فيلم FTA: احتجاج كوميدي ضد الحرب

فيلم “FTA”: استعادة رحلة الكوميديا الاحتجاجية في الحرب الفيتنامية

فيلم “FTA” هو وثائقي من إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية، تم إصداره في عام 1972، ويُعد من أبرز الأعمال التي تناولت فترة الحرب الفيتنامية من منظور غير تقليدي، حيث يسلط الضوء على الكوميديا كأداة للاحتجاج على السياسة العسكرية الأمريكية في تلك الفترة. قد يتفاجأ البعض عندما يعلم أن الفيلم يعرض جزءاً من جولة كوميدية تهدف إلى نقل رسائل سياسية ساخرة حول تداعيات الحرب الفيتنامية. الفيلم تم ترميمه وعُرض في 15 يونيو 2021، ليأخذنا في رحلة عبر تجربة جولة “Free the Army” (FTA) في المحيط الهادئ، والتي نظمت في عام 1971.

ملامح فيلم “FTA” وطاقمه المميز

الفيلم من إخراج فرانسين باركر، ويضم طاقمًا فنيًا رائعًا، حيث يتألق فيه كبار الفنانين مثل جاين فوندا، دونالد ساذرلاند، وباميلا دونيغان، ولين تشاندلر، ومايكل أليمو، وهولي نير، وبول موني، وريتا مارتينسون. هؤلاء الفنانين كانوا جزءًا من جولة “FTA” التي جمع فيها الكوميديون، والممثلون، والموسيقيون، معارضين للحرب الفيتنامية، ليقدموا عروضهم في مختلف القواعد العسكرية الأمريكية في المحيط الهادئ.

جاين فوندا ودونالد ساذرلاند كانا من الوجوه البارزة في تلك الفترة المعروفة بمعارضتها الشديدة للحرب، وقد شكلت مشاركتهم في هذا الفيلم إضافة قوية لرسالته السياسية. وقد جاءت مشاركتهم في الفيلم لتوضح المدى الذي يمكن أن تصل إليه الفنون في تأجيج الوعي الاجتماعي والسياسي، وكيف يمكن للكوميديا أن تكون أداة فعالة في مواجهة الحروب.

عرض الكوميديا كأداة للاحتجاج

يُعتبر فيلم “FTA” من أول الأفلام التي استخدمت الكوميديا بشكل متعمد كأداة للاحتجاج على الحرب الفيتنامية. فقد جرى تصوير الجزء الأكبر من الفيلم في إطار جولة كوميدية، حيث يعرض الممثلون والموسيقيون عروضًا ساخرة تستهدف التوسع العسكري الأمريكي في فيتنام. يبرز الفيلم جانبًا مميزًا من تلك الفترة التاريخية، فهو لا يعرض مجرد نقد مباشر للحرب بل يكشف عن الانقسام الذي كان يسود في المجتمع الأمريكي حول هذه القضية.

من خلال هذا الفيلم، تَعرَفنا على الحكايات من كلا الجانبين، ليس فقط من أولئك الذين كانوا ضد الحرب ولكن أيضًا من الجنود أنفسهم الذين كانوا في قلب المعركة. يعرض الفيلم حياة الجنود الأمريكيين في قواعدهم العسكرية، ويُظهر في الوقت نفسه كيف كانت السياسة الأمريكية تتعامل مع هذه الحرب من خلال تصريحات وتصرفات المسؤولين.

استعادة وتوثيق اللحظات التاريخية

تم ترميم الفيلم وإعادة عرضه في 15 يونيو 2021، وهو أمر بالغ الأهمية لأنه يعيد للمشاهدين لحظات تاريخية حاسمة نُسيت أو تم تجاهلها في السنوات الماضية. يعيد “FTA” إحياء الذكريات التي تتعلق بواحدة من أكثر الفترات السياسية والاجتماعية تعقيدًا في تاريخ الولايات المتحدة. تم تصوير العديد من العروض داخل القواعد العسكرية في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، وقد لاقى الفيلم ردود فعل متباينة بين العسكريين والجمهور الأمريكي على حد سواء.

إضافة إلى ذلك، يمثل “FTA” أيضًا تجربة ثقافية غنية تبرز التنوع في طرق التعبير عن المعارضات السياسية، حيث يجسد تطور الحركة الاحتجاجية ضد حرب فيتنام. فمن خلال الموسيقى، والكوميديا، والعروض المسرحية، كان لهذه الحملة دور في تعزيز القيم السلمية والترويج لفكرة الانسحاب الأمريكي من فيتنام.

تقييم الفيلم ومدة عرضه

فيلم “FTA” هو وثائقي يتألف من 104 دقائق، وقد حصل على تصنيف TV-MA، مما يشير إلى محتوى الفيلم الذي قد يحتوي على مشاهد أو مواضيع غير مناسبة للجمهور الأصغر سنًا. هذا التصنيف يعكس جرأة الموضوعات المطروحة في الفيلم، حيث يعالج قضايا حساسة تتعلق بالحرب، والعنف، والاحتجاجات السياسية.

على الرغم من مرور عقود على إصدار الفيلم، إلا أن الموضوعات التي يتناولها لا تزال تحمل صدىً قويًا حتى اليوم. أصبح الفيلم رمزًا للمقاومة الثقافية ولأسلوب جديد في استخدام الفن في قضايا سياسية كبرى. إن التراث السياسي والاجتماعي الذي يقدمه الفيلم يساهم في تعميق الفهم لمرحلة تاريخية هامة في تاريخ الولايات المتحدة، ويُعد مادة مهمة للباحثين المهتمين بتاريخ الحركات الاحتجاجية والسياسة الأمريكية في السبعينات.

الخلاصة

فيلم “FTA” هو أكثر من مجرد وثائقي؛ هو شاهد على فترة هامة من تاريخ الولايات المتحدة وعرض مميز لأساليب جديدة في التعبير الفني والسياسي. من خلال جولة كوميدية ساخرة، قدم الفيلم رؤية قوية للحرب الفيتنامية وتأثيراتها على المجتمع الأمريكي، خاصة في فترة السبعينات. وما زال هذا الفيلم يحمل قيمًا تاريخية وثقافية حتى اليوم، معززًا من خلال ترميمه وعرضه مجددًا في 2021.