فيلم “Unrest”: تسليط الضوء على حياة مريضة بمتلازمة التعب المزمن
في عالمنا المعاصر، حيث لا تتوقف الحياة عن الحركة، يصبح المرض غير المرئي أحد أكبر التحديات التي يواجهها الأفراد في رحلة حياتهم اليومية. أحد هذه الأمراض هو متلازمة التعب المزمن، التي تستمر مع المصابين بها لفترات طويلة وقد تؤثر بشكل جذري على نوعية حياتهم. فيلم “Unrest” هو وثائقي يتناول قصة شخصية لشابة تعيش مع هذا المرض بطريقة مؤثرة ومؤلمة، ويُعرض أمامنا في إطار إنساني يصور كفاحها مع المرض وكيف أثر على حياتها الشخصية والمهنية.
مقدمة عن الفيلم:
فيلم “Unrest” هو وثائقي من إخراج جينيفر بريا، التي تلعب أيضًا دور البطولة في الفيلم. تم إنتاج هذا الفيلم بالتعاون بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وصدر في عام 2017. يبلغ طول الفيلم 97 دقيقة، وقد تم إضافته إلى منصة “نتفليكس” في السابع من مايو 2021. تصنف القناة الفيلم ضمن فئة “الوثائقيات” ويصنف الفيلم من حيث التقييم إلى فئة TV-MA بسبب مشاهد قد تكون صعبة على بعض المشاهدين.
قصة الفيلم:
يبدأ فيلم “Unrest” مع جينيفر بريا، وهي طالبة دراسات عُليا في سن الـ28، والتي بدأت تعاني من أعراض مرضية غريبة لم تجد تفسيرًا لها في البداية. وبعد فترة من البحث والتشخيص، اكتشفت أنها تعاني من “متلازمة التعب المزمن” (Chronic Fatigue Syndrome – CFS)، وهو مرض نادر يصعب تشخيصه ويؤدي إلى تعب شديد ومستمر يعجز المريض عن التعايش معه أو حتى القيام بأنشطته اليومية المعتادة.
على الرغم من أن جينيفر كانت في بداية حياتها المهنية والتعليمية، مع مستقبل واعد في مجال الأبحاث، إلا أن هذا المرض كان له تأثير سلبي عميق على حياتها. وما يميز الفيلم هو أن جينيفر قررت أن تأخذ الكاميرا بنفسها لتوثق تفاصيل معاناتها وتفاصيل هذا المرض بشكل شخصي وعميق. قدمت جينيفر رؤية داخلية ومعاناة حقيقية لها ولأشخاص آخرين يعانون من هذا المرض، من خلال اللقطات التي صورتها بنفسها أثناء فترات الألم والضعف الجسدي.
العلاقة مع الآخرين:
في رحلة جينيفر لمواجهة المرض، يظهر في الفيلم أيضًا بعض الشخصيات التي تساعدها أو تتأثر بتجربتها. من بين هؤلاء، زوجها عمر واسو، الذي يشارك في الفيلم باعتباره أحد الداعمين الرئيسيين لها خلال هذه الفترة الصعبة. كما يظهر أيضًا أصدقاء آخرون وجنبات مختلفة من حياتها المهنية والشخصية، والتي تأثرت بشكل بالغ بسبب المرض، الذي يمنعها أحيانًا من حتى أداء أبسط المهام اليومية.
تظهر مشاهد الفيلم مدى الانعزال والانعكاسات النفسية التي يمر بها المصابون بمتلازمة التعب المزمن. في العديد من المرات، تشعر جينيفر بأنها غير مرئية بالنسبة للعالم من حولها، كما يختبر المصابون هذا النوع من العزلة بسبب عدم فهم المجتمع لحقيقة هذا المرض، ما يجعلهم يواجهون تحديات إضافية بجانب المعاناة الجسدية.
الجوانب الوثائقية:
أحد الجوانب المدهشة في الفيلم هو الطريقة التي يتم بها عرض تفاصيل الحياة اليومية لجينيفر في مواجهة هذا المرض. من خلال تصوير الأحداث باستخدام كاميرا منزلية، تمكنا من رؤية التجارب اليومية التي تمر بها جينيفر في رحلتها مع المرض. هذه اللحظات الحميمية تساعد المشاهد على التعرف على معاناة مرضى متلازمة التعب المزمن بشكل لم يكن معروفًا من قبل.
الفيلم لا يتوقف عند الجوانب الشخصية فقط، بل يتناول أيضًا الجوانب العلمية والطبية للمرض. يتحدث الفيلم عن صعوبة تشخيص هذا المرض، فضلاً عن تزايد الوعي حوله من قبل المجتمع الطبي والعلمي.
التأثير الاجتماعي:
أحد أبرز الرسائل التي يعكسها الفيلم هو التأثير الاجتماعي لهذا المرض، وخاصةً كيف يمكن أن يتحول الشخص إلى شخص مختلف تمامًا بسبب مرضه المزمن. متلازمة التعب المزمن ليست مجرد شعور بالتعب الجسدي؛ إنها حالة تؤثر على الجوانب النفسية والاجتماعية للأشخاص. العديد من الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض يواجهون صعوبة في التواصل مع الآخرين، لأنهم يشعرون بالعجز أمام تلبية متطلبات الحياة اليومية.
عبر مشاركة تجربتها الشخصية، تمكنت جينيفر من تحفيز الأفراد الذين يعانون من المرض لإيجاد طرق جديدة للتواصل مع المجتمع، والتعبير عن معاناتهم بطريقة مهنية ومنهجية.
خاتمة:
فيلم “Unrest” هو أكثر من مجرد وثائقي عن مرض نادر؛ إنه عرض مؤثر لشجاعة إنسانية في مواجهة مرض صعب يفقد الشخص جزءًا من ذاته كل يوم. يجسد الفيلم صراعًا داخليًا شديدًا يتطلب قدراً كبيراً من القوة لإظهاره والتعامل معه أمام كاميرا. بالنسبة لجينيفر بريا، كان هذا الفيلم بمثابة محاولة لإيصال صوت أولئك الذين يعانون في صمت.
من خلال هذا الفيلم، أصبح العالم أكثر وعيًا بأهمية التشخيص المبكر والتعامل الإنساني مع المرضى الذين يعانون من هذا النوع من الأمراض المزمنة. “Unrest” هو دعوة للفهم والدعم، وهو دعوة لفتح الحوار حول الأمراض التي غالبًا ما تبقى في الظل ولا يتم الحديث عنها بما فيه الكفاية.