فرانك سيناترا: الفنان والرجل
يُعتبر فرانك سيناترا واحداً من أعظم الفنانين في القرن العشرين، حيث جمع بين جوانب متعددة من الشخصية والفن، مما جعله شخصية معقدة وقوية في عالم الترفيه. يعرض كتاب “سيناترا: الفنان والرجل” لجون لار، والذي نُشر في ديسمبر 1997 عن دار النشر Random House، مسيرة هذا الفنان الفذ بشكل معمق وموثق بصورة رائعة.
ينطلق الكتاب من تصريح شهير لسيناترا، حيث قال: “أنا إنسان متماثل، ربما إلى درجة العيب.” هذه العبارة تبرز التناقضات التي كانت تتسم بها شخصيته. فقد كان سيناترا معروفاً بجاذبيته وحنكته في الأداء، لكنه كان في الوقت ذاته شخصية ملتهبة وصعبة المراس. يتناول لار في كتابه كيف يمكن reconcile التباين بين شخصية سيناترا العامة والخاصة، ويستعرض حياة الفنان من نشأته في هوبوكين، نيو جيرسي، إلى وصوله إلى قمة الشهرة العالمية.
التحولات والتحديات
بدأت رحلة سيناترا المهنية من بدايات متواضعة، ولكنه سرعان ما صعد إلى قمة الشهرة. كان له حضور قوي في الحياة العامة، حيث ارتبط بالعديد من الشخصيات البارزة مثل الرؤساء والمجرمين. وقد حافظ على واجهة حياة أسرية سعيدة لفترة طويلة، ثم انتقل إلى علاقات مع نساء من بين الأكثر شهرة في عصره، مثل آفا غاردنر ولورين باكال ومارلين مونرو، مما أضفى طابعاً رومانسياً وغموضياً على حياته الشخصية.
على الرغم من حياته الاجتماعية المليئة بالاحتفالات، كان سيناترا يعاني من الوحدة والحنين إلى اللحظات الهادئة “في الساعات الصغيرة من الصباح.” كان في حاجة مستمرة لأن يكون في دائرة الضوء، ولكنه في ذات الوقت كان يظهر بعض العزلة تجاه معجبيه، قائلاً إنه يشعر بسعادته الحقيقية “عندما أكون على المسرح بمفردي مع أوركسترا ولا أحد يزعجني.”
العودة المذهلة
يستعرض الكتاب أيضاً العودة المذهلة لسيناترا إلى عالم الفن بعد فترة من الانحدار. نال سيناترا شهرة جديدة من خلال دوره في فيلم “من هنا إلى الأبد” (From Here to Eternity) الذي فاز عنه بجائزة الأوسكار، مما ساعده على إعادة تأكيد مكانته في عالم السينما. في تلك الفترة، استعادت سيناترا السيطرة على استوديو التسجيل، وبتعاون مع الملحن نيلسون ريدل، قام بتطوير الصوت الذي ميز سنواته الناضجة. أضافت هذه العودة إلى سيناترا مزيداً من الهيبة والتأثير، حيث بنى إمبراطورية إعلامية أصبحت معياراً للنجاح في صناعة الترفيه.
الصور والتوثيق
يتميز كتاب “سيناترا: الفنان والرجل” أيضاً بجودة توثيقية عالية، حيث يحتوي على مئة صورة رائعة لسيناترا، العديد منها لم يُنشر من قبل. تقدم هذه الصور نظرة شاملة على مسيرته الفنية، بدءاً من أعماله السينمائية، مروراً بجلسات التسجيل المكثفة، وصولاً إلى لياليه الحافلة بالحيوية والمرح. التقطت الصور بواسطة ويجيه، ويليام ريد وودفيل، وبوب ويلينغ، مما يعزز من قيمة الكتاب كمرجع بصري يعكس حياة هذا الفنان الاستثنائي.
الختام
يقدم “سيناترا: الفنان والرجل” تحليلاً عميقاً لمجموعة من التناقضات التي شكلت شخصية فرانك سيناترا. من صعوده إلى الشهرة العالمية، وعودته المذهلة إلى قمة النجاح، إلى تفاصيل حياته الشخصية والفنية، يبرز الكتاب كيف أن سيناترا كان تجسيداً للأفراد المتميزين في زمنه. إنه عمل يحتفي بحياة فنان شكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الموسيقى والترفيه، ويمثل شهادة على قدرة الفرد على التأثير والإلهام عبر الأجيال.