أنواع السفن المستخدمة في الغوص للبحث عن اللؤلؤ
لطالما كانت مياه البحر العربية، وخاصة تلك الواقعة في المنطقة الخليجية، تشتهر بمخزونها الثري من اللؤلؤ الطبيعي. وتعتبر صناعة الغوص بحثًا عن اللؤلؤ جزءًا أساسيًا من التراث البحري في العديد من دول المنطقة، مثل الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت، وعمان. منذ آلاف السنين، كان الغواصون يهبون إلى الأعماق لتأمين اللؤلؤ الثمين الذي يعد من أغلى المقتنيات. ولتحقيق هذا الهدف، استخدم الغواصون مجموعة متنوعة من السفن التي تتفاوت في تصميماتها واستخداماتها، بحسب الظروف البحرية والطبيعة الجغرافية للمناطق التي يتم الغوص فيها.
في هذا المقال، سنتناول الأنواع المختلفة للسفن التي استخدمها الغواصون للبحث عن اللؤلؤ، حيث نلقي الضوء على خصائص هذه السفن، وأساليب تصميمها، والمواد التي صنعت منها، فضلاً عن دورها التاريخي في هذه الصناعة.
1. السفينة “البوم”
تعتبر السفينة “البوم” من أشهر السفن التي استخدمها الغواصون في منطقة الخليج العربي خلال عصر الغوص للبحث عن اللؤلؤ. يشتهر البوم بكونه سفينة سريعة وخفيفة، مصممة خصيصًا للعمل في المياه الضحلة. وهو يتميز بجسمه الضيق والمدبب من الأمام، مما يساعده على المناورة بسهولة بين الجزر والشواطئ.
البوم كان يستخدم بشكل رئيسي كوسيلة لنقل الغواصين إلى مواقع الغوص ومن ثم العودة بهم إلى الساحل بعد الغوص. كانت هذه السفن مزودة بمحركات صغيرة، لكن في بعض الأحيان كان يتم دفعها بواسطة الأشرعة التقليدية التي تُستخدم في البحار الهادئة. عادةً ما كان البوم يتسع لعدة أفراد من طاقم السفينة، وهم الغواصين والمساعدين الذين كانوا يسحبون الحبال ويقومون بالتوجيه.
2. السفينة “الديب”
يعد “الديب” أحد أنواع السفن التي كانت تستخدم للغوص في أعماق البحار. كانت هذه السفينة أكبر حجمًا من البوم، مما يوفر لها قدرة على تحمل الرحلات الطويلة في البحار العميقة. يتميز “الديب” بوجود هيكل قوي يزيد من ثباته في المياه المتقلبة. استخدم هذا النوع من السفن بشكل رئيسي في فترة الصيد العميق، حيث كان يتم الغوص في أماكن أعمق من التي كان يصل إليها البوم.
كانت السفينة “الديب” تتسع لعدد كبير من الأفراد، بما في ذلك طاقم الغوص الذي يتكون من الغواصين، وبعض الحرفيين المهرة الذين كانوا يقيمون المعدات، بالإضافة إلى الطاقم المساعد الذي يدير السفينة. كانت هذه السفينة مجهزة بالكثير من الأدوات التي تسهل من عمليات البحث عن اللؤلؤ، مثل الحبال الثقيلة والشباك التي تساعد في جمع المحار.
3. السفينة “الشكوة”
تعتبر “الشكوة” واحدة من أقدم السفن المستخدمة في الغوص للبحث عن اللؤلؤ، وهي سفينة صغيرة الحجم نسبيا كانت تستخدم في الغوص على عمق أقل من الذي يُغوص فيه باستخدام “الديب”. صُممت الشكوة على نحو يتناسب مع المياه الضحلة في الخليج العربي، وهي تتميز بالقدرة على المناورة في المسافات القريبة من الشاطئ.
تتميز الشكوة بقدرتها العالية على الدوران في المياه الضحلة حول الجزر والخلجان الصغيرة. كانت هذه السفن تعتمد بشكل رئيسي على الأشرعة، وكان الغواصون يستخدمونها للقيام برحلات قصيرة لاستكشاف مواقع الغوص.
4. السفينة “الجالبوت”
يعتبر “الجالبوت” نوعًا آخر من السفن التقليدية التي كانت تستخدم في الغوص بحثًا عن اللؤلؤ. يتشابه الجالبوت مع البوم في الحجم، لكنه يمتاز بتصميم يتيح له القدرة على تحمل الأمواج العالية، مما جعله مناسبًا للغوص في المياه الأكثر عمقًا. كانت السفينة الجالبوت تُستخدم بشكل رئيسي لنقل الغواصين إلى أعماق البحر حيث يتواجد اللؤلؤ، وتتميز بسعة أكبر مقارنة بالبوم، ما يجعلها مناسبة لنقل عدد أكبر من الأفراد، بما في ذلك الغواصين والمساعدين.
غالبًا ما كانت هذه السفن مزودة بشراع كبير يدفعها عبر المياه، كما كان لها القدرة على الإبحار في البحار الهادئة والعاصفة على حد سواء.
5. السفينة “الفلوكة”
تعتبر “الفلوكة” إحدى السفن الشهيرة المستخدمة في صناعة الغوص للبحث عن اللؤلؤ. كانت تستخدم في المياه الأكثر هدوءًا، وكان لها تصميم بسيط للغاية. تتميز الفلوكة بأنها أصغر حجماً من السفن الأخرى، لكنها تتمتع بمرونة كبيرة في التنقل بين الجزر الصغيرة والخلجان الضحلة. كان الغواصون يفضلون استخدام الفلوكة في الأماكن التي كانت تشهد حركة مرور كثيفة من الغواصين والصيادين، حيث كانت توفر لهم سهولة التنقل السريع.
6. السفينة “المجداف”
تُستخدم السفينة “المجداف” بشكل أساسي في البحر الأحمر والخليج العربي، وهي أصغر السفن المستخدمة في الغوص للبحث عن اللؤلؤ. يتميز المجداف ببنيته الخفيفة وسرعته العالية، حيث يمكنه الإبحار بسرعة في المياه الضحلة والمناطق التي يصعب الوصول إليها باستخدام سفن أكبر.
كانت هذه السفن تُستخدم أساسًا لنقل الغواصين إلى الأماكن القريبة من الشاطئ، حيث كان يتم الغوص على عمق ضحل. ولقد تطورت السفن المجدافية مع مرور الزمن، حيث أُضيف لها المزيد من الأدوات الحديثة التي تسهل عمليات الغوص مثل الحبال وأدوات جمع المحار.
7. السفينة “الطرادة”
تعتبر “الطرادة” من السفن التي كانت تستخدم في عمليات الغوص للبحث عن اللؤلؤ في المناطق الأكثر عمقًا. تمتاز الطرادة بتصميم قوي جدًا، ما يجعلها صالحة للبحار العميقة التي يتعذر الوصول إليها بواسطة السفن الأخرى. كان الغواصون يستخدمونها في رحلات طويلة، حيث يضطرون للبقاء في البحر لمدة طويلة.
الخاتمة
تُعد السفن المستخدمة في الغوص للبحث عن اللؤلؤ جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المنطقة العربية، وخاصة في دول الخليج العربي. كانت هذه السفن تمثل وسيلة الاتصال الأساسية بين الغواصين ومواردهم في أعماق البحر، حيث كانت تضمن لهم تحقيق النجاح في هذا النشاط الحيوي. على الرغم من التطور التكنولوجي الذي شهده هذا المجال، تبقى السفن التقليدية رموزًا بارزة للقدرة البشرية على التكيف مع البيئة البحرية، والبحث المستمر عن الثروات المخبأة في قاع البحر.
