الفحوصات التي يجب عملها للمولود والتطعيمات اللازمة
يعد استقبال مولود جديد من أهم اللحظات التي تمر بها العائلة، ويأتي معها مسؤولية كبيرة تجاه صحة الطفل وسلامته. تبدأ هذه المسؤولية منذ اللحظة الأولى بعد الولادة، حيث يتطلب الأمر الحرص على إجراء الفحوصات الطبية اللازمة والتطعيمات الوقائية المهمة التي تقي الطفل من الأمراض المختلفة، وتضمن له نمواً سليماً وحياة صحية. يتناول هذا المقال شرحاً مفصلاً وشاملاً للفحوصات الأساسية التي يجب إجراؤها للمولود حديث الولادة، بالإضافة إلى التطعيمات الضرورية التي ينصح بها طبياً، مع التركيز على أهمية كل فحص وكل تطعيم ودوره في حماية الطفل.
أهمية الفحوصات الطبية للمولود
الهدف من الفحوصات الطبية المبكرة التي يتم إجراؤها للمولود هو الكشف المبكر عن أي اضطرابات أو أمراض وراثية أو مكتسبة يمكن أن تؤثر على نمو الطفل أو صحته بشكل عام. هذا الكشف المبكر يسمح باتخاذ الإجراءات العلاجية اللازمة في الوقت المناسب، مما يزيد فرص الشفاء أو التقليل من مضاعفات الأمراض. علاوة على ذلك، تساعد هذه الفحوصات الأطباء وأولياء الأمور على متابعة نمو الطفل بشكل دقيق وضمان توافقه مع معايير النمو الطبيعية.
الفحوصات الطبية الأساسية للمولود
1. فحص قياسات النمو الأساسية
يتضمن هذا الفحص قياس وزن المولود، وطوله، ومحيط رأسه، وهي مؤشرات مهمة لمعرفة مدى سلامة نمو الطفل. تتم هذه القياسات بشكل دوري في الأسابيع الأولى بعد الولادة، كما تستخدم لمتابعة نمو الطفل خلال الأشهر والسنوات التالية.
2. فحص درجة الأبوكسي (مقياس أبغار)
يتم هذا الفحص مباشرة بعد الولادة وبعد خمس دقائق، وهو مقياس لتقييم الحالة الصحية العامة للمولود، يشمل التنفس، نبض القلب، لون الجلد، ردود الفعل، والتوتر العضلي. يمنح كل جانب درجة من 0 إلى 2، والمجموع النهائي يساعد الطبيب على تحديد ما إذا كان الطفل بحاجة إلى تدخل طبي فوري.
3. فحص السمع
فحص السمع من الفحوصات الهامة التي تُجرى في المستشفيات الحديثة قبل خروج المولود، وذلك للكشف المبكر عن أي ضعف أو فقدان في السمع، مما يتيح بدء العلاج أو التأهيل السمعي في وقت مبكر لمنع تأخر النمو اللغوي.
4. فحص الدم الشامل
يشمل هذا الفحص تحاليل عدة لاكتشاف بعض الأمراض الوراثية أو اضطرابات الدم التي قد لا تظهر أعراضها في البداية. من الفحوصات الهامة ضمن هذا الإطار:
-
فحص فقر الدم المنجلي: للكشف عن مرض الخلايا المنجلية، وهو مرض وراثي يؤثر على شكل خلايا الدم الحمراء.
-
فحص نقص إنزيم G6PD: للكشف عن اضطراب يؤدي إلى تحلل خلايا الدم الحمراء عند التعرض لبعض الأدوية أو الأطعمة.
-
فحص التمثيل الغذائي: للكشف عن بعض الأمراض الوراثية التي تؤثر على عمليات الأيض مثل الفينيل كيتونوريا (PKU) والثلاسيميا.
5. فحص البول
يجرى فحص البول للمولود بهدف الكشف عن أي اضطرابات في الكلى أو الجهاز البولي، مثل وجود التهابات أو مشاكل في التصفية الكلوية.
6. فحص العين (Screening for Eye Disorders)
يتم فحص العين للكشف المبكر عن مشاكل مثل الساد (الماء الأبيض)، أو اعتلال الشبكية خاصة في حالات الولادة المبكرة، حيث تؤثر هذه الحالات على القدرة البصرية في المستقبل.
التطعيمات اللازمة للمولود حديث الولادة
التطعيمات تعد من أهم الإجراءات الوقائية التي تساهم في حماية الطفل من الإصابة بأمراض خطيرة قد تؤثر على حياته وجودته الصحية. تقدم وزارة الصحة في معظم الدول برنامج تطعيمات وطني يبدأ مع المولود، ويستمر حتى سن الطفولة المبكرة. تشمل هذه التطعيمات الجرعات الأساسية التي تمنع أمراضاً متعددة، ويجب الالتزام بها بدقة حسب الجدول الزمني الموصى به طبياً.
التطعيمات الأساسية في أول شهر من عمر الطفل
1. تطعيم ضد التهاب الكبد الوبائي ب (Hepatitis B)
يُعطى هذا التطعيم في أول 12 ساعة من الولادة، ويعتبر من أهم التطعيمات التي تحمي الطفل من فيروس التهاب الكبد الوبائي ب، وهو فيروس معدي يصيب الكبد ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة مثل التشمع وسرطان الكبد.
2. تطعيم ضد مرض السل (BCG)
يُعطى عادة في العيادات الصحية أو المستشفيات بعد الولادة مباشرة، وهو يحمي من مرض السل وخاصة الأشكال الخطيرة منه مثل السل الرئوي والسل العقدي الليمفاوي.
التطعيمات خلال الأشهر التالية
يتم إعطاء عدة جرعات من التطعيمات المتنوعة خلال أول عام من عمر الطفل، منها:
-
لقاح شلل الأطفال (IPV): يعطى بعدة جرعات في عمر 2 و4 و6 أشهر، ويقي من فيروس شلل الأطفال الذي يسبب شللاً دائماً.
-
لقاح الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي (DTaP): يتم إعطاؤه في عدة جرعات، ويقي من ثلاثة أمراض بكتيرية خطيرة.
-
لقاح الهيب (Hib): يحمي من الالتهابات التي يسببها بكتيريا الهييموفيلوس التي تؤدي إلى التهاب السحايا والتهابات أخرى.
-
لقاح المكورات الرئوية (PCV): يحمي من التهابات الجهاز التنفسي الشديدة والتهاب السحايا.
-
لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR): يُعطى في مراحل لاحقة، ولكنه ضروري للحماية من هذه الأمراض الفيروسية.
جدول تطعيمات المواليد الأساسية (الأشهر الأولى)
| العمر | التطعيمات | الهدف من التطعيم |
|---|---|---|
| أول 12 ساعة | التهاب الكبد الوبائي ب (HepB) | الوقاية من التهاب الكبد الوبائي ب |
| بعد الولادة | BCG (السل) | الوقاية من مرض السل |
| 2 أشهر | DTaP، IPV، Hib، PCV | الوقاية من الدفتيريا، الكزاز، السعال الديكي، شلل الأطفال، الهييموفيلوس، المكورات الرئوية |
| 4 أشهر | DTaP، IPV، Hib، PCV | الجرعة الثانية لتقوية المناعة |
| 6 أشهر | DTaP، IPV، Hib، PCV، HepB | الجرعة الثالثة للوقاية وتقوية المناعة |
متابعة صحة الطفل بعد الولادة
بعد إجراء الفحوصات والتطعيمات الأساسية، يجب أن تستمر متابعة الطفل بشكل دوري لدى الطبيب المختص لمراقبة نموه وصحته العامة. هذه المتابعة تشمل تقييم التطور الحركي واللغوي، الكشف عن أي علامات مرضية جديدة، والتأكد من استكمال جداول التطعيم.
كما ينصح بالاهتمام بالتغذية السليمة للمولود، خاصة الرضاعة الطبيعية التي توفر جميع العناصر الغذائية الضرورية وتعزز مناعة الطفل بشكل طبيعي.
نصائح مهمة للآباء والأمهات
-
توثيق جميع الفحوصات والتطعيمات التي أجريت للطفل، والاحتفاظ ببطاقة صحية محدثة.
-
الالتزام بالمواعيد المحددة للفحوصات والمتابعة الطبية.
-
الانتباه إلى أي أعراض غير طبيعية تظهر على الطفل، مثل تغير في التنفس أو تغذية غير منتظمة أو حمى مستمرة.
-
استشارة الطبيب فوراً في حالة وجود أي شكوك أو مخاوف تتعلق بصحة الطفل.
الخاتمة
الفحوصات الطبية والتطعيمات هي حجر الزاوية للحفاظ على صحة المولود، وهي تدعم نموه السليم وتحميه من أمراض قد تكون مهددة لحياته أو تؤثر على جودة حياته. يجب الحرص على إجراء جميع الفحوصات الأساسية في الوقت المناسب، والالتزام بجداول التطعيم المعتمدة، مما يضمن بداية قوية وصحية لحياة الطفل، ويعزز قدرته على مواجهة التحديات الصحية في المستقبل. الصحة الجيدة للمولود هي مسؤولية تبدأ من اللحظة الأولى بعد الولادة، وهي استثمار طويل الأمد لصحة المجتمع ككل.
المصادر والمراجع:
-
منظمة الصحة العالمية WHO – جداول التطعيمات والوقاية من الأمراض.
-
الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) – دليل تطعيمات الأطفال وفحوصاتهم الصحية.
