فضل سورة يس وخواصها

فضل سورة يس في القرآن الكريم

سورة “يس” هي إحدى السور المكية التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة. تعتبر سورة يس من السور التي تحمل في طياتها العديد من الفوائد الروحية والنفسية، وهي من السور التي يكثر المسلمون في تلاوتها لفضائلها العديدة وخواصها التي أوردها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. تمثل سورة يس جزءاً مهماً من الكتاب الكريم، وتمعن في التأثير على قلوب المسلمين وتوجيههم نحو تقوية علاقتهم بالله عز وجل.

تتكون سورة يس من 83 آية، وهي السورة رقم 36 في ترتيب المصحف الشريف. قد اختار الله عز وجل هذه السورة لتكون حافلة بالمفاهيم العميقة التي تُمكن المؤمن من استشعار العظمة الإلهية في كل جوانب الحياة، بدءاً من الخلق، مروراً بآيات الله في الكون، وصولاً إلى التوجيهات الإيمانية التي تقوي إيمان المؤمن وتقربه إلى الله تعالى.

1. فضائل سورة يس:

تعتبر سورة “يس” من السور التي ورد في الحديث الشريف ما يدل على فضائلها العظيمة، وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث تبيّن مكانتها وفضل تلاوتها. من بين الأحاديث المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غُفِر له.” (رواه ابن ماجه).

• في حديث آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس” (رواه الترمذي). في هذا الحديث، يتم التأكيد على أهمية سورة يس كقلب القرآن الكريم، مما يدل على فضلها العظيم.

2. تأثير سورة يس على القلوب:

سورة “يس” تعد من السور التي تحفّز القلب على الخشوع والتفكر في آيات الله، مما يساهم في زيادة الإيمان والتقوى. إنها تثير في النفس اليقين بقدرة الله ورحمته الواسعة. إذ أن تلاوتها تصب في تقوية الروح وزيادة الشعور بالقرب من الله تعالى، لاسيما عندما يدرك المسلم المعاني العميقة التي تضمنتها السورة من بدء الخلق ومروراً بالأنبياء والرسل حتى يوم القيامة.

من أبرز ملامح السورة هي دعوة الله سبحانه وتعالى للمؤمنين للاستمرار في التوجه نحو الخلاص والنجاح في الدنيا والآخرة. وتوجد في السورة دعوة صريحة للتفكر في دلائل قدرة الله التي تحيط بالإنسان، من خلق الكون وموارد الأرض إلى آياته التي تتجلى في كل شيء حولنا.

3. معاني ودلالات سورة يس:

تبدأ السورة بحروف “يس”، وهي إحدى الحروف المقطعة التي لا يعلم تفسيرها إلا الله سبحانه وتعالى. هذه الحروف تثير العديد من التساؤلات لدى العلماء حول معانيها، وقد كانت بداية قوية تشير إلى أهمية السورة وعلو مكانتها.

تتطرق السورة إلى العديد من المواضيع التي تتعلق بالعقيدة الإسلامية، أهمها: الإيمان بالله وحده، وتصديق الرسل الذين بعثهم الله ليدعوا الناس إلى عبادة الله والتوحيد. كما تُسلّط السورة الضوء على معجزات الأنبياء والرسل، وتستعرض الكثير من الحالات التي تدل على صدق رسالاتهم مثل حالة أهل القرية التي رفضت دعوة الرسول.

من أبرز القصص التي تتضمنها السورة، قصة الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة ليحث قومه على اتباع الرسل، وتقدير رسالتهم، حيث يُعتبر هذا الرجل رمزاً للإيمان الصادق والمخلص، ما يدل على أن الله يهدي من يشاء من عباده الذين يسعون إلى الخير.

4. الاستشفاء والتوجه نحو الله:

تعد سورة “يس” من السور التي تكرس من جانبها قدرة القرآن الكريم على التداوي الروحي والنفسي. ورد في الأحاديث النبوية العديد من الشواهد التي تبين أن قراءة سورة “يس” قد تكون سبباً في تفريج الهموم وزوال الكربات. وقد قيل أن تلاوتها تُعتبر دواء للعديد من الأمراض النفسية والعقلية، وتبعث على الطمأنينة والسكينة في القلب.

كما تُقرأ سورة “يس” عند العديد من المسلمون في مناسبات مختلفة، مثل قراءة السورة عند المرضى أو أثناء الأوقات الصعبة، طلباً للشفاء والتيسير، ذلك لأن فيها من الدعاء والتوسل إلى الله بالرحمة والمغفرة، وهي تعد مصدرًا لراحة القلب وطمأنينته.

5. الارتباط بين سورة يس والآخرة:

تحتوي سورة “يس” على إشارات واضحة إلى يوم القيامة والبعث بعد الموت. فهي تذكرنا بالآخرة وما فيها من جزاء للمؤمنين والكافرين على حد سواء. كما تطرح السورة قضية البعث وإعادة الحياة للأموات من خلال قصة أحياء الموتى التي تعتبر جزءاً من معجزات الله.

في هذا السياق، نجد أن السورة تسلط الضوء على المصير المحتوم لكل شخص في الدنيا، حيث تذكرنا أنه لا مفر من يوم الحساب، الذي فيه يجني كل إنسان ما قدمت يداه. كما تسلط السورة الضوء على أن الله هو الوحيد الذي يملك تصريف الأمور في الأرض والسماء، ويجب على المؤمنين الالتزام بتوجيهات الرسل والأنبياء لتأمين مصيرهم في الآخرة.

6. التوجيهات الربانية في سورة يس:

تستعرض السورة العديد من التوجيهات الربانية للمؤمنين، التي تُعدّ بمثابة رسائل إلهية لتوجيه المسلم نحو الطريق الصحيح في حياته. إذ تحتوي السورة على دعوة ملحة للتوكل على الله في كل أمور الحياة، وعدم الخوف من الأعداء أو المصاعب، لأن الله سبحانه وتعالى هو الحامي والواقي من كل شر.

من خلال السورة، يتعلم المسلم كيف يمكنه أن يكون ثابتاً في إيمانه بالله، مهما كانت الظروف التي يواجهها. تذكر السورة بأن الله سبحانه وتعالى قد عاهد المؤمنين على النصر والظفر، طالما ظلوا مخلصين في عبادتهم له وتوجهاتهم نحو الطاعات.

7. دور سورة يس في الحياة اليومية:

تُعد سورة “يس” سيدة السور بالنسبة للمسلمين في العديد من جوانب الحياة. فهي من السور التي يكثر المسلمون في قراءتها في مناسبات عدة مثل بداية اليوم أو عند زيارة المرضى، وكذلك أثناء مواجهة الأزمات والشدائد. يُعتبر تلاوتها عملاً عباديًّا يؤتي ثماره في تهدئة النفس، وتغذية الروح، وإمداد الإنسان بالطمأنينة والإيمان.

كما تُستخدم سورة “يس” في العديد من البلدان العربية والإسلامية كوسيلة لجلب الرزق وتيسير الأمور المعقدة. ويرتبط تأثير السورة في النفوس بمعتقدات الناس العميقة في قدرة القرآن الكريم على إحداث التغيير الإيجابي في حياتهم.

8. خاتمة:

سورة “يس” ليست مجرد آيات من القرآن الكريم، بل هي نبع من الحكمة والتوجيهات الإلهية التي يمكن أن تسهم في تهذيب النفوس وتقويتها. مع ما تتميز به هذه السورة من تربية روحانية وتأكيد على معاني الإيمان بالآخرة، تبقى سورة “يس” من السور التي تلامس قلوب المؤمنين وتزيدهم إيمانًا، وتهديهم نحو الطريق الصحيح في حياتهم. إنها بحق قلب القرآن، ومصدر عميق للرحمة والهداية من الله تعالى.