أسباب نقص كريات الدم البيضاء

أسباب نقص كريات الدم البيضاء:

تعتبر كريات الدم البيضاء أحد المكونات الأساسية للدم، وتلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على الجهاز المناعي للجسم. تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى نقص هذه الكريات، وقد تكون تلك الأسباب مرتبطة بعوامل صحية متنوعة، سواء كانت نتيجة اضطرابات في الدم أو أمراض أخرى تؤثر بشكل مباشر على قدرة الجسم على إنتاج كريات الدم البيضاء. في هذا المقال، سنستعرض مختلف الأسباب التي تؤدي إلى نقص كريات الدم البيضاء، بالإضافة إلى كيفية تأثير هذا النقص على صحة الإنسان وطرق التشخيص والعلاج المتاحة.

1. نقص كريات الدم البيضاء: المفهوم والتعريف

كريات الدم البيضاء (أو اللمفاويات) هي خلايا دم تلعب دورًا محوريًا في الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات والأمراض المختلفة. يشمل هذا الدفاع مقاومة العدوى التي تسببها الفيروسات، البكتيريا، والفطريات، وكذلك مكافحة الأورام السرطانية. وعادة ما يتم تقييم مستوى كريات الدم البيضاء عبر اختبار تعداد الدم الكامل (CBC)، حيث يمكن تحديد ما إذا كانت مستويات هذه الخلايا ضمن النطاق الطبيعي أو أن هناك انخفاضًا ملحوظًا.

2. أسباب نقص كريات الدم البيضاء

تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى نقص كريات الدم البيضاء، ويمكن تصنيف هذه الأسباب إلى عدة فئات رئيسية تتضمن العوامل الوراثية، الأمراض المناعية، العوامل البيئية، وكذلك الآثار الجانبية لبعض العلاجات الطبية.

2.1 الأمراض المناعية وأمراض الجهاز المناعي

من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى نقص كريات الدم البيضاء هي الاضطرابات المناعية الذاتية، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم نفسها، ويؤدي ذلك إلى تقليل عدد كريات الدم البيضاء. مثال على ذلك:

• الذئبة الحمراء: هي مرض مناعي ذاتي يؤدي إلى تدمير الخلايا المناعية، بما في ذلك كريات الدم البيضاء، مما يضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى.

• التهاب المفاصل الروماتويدي: يصيب هذا المرض المفاصل وقد يؤثر أيضًا على إنتاج خلايا الدم البيضاء.

2.2 الأمراض الفيروسية

بعض الفيروسات تؤثر مباشرة على خلايا الدم البيضاء. عند الإصابة بهذه الفيروسات، يمكن أن يحدث انخفاض ملحوظ في عدد كريات الدم البيضاء، ومن أبرز هذه الفيروسات:

• فيروس نقص المناعة البشرية (HIV): يعمل هذا الفيروس على تدمير الخلايا المناعية في الجسم، وخاصة خلايا CD4، مما يؤدي إلى نقص في عدد كريات الدم البيضاء.

• الإنفلونزا: يمكن أن تسبب العدوى الفيروسية المسببة للإنفلونزا في انخفاض مؤقت في تعداد كريات الدم البيضاء.

• فيروسات أخرى مثل: فيروس Epstein-Barr وفيروس التهاب الكبد الوبائي.

2.3 الأمراض البكتيرية والتسمم

تسبب بعض أنواع العدوى البكتيرية والمضاعفات الناتجة عنها تقليل عدد كريات الدم البيضاء. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي حالات التسمم الدموي أو الالتهابات المزمنة إلى إعاقة إنتاج كريات الدم البيضاء.

• التسمم الدموي (Sepsis): عند حدوث التسمم الدموي، يمكن أن يتسبب الالتهاب الشديد في الجسم في نقص شديد في كريات الدم البيضاء، حيث يتم استهلاكها بشكل أسرع من إنتاجها.

2.4 أمراض الدم والسرطان

الأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض الدم، مثل فقر الدم اللاتنسجي أو سرطان الدم، قد يعانون من نقص في كريات الدم البيضاء. في حالات مثل هذه، يمكن أن يؤثر المرض نفسه على النخاع العظمي المسؤول عن إنتاج هذه الخلايا.

• فقر الدم اللاتنسجي: هو حالة نادرة، تؤدي فيها النخاع العظمي إلى قلة إنتاج خلايا الدم بشكل عام، بما في ذلك كريات الدم البيضاء.

• سرطان الدم (اللوكيميا): من الأمراض التي تتسبب في اختلالات في إنتاج كريات الدم البيضاء، ما يؤدي إلى نقص شديد في أعدادها.

2.5 العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي

العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي هما من العوامل التي يمكن أن تؤثر سلبًا على عدد كريات الدم البيضاء. يعمد العلاج الكيميائي إلى قتل الخلايا السرطانية في الجسم، ولكنه في الوقت ذاته يهاجم الخلايا الصحية، بما في ذلك خلايا الدم البيضاء، مما يؤدي إلى نقصها.

• العلاج الكيميائي: يؤدي إلى انخفاض مستويات كريات الدم البيضاء بشكل كبير نتيجة لتأثيره على النخاع العظمي.

• العلاج الإشعاعي: يؤثر أيضًا على النخاع العظمي ويقلل من قدرته على إنتاج كريات الدم البيضاء.

2.6 النقص في التغذية

نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية قد يؤدي إلى نقص في إنتاج كريات الدم البيضاء. على سبيل المثال:

• نقص فيتامين ب12 وحمض الفوليك: يؤدي نقص هذين العنصرين إلى ضعف في تكوين خلايا الدم بشكل عام، بما في ذلك كريات الدم البيضاء.

• نقص النحاس والزنك: يعتبر نقص هذه المعادن من الأسباب المعروفة لانخفاض مستويات كريات الدم البيضاء.

2.7 التسمم بالعقاقير

تسبب بعض الأدوية والعقاقير أيضًا نقصًا في كريات الدم البيضاء. من بين الأدوية التي تؤثر على إنتاج كريات الدم البيضاء:

• أدوية مضادة للفطريات.

• أدوية مضادة للفيروسات.

• أدوية مثبطة للمناعة.

2.8 العوامل الوراثية

بعض الحالات الوراثية النادرة قد تؤدي إلى نقص دائم أو مزمن في كريات الدم البيضاء. من بين هذه الحالات:

• متلازمة شيرشيفسكي-ترنر: هي اضطراب وراثي نادر يؤدي إلى انخفاض عدد كريات الدم البيضاء وضعف في جهاز المناعة.

3. كيف يؤثر نقص كريات الدم البيضاء على الجسم؟

يؤدي نقص كريات الدم البيضاء إلى ضعف كبير في قدرة الجسم على مقاومة العدوى. يعاني الشخص الذي يعاني من نقص في كريات الدم البيضاء من ارتفاع خطر الإصابة بالتهابات بكتيرية وفيروسية وفطرية. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعرض الجسم لمشاكل في الشفاء من الجروح أو الإصابات.

3.1 زيادة عرضة للإصابة بالعدوى

أحد أخطر العواقب لنقص كريات الدم البيضاء هو زيادة عرضة الشخص للإصابة بالعدوى. فوجود كميات غير كافية من كريات الدم البيضاء يعني أن جهاز المناعة ليس قادرًا على التصدي للميكروبات بشكل فعال.

3.2 التأثير على وظائف الأعضاء

قد يؤثر نقص كريات الدم البيضاء على الأداء العام للأعضاء الداخلية، مثل الرئتين، الكبد والكلى، خاصةً إذا كانت العدوى تصيب هذه الأعضاء بشكل متكرر.

4. تشخيص نقص كريات الدم البيضاء

يتم تشخيص نقص كريات الدم البيضاء عن طريق إجراء اختبارات دم، أبرزها اختبار تعداد الدم الكامل (CBC). هذا الاختبار يمكن أن يكشف عن انخفاض عدد كريات الدم البيضاء، وإذا كانت النتائج غير طبيعية، قد يُطلب المزيد من الفحوصات لتحديد السبب الأساسي.

5. علاج نقص كريات الدم البيضاء

تعتمد طرق العلاج على السبب الكامن وراء النقص. في بعض الحالات، قد يُنصح باستخدام أدوية لتحفيز إنتاج كريات الدم البيضاء في النخاع العظمي، مثل الحقن بعوامل تحفيز المستعمرات. في حالات أخرى، قد يتطلب الأمر علاجًا للمسبب مثل معالجة العدوى أو تعديل الأدوية المسببة للنقص.

6. الوقاية

من المهم اتخاذ التدابير الوقائية، خاصةً في حالات الأشخاص الذين يتلقون العلاج الكيميائي أو يعانون من أمراض مزمنة قد تؤدي إلى نقص كريات الدم البيضاء. التغذية الجيدة، تجنب العدوى، ومتابعة الفحوصات الطبية المنتظمة يمكن أن تساعد في تقليل خطر نقص كريات الدم البيضاء.

المصادر:

1. الجمعية الأمريكية لعلم الدم (American Society of Hematology).

2. معهد أمراض الدم في جامعة هارفارد (Harvard Medical School).