي إلى اضطرابات في إفراز العصارات المعدية مما يُسهم في حدوث الالتهاب.

5. أمراض المناعة الذاتية

في بعض الحالات، يهاجم الجهاز المناعي خلايا المعدة عن طريق الخطأ، ما يؤدي إلى التهاب مزمن في بطانة المعدة يعرف بالتهاب المعدة المناعي الذاتي.

6. أسباب أخرى

• ارتجاع العصارة الصفراوية من الأمعاء إلى المعدة.

• الإصابة بعدوى فيروسية أو فطرية.

• تناول الأطعمة الحارة أو الدهنية بكثرة.

• التسمم الغذائي أو العدوى الطفيلية.

ثالثًا: أعراض التهاب فم المعدة

تتنوع أعراض التهاب فم المعدة تبعًا لحدة الالتهاب ومدته ونوعه، وقد تكون الأعراض غير واضحة لدى بعض المرضى خصوصًا في الحالات المزمنة. تشمل الأعراض ما يلي:

1. ألم في الجزء العلوي من البطن

يُعد الألم أو الانزعاج في المنطقة العلوية من البطن العرض الأكثر شيوعًا، ويكون الألم غالبًا غامضًا أو حارقًا، وقد يزداد سوءًا بعد تناول الطعام.

2. الغثيان والقيء

يشعر العديد من المرضى بالغثيان المستمر، وقد يُصاحب ذلك قيء في بعض الحالات، وخصوصًا في الالتهاب الحاد.

3. الانتفاخ والغازات

يشكو المصابون من الشعور بالامتلاء بعد تناول كميات قليلة من الطعام نتيجة لاضطراب حركة المعدة، مع زيادة واضحة في الغازات والانتفاخ.

4. فقدان الشهية

نتيجة للألم والغثيان المستمر، يتراجع الإقبال على الطعام ما يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل تدريجي.

5. التجشؤ والحموضة

يحدث التجشؤ نتيجة لاحتباس الهواء في المعدة، كما يعاني المريض من ارتجاع حمضي يسبب الشعور بالحرقان في الصدر أو الحلق.

6. تغير لون البراز

قد يظهر البراز بلون داكن أو يحتوي على دم، ويدل ذلك على وجود نزيف داخلي في المعدة في حالات متقدمة من الالتهاب.

7. الإرهاق العام والضعف

في الحالات المزمنة قد يؤدي الالتهاب إلى ضعف امتصاص المغذيات، مما ينتج عنه فقر دم وشعور دائم بالإرهاق.

رابعًا: أنواع التهاب فم المعدة حسب المسبب

خامسًا: طرق التشخيص

يُعتمد في تشخيص التهاب فم المعدة على الجمع بين الفحص السريري والفحوصات التكميلية التي تؤكد وجود الالتهاب وتحدد سببه:

1. التاريخ الطبي والفحص السريري

يبدأ الطبيب بسؤال المريض عن الأعراض، العادات الغذائية، استخدام الأدوية، والتاريخ العائلي لأمراض الجهاز الهضمي.

2. اختبارات الدم

• فحص العد الدموي الكامل للكشف عن فقر الدم.

• فحص الأجسام المضادة لـH. pylori.

• تحليل مستوى فيتامين B12 لتقييم وجود التهاب معدة ضموري.

3. اختبار البراز

يستخدم للكشف عن وجود دم خفي في البراز أو لتحديد وجود بكتيريا H. pylori.

4. اختبار التنفس (Urea Breath Test)

يُعد من أفضل الطرق غير الغازية للكشف عن وجود H. pylori.

5. التنظير الهضمي العلوي

يُستخدم لرؤية مباشرة لبطانة المعدة وأخذ عينات (خزعات) للفحص المجهري لتحديد وجود التهاب أو تغييرات سرطانية.

سادسًا: العلاج

يعتمد العلاج على نوع الالتهاب وسببه، ويتضمن عادة:

1. العلاج الدوائي

• مثبطات مضخة البروتون (PPIs): مثل أوميبرازول، لتقليل إفراز الحمض المعدي.

• مضادات الحموضة: لتخفيف الأعراض بسرعة.

• المضادات الحيوية: إذا كانت البكتيريا H. pylori هي السبب، تُستخدم مجموعة من المضادات الحيوية مع مثبطات الحموضة لمدة 10–14 يومًا.

• الأدوية الواقية للمعدة: مثل السوكرافات لتكوين طبقة واقية على بطانة المعدة.

2. التعديلات في نمط الحياة

• تجنب الأطعمة المهيجة مثل الأطعمة الحارة والدهنية.

• الامتناع عن التدخين والكحول.

• تجنب التوتر والإجهاد النفسي.

• تناول وجبات صغيرة متعددة بدلًا من وجبات كبيرة.

• عدم الاستلقاء بعد تناول الطعام مباشرة.

سابعًا: المضاعفات المحتملة

إهمال علاج التهاب فم المعدة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة منها:

• القرحة المعدية أو الاثني عشرية.

• نزيف داخلي.

• فقر الدم الناتج عن نقص الحديد أو فيتامين B12.

• التهاب المعدة الضموري.

• زيادة خطر الإصابة بسرطان المعدة.

ثامنًا: الوقاية من التهاب فم المعدة

للوقاية من الإصابة بالتهاب فم المعدة يُوصى باتباع الإرشادات التالية:

• غسل اليدين جيدًا لتفادي العدوى البكتيرية.

• تجنب مشاركة الأطعمة والمشروبات مع الآخرين.

• الاعتدال في استخدام الأدوية المضادة للالتهاب مع استشارة الطبيب.

• اعتماد نظام غذائي صحي غني بالخضروات والألياف ومنخفض الدهون.

• تقليل استهلاك الكافيين والمشروبات الغازية.

• تجنب الأطعمة المحفوظة والوجبات السريعة.

المصادر والمراجع

1. Mayo Clinic. Gastritis: Symptoms and causes. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/gastritis/

2. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK). Gastritis. https://www.niddk.nih.gov/health-information/digestive-diseases/gastritis