7 فوائد للمكاتب التي يستطيع الموظفون العمل خلفها وهم واقفين (وأفضلها)

شهدت بيئات العمل في العقود الأخيرة تحولات جذرية بفعل التغيرات في طبيعة المهام والابتكارات التقنية التي مهدت الطريق لتطوير أدوات العمل، وعلى رأسها المكاتب القابلة للتعديل بحيث يمكن استخدامها في وضعية الجلوس أو الوقوف. ويُعد المكتب القابل للوقوف (Standing Desk) من الابتكارات البارزة التي اجتاحت مكاتب العمل الحديثة، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى تزايد التحذيرات الطبية والدراسات التي تؤكد أن الجلوس لفترات طويلة يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، تشمل أمراض القلب، والسمنة، والسكري، واضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي. وفي هذا السياق، ظهرت المكاتب التي تتيح للموظف العمل وهو واقف، كحل عملي لتعزيز الصحة العامة والإنتاجية في بيئة العمل.

فيما يلي تفصيل مطوّل لأهم سبع فوائد لاستخدام المكاتب التي تتيح الوقوف أثناء العمل، مع تسليط الضوء على الفائدة الأكثر تأثيرًا بينها:

1. تحسين الصحة القلبية والوقاية من أمراض القلب

أظهرت دراسات متراكمة أن الجلوس لفترات مطولة يؤدي إلى انخفاض نشاط الإنزيمات التي تعمل على تفتيت الدهون، مما يزيد من تراكم الدهون في الشرايين. كما يرتبط الجلوس المفرط بارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول الضار. بالمقابل، الوقوف لفترات منتظمة خلال اليوم يساعد في تحسين الدورة الدموية، وتنشيط عضلة القلب، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.

وفي دراسة نُشرت في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية، وُجد أن الأشخاص الذين قضوا وقتًا أطول في الوقوف مقارنة بالجلوس كانوا أقل عرضة للإصابة بمشاكل القلب بنسبة 33%. هذا التغير الصغير في وضعية العمل اليومي يمكن أن يكون له انعكاسات بعيدة المدى على الصحة القلبية العامة.

2. تقليل خطر الإصابة بالسمنة وزيادة الوزن

يرتبط الوقوف بالحرق الطبيعي للسعرات الحرارية بمعدل أعلى مقارنة بالجلوس. فعلى الرغم من أن الفارق في الحرق الحراري بين الجلوس والوقوف قد يبدو طفيفًا في الساعة الواحدة، إلا أنه يتراكم على مدار الأسبوع بشكل كبير. تشير التقديرات إلى أن الوقوف لمدة 3 ساعات يوميًا يمكن أن يحرق ما بين 120 إلى 200 سعرة حرارية إضافية، وهذا يعادل خسارة عدة كيلوغرامات سنويًا دون أي تغيير في النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة.

كما أن الوقوف يساهم في تنشيط العضلات الكبيرة، وخاصة عضلات الساقين والظهر، مما يعزز من معدل الاستقلاب الأساسي للجسم، ويقلل من فرص تراكم الدهون الموضعية الناتجة عن الخمول.

3. تحسين وضعية الجسم وتقليل آلام الرقبة والظهر

من أبرز المشكلات المرتبطة بالجلوس المطول هي الآلام المزمنة في منطقة الرقبة وأسفل الظهر، نتيجة الضغط المستمر على العمود الفقري والانحناء غير السليم أثناء استخدام الكمبيوتر. توفر المكاتب القابلة للتعديل فرصة للموظف للحفاظ على استقامة الظهر وتوزيع الوزن بشكل متوازن، مما يقلل من إجهاد العضلات والمفاصل.

وقد أظهرت مراجعات منهجية أن العاملين الذين انتقلوا لاستخدام المكاتب الوقوفية أفادوا بانخفاض كبير في الشعور بالألم، خاصة في مناطق الرقبة والكتفين، بنسبة وصلت إلى 54% خلال الأسابيع الأولى من الاستخدام.

4. تعزيز الإنتاجية والتركيز الذهني

بيّن عدد من الدراسات أن الوقوف أثناء العمل يؤدي إلى تحسين مستويات التركيز والانتباه، خاصة في المهام التي تتطلب تفكيرًا تحليليًا أو متابعة دقيقة للتفاصيل. ويُعتقد أن زيادة تدفق الدم إلى الدماغ نتيجة الوقوف تساهم في تحسين الأداء المعرفي ووظائف الدماغ، مثل الذاكرة قصيرة المدى وسرعة المعالجة.

كما أن العمل واقفًا يمنح شعورًا بالحيوية والنشاط، مما يقلل من مظاهر التعب الذهني والإرهاق الذي يصاحب الجلوس المطول. وهو ما ينعكس إيجابًا على الأداء العام للموظف، لا سيما في المهام الطويلة أو ذات الطابع المتكرر.

5. الحد من التوتر النفسي وتحسين المزاج العام

الوقوف خلال العمل لا يقتصر تأثيره على الجوانب الجسدية فقط، بل يمتد إلى التأثير النفسي والمزاجي. وقد أظهرت دراسة أجريت على أكثر من 230 موظفًا استخدموا مكاتب وقوفية أن نسبة كبيرة منهم أبلغت عن تحسن ملحوظ في المزاج العام، وانخفاض في مستويات التوتر والقلق خلال ساعات العمل.

الآلية المحتملة لذلك تكمن في تعزيز الشعور بالتحكم الذاتي في بيئة العمل، إذ أن تغيير وضعية الجسد يعطي إحساسًا بالمرونة والراحة النفسية، ويقلل من الضغط العصبي الناتج عن الروتين والجمود الجسدي.

6. دعم سلوكيات العمل الصحية وتعزيز ثقافة الوقاية

الاعتماد على المكاتب الوقوفية يندرج ضمن التوجه العام نحو بيئات عمل صحية ومستدامة. فالتحول إلى هذه النوعية من المكاتب يمثل خطوة استراتيجية لتشجيع الموظفين على تبني سلوكيات وقائية، مثل التنقل الدوري، وممارسة التمارين الخفيفة أثناء فترات الراحة، والتقليل من العادات المكتبية السلبية.

وفي كثير من المؤسسات، أدى استخدام هذه المكاتب إلى تقليل نسب الغياب بسبب الإصابات العضلية أو الإرهاق المزمن، مما انعكس على مؤشرات الأداء المؤسسي والصحة العامة للموظفين.

7. المرونة الوظيفية والاندماج مع أساليب العمل الحديثة (الأفضل على الإطلاق)

تُعد هذه الفائدة من أبرز وأهم الفوائد، لأنها تمثل جوهر التحول في بيئة العمل المعاصرة. فالمكاتب الوقوفية تعكس مفهوماً متقدماً من التكيف مع حاجات الموظف الفردية، من خلال إتاحة إمكانية التبديل بين الجلوس والوقوف حسب الحالة المزاجية أو متطلبات العمل. هذه المرونة تساعد في تقليل الإرهاق، وزيادة الرضا الوظيفي، وتعزيز التفاعل بين أفراد الفريق.

في بيئات العمل التي تعتمد على أساليب Agile أو فرق العمل المتغيرة باستمرار، تُعد المكاتب الوقوفية جزءًا لا يتجزأ من التصميم الداخلي الذكي، الذي يراعي ديناميكية الحركة والتواصل الفعال. فالموظف يمكنه الانتقال من الحاسوب إلى السبورة التفاعلية أو المناقشات الجماعية دون الشعور بالتقيد بمكان معين أو وضعية واحدة، وهو ما يُسهم في تعزيز ثقافة العمل الجماعي والإبداعي.

كما أن هذه المرونة تقلل من احتمالات الإرهاق العضلي والنفسي، وتوفر بيئة تعزز التوازن بين النشاط الجسدي والتفكير الذهني، مما يجعل المكاتب الوقوفية خيارًا استراتيجيًا للمؤسسات التي تطمح إلى تحقيق أداء عالي الجودة ضمن أجواء عمل صحية ومتطورة.

جدول مقارنة بين الجلوس والوقوف خلال العمل المكتبي:

المراجع:

1. Thorp, A. A., Owen, N., Neuhaus, M., & Dunstan, D. W. (2011). Sedentary behaviors and subsequent health outcomes in adults. American Journal of Preventive Medicine, 41(2), 207–215.

2. Dunstan, D. W., Howard, B., Healy, G. N., & Owen, N. (2012). Too much sitting – A health hazard. Diabetes Research and Clinical Practice, 97(3), 368–376.