فرط إفراز الدمع: الأسباب والعلاج

الدماع (فرط إفراز الدمع): أسبابه وأعراضه

فرط إفراز الدمع أو ما يُعرف بـ “الدماع” هو حالة طبية يتساقط فيها الدمع بكميات غير طبيعية وبدون وجود سبب عاطفي أو بيئي مبرر لذلك. في العادة، تتراوح كمية الدموع التي ينتجها العين بين 0.75 و1 ملليلتر يوميًا، مما يساهم في الحفاظ على صحة العين وحمايتها من الجفاف والعدوى. لكن عند حدوث فرط في إفراز الدمع، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على حياة الفرد اليومية، بما في ذلك التأثير على الرؤية والشعور بعدم الراحة.

الدماع ليس مرضًا في حد ذاته، بل هو عرض لحالة طبية معينة قد تكون ناجمة عن عدد من الأسباب. ومن أجل فهم أعمق لهذه الحالة، من المهم التعرف على الأسباب الرئيسية، الأعراض، العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة، وطرق التشخيص والعلاج المناسبة.

الأسباب الرئيسية لفرط إفراز الدمع

1. التهاب العين (التهاب الملتحمة أو العين الوردية):
   يُعد التهاب الملتحمة من أكثر الأسباب شيوعًا لفرط إفراز الدمع. يحدث هذا بسبب التهاب في الأغشية المخاطية التي تغطي الجزء الأبيض من العين والجفن الداخلي. يمكن أن ينتج هذا الالتهاب عن عدوى فيروسية أو بكتيرية، أو بسبب رد فعل تحسسي.

2. جفاف العين:
   عندما تكون العين جافة، تحاول الغدد المسؤولة عن إنتاج الدموع تعويض النقص في الرطوبة عبر إفراز كمية كبيرة من الدمع. هذا يشمل حالات مثل متلازمة جفاف العين، حيث لا يتم إنتاج الدموع بشكل كافٍ للحفاظ على رطوبة العين.

3. التحسس (الربو التحسسي):
   التحسس من الغبار أو حبوب اللقاح أو بعض المواد الكيميائية قد يسبب تهيجًا للعين، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الدموع. الأشخاص الذين يعانون من التحسس يمكن أن يلاحظوا تزايدًا في الدموع خصوصًا في مواسم معينة.

4. انسداد القنوات الدمعية:
   القنوات الدمعية هي المسارات التي تصرف الدموع من العين إلى الأنف. إذا حدث انسداد في هذه القنوات، يتم حبس الدموع في العين، مما يؤدي إلى تسربها إلى خارج العين. يمكن أن يحدث الانسداد بسبب التهابات سابقة أو بسبب تراكم الأوساخ أو الإصابة.

5. العدوى:
   بعض أنواع العدوى، مثل التهاب الأجفان أو القرحة القرنية، يمكن أن تؤدي إلى فرط إفراز الدمع كجزء من رد الفعل المناعي للجسم لمكافحة العدوى.

6. الآثار الجانبية للأدوية:
   بعض الأدوية قد تتسبب في زيادة إفراز الدمع كأثر جانبي. الأدوية التي تُستخدم لعلاج الجفاف في العين، مثل بعض قطرات العين، قد تؤدي إلى الإفراط في الدموع.

7. التغيرات في الحالة الهرمونية:
   التغيرات الهرمونية قد تلعب دورًا في زيادة إفراز الدمع، وخاصة في فترات الحمل أو عند بلوغ سن اليأس، حيث تتغير مستويات الهرمونات بشكل ملحوظ.

8. العوامل البيئية:
   بعض الظروف البيئية مثل الرياح الشديدة أو الهواء الجاف قد تسبب تهيج العين وزيادة إفراز الدمع. هذا يمكن أن يحدث أيضًا نتيجة التواجد في أماكن مليئة بالغبار أو الدخان.

9. التعرض للمهيجات الكيميائية:
   المواد الكيميائية الموجودة في مستحضرات التجميل أو المنظفات أو المبيدات قد تؤدي إلى تهيج العين وزيادة إفراز الدموع.

الأعراض المرافقة لفرط إفراز الدمع

إفراز الدموع المفرط لا يحدث في العادة دون ملاحظة، فغالبًا ما يرتبط بعدد من الأعراض التي تختلف في شدتها حسب السبب الكامن وراء الحالة:

1. الدموع المستمرة أو الزائدة:
   إن أكثر الأعراض وضوحًا هي دموع العين المستمرة أو الزائدة، التي يمكن أن تُغرق العين وتؤثر على الرؤية.

2. الإحساس بالتهيج أو الحرقان في العين:
   يشعر الأشخاص الذين يعانون من فرط إفراز الدمع غالبًا بالإحساس بحرقان أو وخز في العين، مما قد يسبب ألمًا مزمنًا مع مرور الوقت.

3. احمرار العين:
   قد يظهر احمرار في العين بسبب الالتهاب أو تهيج الأنسجة المحيطة بالعين نتيجة للإفراز المفرط للدموع.

4. حساسية الضوء:
   قد يصبح الشخص أكثر حساسية للضوء (رهاب الضوء) نتيجة التغيرات التي تطرأ على سطح العين بسبب كثرة الدموع.

5. الإحساس بوجود جسم غريب في العين:
   بسبب الإفرازات الزائدة، قد يشعر الشخص أن هناك جسمًا غريبًا في العين، مما يسبب شعورًا مستمرًا بعدم الراحة.

6. الرؤية الضبابية:
   إذا كانت كمية الدموع كبيرة جدًا أو كانت العين مشبعة بالدموع بشكل مستمر، قد تلاحظ الرؤية الضبابية أو غير الواضحة نتيجة لتراكم الدموع على سطح العين.

7. التأثير على الأنشطة اليومية:
   في الحالات الشديدة من الدماع، قد يواجه الشخص صعوبة في أداء الأنشطة اليومية مثل القراءة، القيادة، أو حتى المشي بسبب كثرة الدموع التي تفرز من العين.

تشخيص فرط إفراز الدمع

تشخيص الدماع يتطلب زيارة طبيب العيون الذي قد يستخدم العديد من الأساليب لتحديد السبب الكامن وراء الحالة. من بين الأساليب التي قد تُستخدم في التشخيص:

1. الفحص السريري:
   يقوم الطبيب بفحص شامل للعين، بما في ذلك فحص الجفن والملتحمة (الغشاء المخاطي) والقرنية. سيُبحث عن أي علامات لالتهابات أو تشوهات قد تكون السبب وراء الإفراز المفرط للدموع.

2. اختبار تدفق الدموع:
   يستخدم هذا الاختبار لتحديد ما إذا كان هناك مشكلة في إنتاج الدموع أو تصريفها. يتم من خلاله قياس مدى سرعة امتصاص الدموع بواسطة العين.

3. التصوير الطبي:
   في بعض الحالات، قد يتم استخدام أشعة سينية أو تصوير بالموجات فوق الصوتية لفحص القنوات الدمعية والتأكد من عدم وجود انسداد.

4. اختبارات الحساسية:
   إذا كان الطبيب يشتبه في وجود تحسس كسبب رئيسي، قد يتم إجراء اختبارات حساسية لتحديد المواد المسببة لهذا التحسس.

5. الاختبارات المخبرية:
   قد يتطلب التشخيص أخذ عينات من إفرازات العين لتحليلها في المختبر لتحديد إذا ما كان هناك عدوى بكتيرية أو فيروسية.

علاج فرط إفراز الدمع

تعتمد طرق علاج الدماع على السبب الرئيسي وراء الحالة. هنا بعض الخيارات العلاجية المتاحة:

1. استخدام الأدوية:

   • إذا كان الدماع ناجمًا عن التهاب أو عدوى، فقد يصف الطبيب أدوية مضادة للبكتيريا أو الفيروسات.

   • الأدوية المضادة للحساسية قد تساعد في حال كان التحسس هو السبب.

   • قطرات العين المرطبة قد تساعد في حالة جفاف العين.

2. إغلاق القنوات الدمعية:
   في بعض الحالات، إذا كان هناك إفراز مفرط نتيجة لانسداد القنوات الدمعية، يمكن أن يوصي الطبيب بإغلاق مؤقت أو دائم للقنوات الدمعية باستخدام سدادات صغيرة.

3. الجراحة:
   في الحالات التي يصعب علاجها بالأدوية أو العلاجات الأخرى، قد يلجأ الطبيب إلى الجراحة لإصلاح القنوات الدمعية أو إزالة الأنسجة التالفة.

4. العلاج بالليزر:
   يستخدم العلاج بالليزر أحيانًا في الحالات التي تتطلب تصحيحًا للقنوات الدمعية.

5. التغييرات البيئية:
   إذا كانت الظروف البيئية مثل الهواء الجاف أو الرياح هي السبب، قد ينصح الطبيب باستخدام أجهزة ترطيب الجو أو تجنب التعرض للأماكن الملوثة.

الختام

يعد الدماع أو فرط إفراز الدمع حالة شائعة، وقد تتنوع أسبابها من التهابات العين إلى التغيرات البيئية أو المشاكل المتعلقة بالقنوات الدمعية. يمكن أن تكون الأعراض مزعجة للغاية وتؤثر على الحياة اليومية للشخص، لكن مع التشخيص الصحيح والعلاج المناسب، يمكن التحكم في هذه الحالة والحد من تأثيراتها.