كيفية حمل الطفل الرضيع بأمان

كيفية حمل الطفل الرضيع بطريقة صحيحة وآمنة

يُعتبر حمل الطفل الرضيع من أكثر المهام حساسية في حياة الأمهات والآباء، خاصة في الشهور الأولى من عمر الطفل حين يكون هشّاً وضعيفاً ويحتاج إلى عناية دقيقة وطريقة خاصة في التعامل. إن طريقة حمل الطفل لا تؤثر فقط على راحته الجسدية، بل تلعب دوراً مهماً في تطوره الحسي والحركي، كما تسهم في تعزيز الشعور بالأمان والارتباط العاطفي بين الطفل ومقدّم الرعاية. وتكمن أهمية الموضوع في أن الأخطاء المتكررة في حمل الطفل قد تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة على المدى الطويل، لا سيما في الرقبة والعمود الفقري، أو حتى في تطور الرأس إذا لم تُراعَ قواعد السلامة.

في هذا المقال المفصل، سنستعرض أهم الأساليب والمبادئ التي يجب اتباعها لحمل الطفل الرضيع بطريقة علمية وآمنة، مع شرح لتأثير كل منها على نمو الطفل وتطوره.

البنية الجسدية للطفل الرضيع في الشهور الأولى

قبل الدخول في تفاصيل تقنيات الحمل، لا بد من فهم البنية الفسيولوجية للرضيع خلال الأسابيع والأشهر الأولى من حياته. في هذه المرحلة:

• يكون الرأس ثقيلاً نسبياً مقارنة بباقي الجسم، إذ يشكل ما يقارب ربع الوزن الكلي.

• عضلات الرقبة ضعيفة وغير قادرة على دعم الرأس دون مساعدة خارجية.

• العمود الفقري لا يزال في طور التكوين والانحناء الطبيعي لم يتشكل بعد.

• المفاصل مرنة جداً بسبب عدم اكتمال تكلّس العظام.

لذلك فإن أي ضغط غير محسوب أو حركة خاطئة قد تؤثر بشكل كبير على هذه المناطق الحساسة.

قواعد عامة يجب اتباعها عند حمل الطفل

1. دعم الرأس والرقبة

دعم الرأس هو القاعدة الذهبية لحمل أي رضيع خلال الأشهر الثلاثة الأولى. عند رفع الطفل من وضعية الاستلقاء، يجب دائماً استخدام إحدى اليدين لتثبيت الرأس والرقبة بينما تقوم اليد الأخرى برفع الجذع والظهر. وعند وضعه على الكتف، يجب التأكد من أن الذقن ليست مضغوطة على الصدر وأن الرقبة مدعومة بالكامل.

2. استخدام الحركات البطيئة والثابتة

الحركات المفاجئة أو التبديل السريع في الوضعيات قد تُخيف الرضيع أو تزعزع توازنه. يجب رفع الطفل وإنزاله بهدوء تام مع الحفاظ على اتصال بصري وصوتي لطمأنته.

3. الانتباه للعمود الفقري

لا يجب لف الطفل أو لَيّه عند الحمل، بل يُنقل من وضعية لأخرى ككتلة واحدة متماسكة. يُفضل وضع يد أسفل الأرداف واليد الأخرى خلف الكتفين والرأس لدعم الجسم كاملاً.

أوضاع حمل الطفل الرضيع

لكل وضعية حمل هدف معين وقد تكون مناسبة لحالات معينة كتهدئة الطفل، تسهيل التجشؤ، أو مساعدته على النوم. فيما يلي أبرز الوضعيات المعتمدة:

الوضعية الأولى: وضعية المهد (Cradle Hold)

هي الوضعية الأكثر شيوعاً والأكثر راحة في بداية الحياة:

• يوضع الطفل على الذراع بحيث يستقر الرأس في ثنية المرفق.

• تُستخدم اليد الأخرى لتثبيت الأرداف أو الظهر.

• تساعد هذه الوضعية على الرضاعة الطبيعية وتعزز التواصل البصري.

الوضعية الثانية: الوضع العمودي على الصدر

مناسبة للأطفال الذين يعانون من المغص أو يحتاجون إلى التجشؤ بعد الرضاعة:

• يوضع الطفل على صدر الأم أو الأب بحيث يكون الرأس مستنداً على الكتف.

• يجب دعم الرأس والرقبة بيد، والأرداف أو الظهر باليد الأخرى.

• تساهم هذه الوضعية في تقوية عضلات الرقبة بمرور الوقت.

الوضعية الثالثة: الحمل على الذراع الأمامية (Football Hold)

مناسبة للرضاعة أو للحفاظ على توازن الطفل إذا كانت الأم تعاني من جروح الولادة:

• يُحمل الطفل على الذراع الجانبية بحيث يستند الرأس إلى الكفّ.

• تُثبّت الأرداف من الذراع المقابلة.

• تُستخدم كثيراً للرضاعة في حالة وجود توائم.

الوضعية الرابعة: وضعية البطن على الساعد

مناسبة لتخفيف الغازات:

• يُوضع الطفل ووجهه إلى الأسفل فوق ساعد الأم، بحيث يكون رأسه مستنداً إلى راحة اليد.

• تُستخدم اليد الأخرى لتثبيت الطفل من الخلف.

• يُستحسن استخدامها لفترات قصيرة وتحت الإشراف.

كيفية رفع الطفل ووضعه

الخطأ الشائع في التعامل مع الرضيع يكمن في طريقة رفعه أو وضعه. لا يُنصح مطلقاً بسحب الطفل من الذراعين أو تحت الإبط فقط. إليك الطريقة السليمة:

لرفعه من السرير:

1. اجلسي بجانبه بحيث يكون مستوى النظر قريباً من مستوى جسمه.

2. أدخلي يدك اليمنى تحت رأسه ورقبته.

3. ضعي يدك اليسرى تحت أردافه.

4. ارفعيه بلطف مع المحافظة على محاذاة الجسد بالكامل.

لوضعه على السرير:

1. اخفضي جسده ببطء نحو السرير.

2. حافظي على دعم الرأس حتى يلامس السرير.

3. لا تتركي رأسه يسقط أو يتحرك بسرعة.

4. اسندي مؤخرة الطفل بيدك الأخرى حتى يتمدد بلطف على السطح.

حمل الطفل في حالة المرض أو البكاء

عند إصابة الطفل بأي مرض أو شعوره بالتعب، يكون أكثر حساسية للحركة أو الاحتكاك. في هذه الحالات:

• يُفضّل حمل الطفل في وضعية مستقيمة مع دعم جيد للرقبة والصدر.

• يجب تجنّب التربيت أو الهز العنيف لأن ذلك يزيد من توتر الطفل.

• حمل الطفل قرب القلب مع صوت الأم أو الأب يساعد على تهدئته بسبب تقارب الصوت مع البيئة التي اعتاد عليها في الرحم.

متى يمكن البدء بحمل الطفل في الحمالات أو الكناغر

عادةً ما يُنصح باستخدام حمالات الأطفال (Baby carriers) بعد الشهر الثالث من الولادة، بشرط:

• أن يكون الطفل قادراً على التحكم برأسه.

• أن تكون الحمالة داعمة للرقبة والظهر.

• ألا يضغط حزام الحمالة على مفاصل الورك أو يحشر الأرجل في وضعية غير طبيعية.

تُعد الحمالة مفيدة للأمهات والآباء لأنها تُحرر اليدين وتمنح الطفل الإحساس بالقرب الجسدي.

الحذر من متلازمة هز الرضيع

من أهم المحاذير التي يجب التحذير منها، متلازمة هز الرضيع (Shaken Baby Syndrome)، وهي إصابة خطيرة يمكن أن تنتج عن هز الطفل بقوة أثناء البكاء، وتؤدي إلى نزيف دماغي، تلف دائم في الدماغ، أو حتى الوفاة. لذلك لا ينبغي استخدام الهز كوسيلة للتهدئة أبداً، حتى وإن كان الطفل يبكي لفترات طويلة.

أبرز الأخطاء الشائعة في حمل الطفل الرضيع

دور الحمل في تعزيز العلاقة بين الطفل والأم

لا يقتصر حمل الرضيع على الجوانب الجسدية فقط، بل هو وسيلة تواصل رئيسية خلال السنة الأولى من الحياة. يُظهر العلم الحديث أن:

• الطفل الذي يُحمل بشكل متكرر يكون أقل توتراً وأكثر استقراراً عاطفياً.

• الاتصال الجسدي المباشر يعزز إفراز هرمون الأوكسيتوسين (هرمون الترابط).

• الأطفال الذين يُحملون بشكل صحيح ومنتظم يطورون ثقة مبكرة بالعالم من حولهم.

الخلاصة العلمية

طريقة حمل الطفل الرضيع تؤثر بشكل مباشر على سلامته الجسدية ونموه العاطفي. إن تطبيق قواعد بسيطة مثل دعم الرأس، تجنّب الحركات المفاجئة، واختيار الوضعيات المناسبة للمرحلة العمرية، يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في شعور الطفل بالأمان وتطور عضلاته. كما أن الوعي بخطورة بعض السلوكيات الشائعة يساهم في حماية الطفل من الإصابات المحتملة. ومع تطور الأيام، يصبح حمل الطفل مهارة تتقنها الأم أو الأب بمرونة وسلاسة، وتشكل جزءاً جوهرياً من التجربة الإنسانية في التربية.

المراجع

1. American Academy of Pediatrics – Newborn Care Guidelines

2. Mayo Clinic – Infant Handling and Safety Recommendations