أمراض ناتجة عن سوء التغذية

أمراض ناتجة عن سوء التغذية

تعدّ التغذية السليمة من الأسس الحيوية التي لا غنى عنها لصحة الإنسان. فهي تساهم بشكل أساسي في نمو الجسم، دعم جهاز المناعة، وتوفير الطاقة اللازمة للأنشطة اليومية. لكن، قد تؤدي الممارسات الغذائية غير السليمة أو نقص بعض العناصر الغذائية إلى ظهور مجموعة واسعة من الأمراض والمشكلات الصحية. تُعرف هذه الحالات بأمراض سوء التغذية، والتي تتراوح بين نقص الفيتامينات والمعادن إلى الإفراط في تناول بعض العناصر الغذائية. في هذا المقال، سنتناول بشكل موسع مجموعة من الأمراض التي تنشأ نتيجة سوء التغذية، مُستعرضين العوامل المؤدية لها وآثارها على الصحة.

1. نقص البروتين والطاقة (PEM)

نقص البروتين والطاقة (PEM) هو حالة تنتج عن عدم الحصول على كميات كافية من البروتينات والطاقة من الطعام. هذه الحالة غالبًا ما تظهر في البلدان النامية، حيث تفتقر بعض المناطق إلى إمدادات غذائية كافية، خاصة للأطفال والرضع.

أنواع نقص البروتين والطاقة

يُقسّم نقص البروتين والطاقة إلى نوعين رئيسيين:

• الكساح (Kwashiorkor): ينتج بسبب نقص البروتين في النظام الغذائي، ويؤدي إلى تورم الجسم، ضعف العضلات، اضطرابات في نمو الطفل، وتدهور وظائف الجهاز المناعي.

• الهزال (Marasmus): يحدث نتيجة نقص كل من البروتين والطاقة، ويتميز بضعف عام وفقدان شديد للوزن، وقد يؤدي إلى تأخر في النمو العقلي والجسدي للأطفال.

2. فقر الدم الناتج عن نقص الحديد

يعدّ فقر الدم من أكثر أمراض سوء التغذية شيوعًا في جميع أنحاء العالم، خاصة بين النساء والأطفال. يحدث هذا المرض نتيجة نقص الحديد في الجسم، وهو العنصر الذي يلعب دورًا أساسيًا في تكوين الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء.

أعراض فقر الدم الناتج عن نقص الحديد

• شعور دائم بالإرهاق والتعب.

• شحوب البشرة.

• ضيق في التنفس.

• دوار وفقدان التركيز.

• انخفاض مستوى الطاقة.

يُعتبر الحديد العنصر الغذائي الذي يتوافر بشكل رئيسي في اللحوم الحمراء وبعض المصادر النباتية مثل السبانخ والفاصوليا. لكن في حال عدم الحصول على كميات كافية من الحديد، قد يصبح الجسم عرضة لفقر الدم.

3. نقص فيتامين D وهشاشة العظام

فيتامين D من الفيتامينات الأساسية التي تلعب دورًا مهمًا في تنظيم مستويات الكالسيوم والفوسفور في الجسم، وبالتالي الحفاظ على صحة العظام. إذا كان الشخص يعاني من نقص حاد في فيتامين D، فإن ذلك قد يؤدي إلى مرض “هشاشة العظام”، حيث تصبح العظام ضعيفة وهشة.

أسباب نقص فيتامين D

• قلة التعرض لأشعة الشمس.

• ضعف النظام الغذائي الذي يحتوي على فيتامين D.

• نقص امتصاص فيتامين D في الأمعاء.

أعراض هشاشة العظام تشمل آلام المفاصل، وضعف العضلات، وزيادة خطر الكسور. لذلك يُنصح بالحصول على كميات كافية من فيتامين D إما عن طريق التعرض للشمس أو من خلال تناول مكملات غذائية أو أطعمة غنية بهذا الفيتامين مثل الأسماك الدهنية والبيض.

4. نقص الفيتامينات (مثل A وC)

النقص في الفيتامينات المختلفة، مثل فيتامين A وفيتامين C، قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. فيتامين A مهم لصحة العين والنمو الطبيعي للجلد والأنسجة، في حين أن فيتامين C ضروري لتقوية جهاز المناعة وتحسين امتصاص الحديد.

نقص فيتامين A

• قد يؤدي إلى العمى الليلي وزيادة خطر الإصابة بالعدوى.

• في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي إلى تدهور صحة العين وفقدان البصر.

نقص فيتامين C

• يمكن أن يتسبب في مرض الاسقربوط، والذي يسبب نزيفًا في اللثة، وتأخر التئام الجروح، وضعف عام في الجسم.

5. السمنة وأمراض القلب

على الجانب الآخر من طيف سوء التغذية، قد يتسبب الإفراط في تناول الطعام الغني بالدهون المشبعة والسعرات الحرارية في حدوث السمنة. السمنة تؤدي إلى مجموعة من الأمراض المرتبطة بقلب الإنسان، مثل ارتفاع ضغط الدم، أمراض الشرايين التاجية، السكري من النوع الثاني، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

أسباب السمنة

• تناول الأطعمة العالية في السكريات والدهون.

• نمط الحياة غير النشط (قلة النشاط البدني).

• العوامل الوراثية.

6. السكري من النوع الثاني

يعتبر السكري من النوع الثاني من الأمراض التي ترتبط بشكل مباشر بسوء التغذية والعادات الغذائية غير الصحية. غالبًا ما يحدث هذا النوع من السكري نتيجة الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون.

عوامل الخطر المرتبطة بالسكري من النوع الثاني

• السمنة.

• قلة النشاط البدني.

• تناول الأطعمة غير الصحية مثل المشروبات الغازية والأطعمة السريعة.

تؤثر مستويات السكر المرتفعة في الدم على العديد من أجهزة الجسم، وقد تؤدي إلى مشاكل صحية أخرى مثل تلف الأوعية الدموية، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض القلبية.

7. مرض السكري من النوع الأول

بالرغم من أن مرض السكري من النوع الأول ليس ناتجًا بشكل مباشر عن سوء التغذية، إلا أن التغذية السليمة تلعب دورًا أساسيًا في إدارة المرض. يعدّ السكري من النوع الأول حالة مناعة ذاتية تتسبب في تدمير الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، مما يعيق قدرة الجسم على التحكم في مستويات السكر في الدم.

8. نقص الفيتامينات والمعادن (ملفات غذائية دقيقة)

تحتاج أجسامنا إلى العديد من الفيتامينات والمعادن التي لا يمكن تصنيعها داخليًا، بل يجب الحصول عليها من خلال الطعام. نقص بعض هذه المغذيات يمكن أن يؤدي إلى عدد من الأمراض، مثل:

• نقص اليود: قد يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية أو ما يعرف بالـ “دراق”.

• نقص الفولات (فيتامين B9): يرتبط بنقص نمو الجنين وتشوهات الأنبوب العصبي.

• نقص الزنك: يضعف جهاز المناعة، وقد يؤدي إلى تأخر في النمو عند الأطفال.

9. اضطرابات الأكل: الأنوركسيا والبوليميا

تعد اضطرابات الأكل مثل الأنوركسيا والبوليميا من الأمراض النفسية المرتبطة بسوء التغذية. حيث يعاني المصابون بالأنوركسيا من نقص حاد في تناول الطعام بسبب الخوف المرضي من زيادة الوزن، في حين يفرط المصابون بالبوليميا في تناول الطعام ثم يتسببون في القيء لإزالة الطعام من أجسامهم.

أثر اضطرابات الأكل

• ضعف النظام المناعي.

• اضطرابات الدورة الشهرية.

• هشاشة العظام.

• مشاكل في الجهاز الهضمي.

10. أمراض الكبد الناتجة عن سوء التغذية

تعتبر أمراض الكبد مثل “التليف الكبدي” من بين الأمراض التي قد تنشأ نتيجة لسوء التغذية. تنتج هذه الأمراض غالبًا بسبب الإفراط في تناول الكحول أو تراكم الدهون في الكبد بسبب النظام الغذائي الغني بالدهون.

11. السرطان

تعتبر بعض أنواع السرطان مرتبطة مباشرة بالتغذية غير السليمة، مثل سرطان القولون وسرطان الثدي وسرطان البروستاتا. تشير الدراسات إلى أن تناول كميات كبيرة من اللحوم المعالجة والدهون المشبعة قد يزيد من خطر الإصابة بهذه الأنواع من السرطان.

خاتمة

يظهر من خلال هذا المقال أن سوء التغذية لا يتعلق فقط بنقص الطعام أو التغذية، بل يمكن أن يتخذ أيضًا أشكالًا متعددة تشمل الإفراط في الطعام أو تناول الطعام غير الصحي. إن التأثيرات السلبية لهذه الأمراض على الصحة تكون شديدة وطويلة المدى، ويجب أن يتم تعزيز التوعية حول أهمية التغذية السليمة في الوقاية من الأمراض. لا تقتصر العواقب على الجوانب الجسدية فقط، بل تمتد لتشمل التأثيرات النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تضر بجودة حياة الأفراد.