الشره المرضي: الأعراض والعلاج

الشره المرضي: أعراضه وأسبابه وعلاجه

الشره المرضي هو اضطراب نفسي يعاني فيه المصاب من سلوكيات غير صحية مرتبطة بتناول الطعام، حيث يتميز هذا الاضطراب بحلقات من الإفراط في الأكل تليها سلوكيات غير صحية تهدف إلى التخلص من الطعام المتناول مثل التقيؤ أو الإفراط في ممارسة الرياضة أو استخدام الأدوية الملينة. يعد الشره المرضي من الاضطرابات النفسية المعقدة التي تؤثر بشكل كبير على الصحة الجسدية والعقلية للمصاب، وغالباً ما يرتبط بأمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق. يعتبر هذا الاضطراب من بين أكثر اضطرابات الأكل شيوعاً، ويؤثر في الغالب على النساء في مرحلة الشباب، رغم أن الرجال قد يصابون به أيضًا.

أعراض الشره المرضي

تتمثل الأعراض الأساسية للشره المرضي في نوبات من الإفراط في الأكل، حيث يتناول الشخص كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة، عادةً ما يكون الشخص غير قادر على التحكم في رغبته في تناول الطعام أثناء هذه النوبات. تلي هذه النوبات عادةً سلوكيات تهدف إلى تجنب زيادة الوزن مثل التقيؤ أو الاستخدام المفرط للأدوية المدرة للبول أو الملينات أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط.

من بين الأعراض الأكثر شيوعاً للشره المرضي:

1. الإفراط في تناول الطعام: حيث يأكل الشخص كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير ولا يستطيع التوقف رغم شعوره بالشبع.

2. التقيؤ المتعمد: للتخلص من الطعام الزائد بعد نوبة الإفراط في الأكل.

3. استخدام الملينات أو مدرات البول: بغرض التخلص من السعرات الحرارية بشكل أسرع.

4. ممارسة الرياضة بشكل مفرط: لمحاولة حرق السعرات الزائدة نتيجة الإفراط في تناول الطعام.

5. مشاعر الخجل أو الذنب: التي ترافق النوبات من الإفراط في الأكل، مما يؤدي إلى الشعور بالضيق وعدم الرضا عن النفس.

6. تغيرات في الوزن: قد يعاني المصاب من تقلبات كبيرة في الوزن نتيجة السلوكيات الغذائية غير المنتظمة.

أسباب الشره المرضي

تعد أسباب الشره المرضي معقدة ومتعددة، حيث يمكن أن تتداخل العوامل النفسية، الاجتماعية، والجينية لتسهم في تطور هذا الاضطراب. ومن أبرز الأسباب المحتملة:

1. العوامل النفسية:

   • الضغط النفسي والتوتر: قد يساهم الضغط النفسي الناتج عن مشاكل الحياة اليومية أو الصدمات النفسية في دفع الشخص إلى البحث عن العزاء في الطعام.

   • القلق والاكتئاب: يعاني الكثير من الأشخاص المصابين بالشره المرضي من اضطرابات نفسية مثل القلق أو الاكتئاب، مما يزيد من ميلهم لاستخدام الطعام كآلية للتعامل مع مشاعرهم السلبية.

   • صورة الجسم السلبية: يميل الأشخاص المصابون بالشره المرضي إلى السعي نحو تحقيق صورة جسد مثالية أو الرغبة في فقدان الوزن بسرعة، مما يؤدي إلى سلوكيات غذائية غير صحية.

2. العوامل الاجتماعية والثقافية:

   • معايير الجمال المجتمعية: في المجتمعات التي تضع ضغوطًا كبيرة على النساء للوصول إلى صورة جسم معينة، يمكن أن يزيد ذلك من احتمالية تطوير اضطرابات الأكل مثل الشره المرضي.

   • التوقعات الاجتماعية: قد يشعر الأفراد بضغط مستمر من أجل الحصول على مظهر مثالي، ما يعزز من انتشار مثل هذه الاضطرابات في أوساط المجتمع.

3. العوامل الوراثية: تشير الأبحاث إلى أن العوامل الوراثية قد تلعب دورًا في تطور الشره المرضي. إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من اضطراب في الأكل، فإن احتمالية إصابة الأفراد الآخرين قد تزيد.

4. السلوكيات المكتسبة: يمكن أن يتعلم الأشخاص سلوكيات غذائية غير صحية من خلال محاكاة الأشخاص المقربين منهم مثل الأسرة أو الأصدقاء.

5. البيئة المحيطة: العيش في بيئة مشحونة بالضغوط النفسية أو الاجتماعية يمكن أن يعزز من ظهور مثل هذه الاضطرابات، حيث يزداد العبء على الأفراد في مسعى لتلبية المعايير المجتمعية غير الواقعية.

تشخيص الشره المرضي

يتم تشخيص الشره المرضي عادةً من خلال تقييم دقيق للمريض، يشمل ذلك:

• الفحص الطبي والنفسي: يتضمن تقييم الحالة الصحية العامة والتاريخ الطبي للمريض، بالإضافة إلى التقييم النفسي الذي يركز على السلوكيات الغذائية والمشاعر المصاحبة لها.

• التاريخ الغذائي والسلوكي: يركز الطبيب على الأنماط الغذائية للمريض، وتكرار نوبات الإفراط في الأكل، والوسائل التي يستخدمها الشخص للتخلص من الطعام.

• المقابلات النفسية: قد يتم استخدام استبيانات أو مقابلات مع المريض لفهم كيفية تأثير الأبعاد النفسية مثل الاكتئاب أو القلق على سلوكيات الطعام.

علاج الشره المرضي

يعد علاج الشره المرضي عملية متعددة الأبعاد تشمل العلاج النفسي، العلاج الطبي، والتغيير في السلوكيات الغذائية. قد يتطلب العلاج فترة طويلة من الزمن ويتضمن التعاون بين الأطباء النفسيين وأخصائيي التغذية وأطباء آخرين. وتستند خطط العلاج عادة إلى الأبعاد التالية:

1. العلاج النفسي:

   • العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يعد من أنجح الطرق العلاجية للشره المرضي، حيث يساعد المريض في تحديد الأفكار السلبية والمشوهة حول الطعام والجسم ويعمل على تعديل هذه الأفكار إلى أفكار أكثر توازنًا وصحة.

   • العلاج الجماعي: يمكن أن يساعد العلاج الجماعي الأفراد في التعامل مع مشاعرهم بشكل مشترك، كما يوفر لهم الدعم النفسي من أشخاص يمرون بتجارب مشابهة.

   • العلاج الأسري: في بعض الحالات، قد يكون من المفيد علاج الأسرة أيضًا، حيث أن فهم الأسرة وتوفير بيئة داعمة يمكن أن يساعد بشكل كبير في علاج الشره المرضي.

2. العلاج الطبي:

   • الأدوية: في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية مضادة للاكتئاب أو الأدوية التي تساعد في تقليل نوبات الإفراط في الأكل. هذه الأدوية قد تساهم في معالجة الاضطرابات النفسية المرتبطة بالشره المرضي مثل الاكتئاب والقلق.

   • المراقبة الطبية: في الحالات التي يعاني فيها الشخص من مضاعفات صحية جراء الشره المرضي، مثل اختلالات في توازن الأملاح أو مشاكل في الجهاز الهضمي، قد يتطلب الأمر مراقبة طبية مستمرة.

3. التغذية والعادات الصحية:

   • إعادة التأهيل الغذائي: يساعد أخصائيو التغذية المرضى في تنظيم أنماطهم الغذائية وتعليمهم كيفية تناول الطعام بشكل صحي ومتوازن دون اللجوء إلى الإفراط أو التجنب.

   • مراقبة الوزن بشكل معتدل: يمكن أن يساعد العلاج في تعلم كيفية إدارة الوزن بشكل صحي دون اللجوء إلى السلوكيات القهرية مثل التقيؤ أو استخدام الأدوية المساعدة على فقدان الوزن.

4. الدعم المستمر: قد يتطلب الشره المرضي علاجًا طويل الأمد، يتضمن فحصًا مستمرًا من قبل المختصين وكذلك الدعم من الأصدقاء والعائلة. يمكن أن يساعد بناء شبكة دعم قوية في تعزيز التغييرات السلوكية والحفاظ عليها.

التوقعات والوقاية

التوقعات بالنسبة للأفراد الذين يتلقون علاجًا مناسبًا للشره المرضي يمكن أن تكون إيجابية، إذ أظهرت الأبحاث أن العديد من المرضى يمكنهم تحقيق تحسن كبير في سلوكياتهم الغذائية وحالتهم النفسية. ومع ذلك، قد يعاني بعض الأشخاص من انتكاسات على المدى الطويل، مما يستدعي متابعة مستمرة وعلاجًا مكثفًا.

بالنسبة للوقاية من الشره المرضي، فإن التوعية حول اضطرابات الأكل وتقديم الدعم النفسي للأفراد في سن مبكرة يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تقليل انتشار هذا الاضطراب. من الضروري أن يُشجع المجتمع على تبني معايير جمال صحية لا تركز على الشكل المثالي وإنما على الصحة العامة والرفاهية.

الخلاصة

الشره المرضي هو اضطراب معقد يتطلب علاجًا متكاملًا يشمل الجوانب النفسية والجسدية. من خلال العلاج المناسب والدعم المستمر، يمكن للعديد من الأشخاص التعافي بشكل كامل أو تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير.