فرص عمل للسوريين في الأردن

فرص العمل المتاحة للسوريين في الأردن

تعتبر الأردن من أبرز الدول التي استضافت أعدادًا كبيرة من اللاجئين السوريين منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، وتستمر المملكة في لعب دور كبير في استقبال هذه الفئة وتقديم الدعم لهم. بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد نتيجة لاستمرار موجات اللجوء، إلا أن الأردن يوفر العديد من الفرص الاقتصادية والعمالية للسوريين، سواء داخل قطاع العمل الرسمي أو غير الرسمي. يعكس هذا تنوعًا كبيرًا في الفرص المتاحة التي يمكن للاجئين السوريين الاستفادة منها لتلبية احتياجاتهم المعيشية وتحقيق الاستقرار النسبي لهم في بلاد اللجوء.

1. الإطار القانوني لفرص العمل في الأردن

مع بداية تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، سعت الحكومة الأردنية إلى تنظيم عملية دخولهم إلى سوق العمل عبر إطار قانوني خاص. ففي عام 2016، أطلقت الحكومة الأردنية برنامج “التصريح الموسمي” الذي يتيح للاجئين السوريين فرصة العمل في القطاعات المختلفة بشرط حصولهم على التصريح اللازم. يتضمن البرنامج توفير تصاريح عمل للسوريين في مجموعة من القطاعات التي تعاني من نقص في اليد العاملة.

2. القطاعات التي توفر فرص العمل للسوريين

القطاع الزراعي

يُعد القطاع الزراعي من أبرز القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة السورية في الأردن. هذا القطاع يشهد طلبًا كبيرًا على اليد العاملة الموسمية التي تتوافر بشكل كبير لدى اللاجئين السوريين. يساهم السوريون بشكل خاص في قطاعات مثل الزراعة في منطقة وادي الأردن، حيث يُعتبر العمل في حقول الخضروات والفواكه، مثل الطماطم والبطيخ، من المجالات الأكثر نشاطًا. كما أن العمل في المشاتل الزراعية والمزارع الكبرى يوفر فرصًا مستدامة للكثيرين من السوريين.

القطاع الصناعي

القطاع الصناعي في الأردن، وخاصة الصناعات النسيجية، يشهد أيضًا طلبًا كبيرًا على العمالة السورية. تتواجد العديد من المصانع في مناطق مثل الزرقاء وإربد، والتي تركز على الإنتاج الصناعي والتصنيع اليدوي. وتعتبر صناعة الملابس والمنتجات النسيجية من أبرز الصناعات التي تستفيد من العمالة السورية، حيث يستطيع اللاجئون السوريون إيجاد فرص عمل في هذه المصانع التي تُعد من المصادر الرئيسية للعمل في الأردن.

القطاع الإنشائي

يعاني قطاع البناء والتشييد في الأردن من نقص في العمالة الماهرة، ويشكل السوريون جزءًا كبيرًا من القوة العاملة في هذا المجال. حيث يشغلون وظائف مثل عمال البناء، وصناعات الحرف اليدوية، مثل الطوب، والخرسانة، والتشطيبات الداخلية. يساهم هذا القطاع في توفير فرص عمل مستدامة للكثير من السوريين الذين يمتلكون مهارات فنية أو يفضلون العمل في هذا المجال.

القطاع التجاري والخدمات

يشهد القطاع التجاري والخدمات أيضًا نمواً كبيرًا، خاصة في المناطق التي تضم عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، مثل عمان والزرقاء. يشارك العديد من السوريين في الأعمال الصغيرة والمتوسطة مثل المحلات التجارية والمطاعم والمنتجعات السياحية. هذه القطاعات تفتح الباب أمام السوريين للعمل كموظفين في المحلات التجارية أو كمقدمي خدمات في المطاعم والمقاهي. كما أن الكثير من السوريين يدرسون فرصًا لتأسيس مشاريع تجارية صغيرة خاصة بهم.

القطاع التعليمي والتدريب

يواجه التعليم في الأردن تحديات كبيرة نظرًا للعدد الكبير من الطلاب السوريين الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس بسبب الضغوط المادية أو نقص الأماكن. لكن، من جهة أخرى، توفر هذه الحاجة فرص عمل للمعلمين والمدربين السوريين الذين يمكنهم تقديم خدمات تعليمية، خاصة في مجالات مثل تعليم اللغة العربية أو المواد الدراسية الخاصة بالطلاب السوريين.

3. التحديات التي تواجه اللاجئين السوريين في سوق العمل الأردني

رغم وجود فرص عمل متعددة للسوريين في الأردن، إلا أنهم يواجهون العديد من التحديات التي قد تحد من قدرتهم على استغلال هذه الفرص بشكل كامل. من أبرز هذه التحديات:

المنافسة مع العمالة المحلية

يعد ارتفاع نسبة البطالة بين الأردنيين أحد أكبر التحديات التي يواجهها السوريون في سوق العمل الأردني. حيث قد يفضل أصحاب العمل توظيف الأردنيين على السوريين نظرًا للضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. هذا يزيد من صعوبة الحصول على فرص عمل في بعض القطاعات، خاصة في المدن الكبرى.

القيود القانونية

رغم أن الحكومة الأردنية قد وفرت بعض التسهيلات للسوريين للعمل من خلال التصاريح الموسمية، إلا أن هناك قيودًا قانونية في بعض القطاعات. على سبيل المثال، لا يسمح للاجئين السوريين بالعمل في بعض المهن الحرة مثل المحاماة والهندسة، مما يحد من قدرتهم على الاستفادة من الفرص المهنية المتاحة في هذه المجالات.

التمييز والتحديات الثقافية

قد يواجه بعض السوريين التمييز بسبب خلفياتهم الثقافية أو الاجتماعية، وهو ما قد يؤثر على فرصهم في الحصول على عمل مناسب. في بعض الحالات، يتعرض اللاجئون السوريون لصور من العنصرية أو الاستغلال من قبل أرباب العمل الذين يستغلون وضعهم القانوني والاجتماعي لصالحهم.

صعوبة الوصول إلى التعليم والتدريب

من التحديات الأخرى التي تواجه السوريين في سوق العمل هو نقص الفرص التعليمية والتدريبية التي تساعدهم على تحسين مهاراتهم وتطوير أنفسهم بشكل يتناسب مع احتياجات سوق العمل. رغم أن الحكومة الأردنية والمنظمات الإنسانية توفر بعض برامج التدريب، إلا أن هذه البرامج لا تكفي لتلبية احتياجات جميع اللاجئين.

4. المبادرات الحكومية والدولية لدعم السوريين

على الرغم من التحديات، فإن الحكومة الأردنية تعمل جنبًا إلى جنب مع المنظمات الدولية لدعم اللاجئين السوريين وتوفير فرص عمل لهم. ومن أبرز هذه المبادرات:

مبادرة “التصريح الموسمي”

من أبرز المبادرات الحكومية هي “التصريح الموسمي” الذي يسمح للسوريين بالعمل في عدة قطاعات لمدة معينة. هذه المبادرة تهدف إلى تنظيم سوق العمل في الأردن، حيث تمكن اللاجئين السوريين من العمل بشكل قانوني وتحقيق دخل يساعدهم في تلبية احتياجاتهم اليومية.

مؤسسة “اليونسكو” وبرامج التدريب

تعمل منظمات دولية مثل اليونسكو على تقديم دورات تدريبية وفرص تعليمية للاجئين السوريين في الأردن. تهدف هذه البرامج إلى تحسين مهاراتهم وزيادة فرصهم في الحصول على وظائف أفضل.

الشركات والمبادرات الاجتماعية

بالإضافة إلى المبادرات الحكومية، هناك العديد من الشركات والمبادرات الاجتماعية التي تساهم في توفير فرص عمل للاجئين السوريين. هذه الشركات تستثمر في المشاريع الصغيرة وتوفر فرص عمل لفئات واسعة من اللاجئين، مما يساعد في توفير استقرار مالي لهم.

5. التوجهات المستقبلية لفرص العمل للسوريين في الأردن

في المستقبل، يتوقع أن تزداد فرص العمل المتاحة للسوريين في الأردن بفضل استمرار الدعم الدولي والإصلاحات الحكومية. علاوة على ذلك، هناك توجهات نحو تطوير مشاريع اقتصادية جديدة في الأردن قد تساهم في توفير المزيد من فرص العمل للاجئين السوريين. على سبيل المثال، المشاريع المتعلقة بالطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والزراعة المستدامة قد تفتح أبوابًا جديدة للعمالة السورية.

كما أن هنالك توجهًا نحو تعزيز تعليم وتدريب السوريين في مجالات التكنولوجيا، بما يتناسب مع التطور السريع في هذه المجالات على المستوى العالمي. مع مرور الوقت، قد يصبح السوريون في الأردن أكثر قدرة على الاندماج في السوق المحلي بفضل البرامج التدريبية والتسهيلات التي توفرها الحكومة والمنظمات الدولية.

6. خاتمة

إجمالاً، على الرغم من التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون في الأردن، إلا أن هناك العديد من الفرص المتاحة لهم للعمل وتحقيق دخل مستدام. تواصل الحكومة الأردنية والمنظمات الدولية دعمهم من خلال العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى إدماج السوريين في سوق العمل بشكل قانوني ومنظم. إن توفر الفرص في القطاعات المختلفة، مثل الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى التوجهات المستقبلية نحو تحسين مهارات السوريين، يجعل من الممكن للاجئين في الأردن أن يسهموا بشكل إيجابي في الاقتصاد الوطني ويحققوا مستوى معيشة مناسبًا لهم وأسرهم.