شرح فرائض الصلاة للأطفال
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام وأساس العبادة التي تربط العبد بربه، وهي من أعظم العبادات التي فرضها الله تعالى على المسلمين، وقد أمرنا الله بها في العديد من آيات القرآن الكريم، وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية أدائها وشروطها وفرائضها. إن تعليم الأطفال الصلاة وشرح فرائضها بشكل مبسط وواضح من الأمور المهمة التي تزرع في نفوسهم حب العبادة وتعزز شعورهم بالمسؤولية تجاه الدين.
في هذا المقال، سيتم شرح فرائض الصلاة للأطفال بطريقة سهلة ومبسطة، مع تفصيل كل فرض من فروض الصلاة بشكل واضح يساعد الأطفال على الفهم الكامل، مع توضيح أهمية كل فرض ودوره في صحة الصلاة.
مفهوم فرائض الصلاة
فرائض الصلاة هي الأركان التي لا تصح الصلاة إلا بها، فإذا ترك أحدها بغير عذر بطل الصلاة، ولا تُقبل إلا إذا أُديت بشكل صحيح. وهذه الفروض هي التي تجعل الصلاة قائمة بالشكل الصحيح، وتنظيمها من البداية للنهاية يضمن صحة أداء الصلاة وقبولها عند الله.
أولاً: النية
النية من أهم فروض الصلاة، وهي تعني أن يصلي الإنسان بقلبه لوجه الله تعالى، ويعزم على أداء الصلاة التي ينوي أن يصليها سواء كانت صلاة الفجر، الظهر، العصر، المغرب، أو العشاء. النية ليست قولًا باللسان، وإنما هي إقرار القلب بهدف الصلاة.
بالنسبة للأطفال، يمكن شرح النية بأنها “قرار القلب” على الصلاة، كأنك تقول في قلبك “أنا الآن سألبي أمر الله وأصلي ركعتين الفجر أو أربع ركعات الظهر”. فبدون النية لا تكون الصلاة صحيحة، مهما أديت من حركات أو أقوال.
ثانياً: تكبيرة الإحرام
وهي قول “الله أكبر” عند بدء الصلاة، وهي أول خطوات الصلاة، تُعتبر بمثابة دخول في الصلاة، ولا يصح الصلاة بدونها. عندما تقول “الله أكبر”، أنت تُعلن بداية الصلاة، وتفصل بين حالتك العادية وبين الدخول في حالة الصلاة.
الأطفال يُمكن تعليمهم أن يكبروا الصوت قليلاً بقوله “الله أكبر” مع رفع اليدين حتى مستوى الأذنين أو الكتفين، وهو دليل على الانتباه والبدء في الصلاة.
ثالثاً: القيام للصلاة
القيام فرض في الصلاة على من استطاع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام في الصلاة، والوقوف من علامات خشوع المسلم ورغبته في الاقتراب من الله. إن الوقوف في الصلاة يساعد على التركيز والاستعداد النفسي لأداء الصلاة بخشوع.
يمكن للأطفال فهم هذا بأن يقول لهم: “عندما نبدأ الصلاة، نوقف أجسامنا مستقيمة لأن هذا ما أمرنا به الله ورسوله”.
رابعاً: قراءة الفاتحة
قراءة سورة الفاتحة فرض في كل ركعة من ركعات الصلاة، وهي الركن الذي لا تصح الصلاة بدونه. الفاتحة هي السورة التي تبدأ بـ “الحمد لله رب العالمين” وتنتهي بـ “اهدنا الصراط المستقيم”. لها مكانة عظيمة في الصلاة، وقد جاء في الحديث الشريف أن الصلاة لا تصح بدونها.
لشرحها للأطفال، يمكن تبسيط الأمر بأن الفاتحة هي كلام خاص نقرأه لله، يعبر فيه الإنسان عن شكره وطلب الهداية، وهي واجبة في كل ركعة حتى نتحدث مع الله في الصلاة.
خامساً: الركوع
الركوع هو انحناء الجسم بعد قراءة الفاتحة، مع وضع اليدين على الركبتين، مع جعلهما متباعدتين، والرأس في مستوى الظهر، بحيث يكون الظهر مستقيماً مثل السجادة. الركوع هو عبادة وخضوع لله، فيه يعلن الإنسان عظمته ويخضع له.
الأطفال يُمكن تعليمهم أن يركعوا بعد قراءة الفاتحة ويقولوا في الركوع “سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات، وهو فرض من فروض الصلاة، ولا تصح الصلاة بدونه.
سادساً: الرفع من الركوع
بعد الانتهاء من الركوع، يرفع المصلي جسمه ويقول “سمع الله لمن حمده”، وهي سنة مؤكدة بعد الركوع لكنها تُعتبر من فرائض الصلاة عند المالكية، وأما الشافعية والحنابلة فيعتبرونها واجبة، ويجب الانتباه لقولها للرفع من الركوع.
الأطفال يمكن تعليمهم رفع الجسم ببطء مع قول “سمع الله لمن حمده”، لأنه جزء من الصلاة يعبر عن الاستجابة للدعاء.
سابعاً: القيام بعد الركوع
القيام بعد الركوع لاستكمال الركعة فرض لا بد منه، حتى يقوم المصلي ويعود لوضع الوقوف استعداداً للسجود أو الركعة التالية. إن ترك القيام بعد الركوع بطل الصلاة، لأنه فصل بين أجزاء الصلاة.
يشرح للأطفال أن بعد أن نركع ونرفع، نقف مرة أخرى قبل السجود.
ثامناً: السجود
السجود هو وضع الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين على الأرض، وهو أعظم أركان الصلاة، لأن به يكون العبد أقرب ما يكون إلى الله. يجب أن يكون السجود خاشعاً، مع قول “سبحان ربي الأعلى” ثلاث مرات على الأقل.
الأطفال يتعلمون أن يسجدوا بتركيز وهدوء، مع وضع الجبهة كاملة على الأرض، لأن هذا هو السجود الصحيح.
تاسعاً: الجلوس بين السجدتين
بعد السجود الأول، يجلس المصلي جلسة قصيرة يُسمى “الجلوس بين السجدتين”، وهو فرض أيضاً، يجب الجلوس والهدوء في هذه الجلسة، مع الدعاء أو الاستغفار، ثم السجود مرة ثانية.
هذا الجزء يساعد الأطفال على معرفة أن الصلاة ليست حركات فقط، بل فيها لحظات للراحة والدعاء.
عاشراً: السجود الثاني
السجود الثاني بعد الجلوس بين السجدتين، وهو مثل السجود الأول، وهو فرض لا تصح الصلاة بدونه. بعد السجود الثاني، يمكن للمصلي أن يقوم للركعة التالية أو يختم الصلاة إذا كانت الركعة الأخيرة.
الحادي عشر: التشهد
التشهد هو الجلوس في نهاية الركعة الثانية أو الرابعة (حسب عدد ركعات الصلاة) وقراءة كلمات مخصوصة تبدأ بـ “التحيات لله والصلوات…” وتنتهي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. التشهد فرض في الصلاة ويجب حفظه للأطفال ليقولوه بشكل صحيح.
الثاني عشر: التسليم
التسليم هو إنهاء الصلاة بالقول “السلام عليكم ورحمة الله” مع النظر إلى جهة اليمين ثم جهة اليسار. وهو فرض إتمام الصلاة، ولا تصح الصلاة بدونه، لأن التسليم يخرج المصلي من الصلاة ويبرئه من كل ما له علاقة بها.
جدول يوضح فروض الصلاة ومواقعها
| رقم الفرض | اسم الفرض | موقعه في الصلاة | أهمية الفرض |
|---|---|---|---|
| 1 | النية | قبل بدء الصلاة | شرط صحة الصلاة |
| 2 | تكبيرة الإحرام | أول الصلاة | دخول في الصلاة |
| 3 | القيام | أثناء الركوع (في الصلاة الجهرية) | أساس الصلاة والخشوع |
| 4 | قراءة الفاتحة | في كل ركعة قبل الركوع | لا تصح الصلاة بدونها |
| 5 | الركوع | بعد قراءة الفاتحة | عبادة خضوع لله |
| 6 | الرفع من الركوع | بعد الركوع | رد السلام لله |
| 7 | القيام بعد الركوع | بعد الرفع من الركوع | استكمال الركعة |
| 8 | السجود | بعد القيام بعد الركوع | أعظم أركان الصلاة |
| 9 | الجلوس بين السجدتين | بين السجدتين | لحظة استراحة ودعاء |
| 10 | السجود الثاني | بعد الجلوس بين السجدتين | إتمام السجود |
| 11 | التشهد | بعد الركعة الثانية أو الأخيرة | شهادة الصلاة وذكر الله |
| 12 | التسليم | نهاية الصلاة | إنهاء الصلاة وإتمامها |
الخلاصة
تعليم الأطفال فرائض الصلاة بطريقة مبسطة يرسخ لديهم أهمية الصلاة في حياتهم، ويجعلهم يؤدونها بطريقة صحيحة تجلب لهم رضا الله سبحانه وتعالى. إن فهم كل فرض من فروض الصلاة وما يمثله من عبادة وخشوع يجعل من الصلاة طقسًا روحيًا ممتعًا للطفل، ويمنحه ارتباطًا قويًا بدينه، ويعزز من شخصيته الإيمانية منذ الصغر.
الصلاة ليست مجرد حركات جسدية، بل هي لقاء بين العبد وربه يتطلب الانتباه والنية الصادقة، واتباع الفروض بدقة هو الذي يجعل هذا اللقاء كاملاً ومقبولاً.
المصادر والمراجع
-
كتاب “فقه العبادات للأطفال” للدكتور عبد الله بن محمد الشربيني.
-
كتاب “تعليم الصلاة للأطفال” تأليف مجموعة من العلماء، منشورات وزارة الأوقاف السعودية.
