أورام الكبد: الأنواع والعلاج

ورم الكبد: الأسباب، الأنواع، التشخيص والعلاج

يعتبر الكبد من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، حيث يقوم بعدد من الوظائف الأساسية مثل تنقية الدم، إنتاج البروتينات، وتحويل العناصر الغذائية إلى طاقة. ورم الكبد هو حالة طبية خطيرة تصيب هذا العضو وتتمثل في نمو غير طبيعي للخلايا داخل الكبد، ما قد يؤثر على وظائفه الحيوية. يعد الورم الكبد من الأورام التي تستدعي اهتماماً خاصاً نظراً لتأثيره المحتمل على صحة الإنسان وقدرته على التأقلم مع الأعباء اليومية.

أنواع أورام الكبد

يمكن تقسيم أورام الكبد إلى نوعين رئيسيين: أورام الكبد الحميدة و أورام الكبد الخبيثة.

1. الأورام الحميدة:

الأورام الحميدة في الكبد عادة ما تكون غير سرطانية ولا تنتشر إلى الأنسجة المحيطة أو أجزاء أخرى من الجسم. وعلى الرغم من أن هذه الأورام قد لا تشكل تهديدًا مباشرًا للحياة، إلا أنها قد تسبب بعض الأعراض أو تتطلب العلاج إذا كانت تؤثر على وظيفة الكبد.

أشهر أنواع الأورام الحميدة في الكبد تشمل:

• الأورام الوعائية الكبدية: تعد الأورام الوعائية الكبدية من أكثر الأورام الحميدة شيوعًا في الكبد. وهي عبارة عن تكاثر غير طبيعي للأوعية الدموية داخل الكبد.

• ورم الكبد الغدي: هو نوع نادر من الأورام الحميدة التي تتشكل نتيجة لتكاثر الخلايا الكبدية. في معظم الأحيان لا يتسبب هذا النوع من الأورام في أعراض، إلا أنه قد يتطور أحيانًا إلى أورام خبيثة.

• الكيسات الكبدية: الكيسات هي تجاويف مملوءة بسائل يمكن أن تتشكل في الكبد. على الرغم من أنها غالبًا ما تكون غير مؤلمة ولا تسبب مشاكل كبيرة، إلا أنه في بعض الحالات قد تسبب ضغطًا على الأنسجة المحيطة.

2. الأورام الخبيثة:

أما الأورام الخبيثة فهي الأورام السرطانية التي تنمو بسرعة وتنتشر إلى الأنسجة والأعضاء المجاورة. أورام الكبد الخبيثة قد تكون أولية (أي أنها تنشأ في الكبد نفسه) أو ثانوية (أي أنها تنتشر إلى الكبد من أماكن أخرى في الجسم). الأورام الكبدية الأولية تتضمن:

• سرطان الخلايا الكبدية: هو الشكل الأكثر شيوعًا للسرطان الذي ينشأ من خلايا الكبد. يعاني المصابون بهذا النوع من السرطان عادةً من أمراض مزمنة في الكبد مثل التهاب الكبد الفيروسي أو التليف الكبدي.

• سرطان الأوعية الصفراوية (Cholangiocarcinoma): ينشأ هذا النوع من السرطان في القنوات الصفراوية داخل الكبد. يعد سرطان الأوعية الصفراوية نادرًا لكنه شديد العدوانية.

من جهة أخرى، إذا كانت الأورام الكبدية قد نشأت من أماكن أخرى في الجسم مثل القولون، الرئة أو الثدي، فإن ذلك يُعرف بالأورام الكبدية الثانوية.

أسباب الإصابة بورم الكبد

تتعدد الأسباب والعوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة بورم الكبد، ويمكن تصنيفها إلى عوامل وراثية، بيئية، وسلوكية:

1. أمراض الكبد المزمنة:

من أكثر العوامل المؤثرة في ظهور أورام الكبد هي الأمراض المزمنة التي تصيب هذا العضو، خاصة تلك التي تؤدي إلى تليف الكبد. من أبرز هذه الأمراض:

• التهاب الكبد الفيروسي: خاصة النوعين B وC، اللذين يمكن أن يؤديان إلى التهاب مزمن وتليف في الكبد. يعتبر الأشخاص المصابون بالتهاب الكبد المزمن هم الأكثر عرضة لتطور سرطان الخلايا الكبدية.

• التليف الكبدي: سواء بسبب استهلاك الكحول المفرط أو الأمراض المزمنة الأخرى مثل التهاب الكبد الفيروسي، يؤدي التليف الكبدي إلى تدمير أنسجة الكبد وتشكيل ندبات يمكن أن تؤدي إلى تطور الأورام السرطانية.

2. عوامل وراثية:

تعتبر بعض المتغيرات الجينية سببًا في ظهور أورام كبدية. الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من أمراض الكبد أو السرطان قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بورم الكبد. على سبيل المثال، يعاني بعض الأفراد من اضطرابات وراثية مثل داء ترسب الأصبغة الدموية (Hemochromatosis) التي تؤدي إلى تراكم الحديد في الكبد وقد تؤدي إلى سرطان الكبد.

3. استهلاك الكحول:

الاستهلاك المزمن للكحول يعد من العوامل التي تساهم في تليف الكبد وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى زيادة احتمالية تطور الأورام الخبيثة.

4. السمنة والسكري:

أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو مرض السكري من النوع الثاني لديهم خطر أعلى للإصابة بأورام كبدية. يمكن أن يؤدي تراكم الدهون في الكبد (ما يسمى بالكبد الدهني) إلى التليف الكبدي، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد.

5. التعرض للمواد السامة:

التعرض لبعض المواد السامة مثل الافلاتوكسين، وهي سموم تنتجها بعض أنواع الفطريات، قد يزيد من خطر الإصابة بورم الكبد. الأفلاتوكسين يتم العثور عليه في بعض الأطعمة الملوثة مثل المكسرات والحبوب.

6. استخدام بعض الأدوية:

بعض الأدوية قد تسهم في زيادة خطر الإصابة بورم الكبد، خاصة تلك التي تؤثر على كفاءة الكبد في أداء وظائفه الحيوية.

الأعراض المصاحبة لورم الكبد

غالبًا ما لا تظهر أعراض واضحة في المراحل المبكرة من الأورام الكبدية، لكن مع تقدم المرض، يمكن أن تظهر بعض الأعراض التي تشير إلى وجود مشكلة. تشمل الأعراض الشائعة:

• ألم في الجزء العلوي من البطن: قد يشعر المريض بألم أو عدم راحة في الجانب الأيمن من البطن، بالقرب من الكبد.

• اليرقان (الاصفرار): يحدث بسبب تراكم البيليروبين في الدم نتيجة عدم قدرة الكبد على التخلص منه، مما يؤدي إلى اصفرار الجلد وبياض العين.

• فقدان الوزن غير المبرر: قد يعاني المريض من فقدان غير مفسر للوزن والشهية.

• الغثيان والقيء: يعاني بعض المرضى من شعور بالغثيان والقيء بشكل متكرر.

• تورم البطن: بسبب تراكم السوائل في التجويف البطني (الاستسقاء)، يمكن أن يحدث انتفاخ في البطن.

تشخيص ورم الكبد

تشخيص ورم الكبد يعتمد على عدد من الاختبارات الطبية التي تهدف إلى الكشف عن وجود الورم، وتحديد نوعه، ومدى انتشاره. تشمل الاختبارات الشائعة:

1. الفحص البدني:

عادة ما يبدأ التشخيص بفحص بدني من قبل الطبيب الذي قد يلاحظ علامات مثل اليرقان أو انتفاخ البطن.

2. اختبارات الدم:

من خلال اختبارات الدم، يمكن قياس مستويات بعض الإنزيمات في الكبد ووجود علامات معينة قد تشير إلى الإصابة بورم كبدى. على سبيل المثال، اختبار ألفا فيتوبروتين (AFP) يمكن أن يُستخدم للكشف عن الأورام الخبيثة في الكبد.

3. التصوير الطبي:

• الأشعة المقطعية (CT scan): يمكن استخدام الأشعة المقطعية للحصول على صور مفصلة للكبد والمساعدة في تحديد حجم الورم.

• الرنين المغناطيسي (MRI): يساعد في توفير صور دقيقة للكبد ويتيح للطبيب معرفة خصائص الورم.

• الألتراساوند (Ultrasound): يعد الفحص بالموجات فوق الصوتية وسيلة غير مؤلمة لرؤية الأنسجة الداخلية للكبد، مما يساعد في الكشف المبكر عن الأورام.

4. الخزعة:

في بعض الحالات، قد يطلب الطبيب إجراء خزعة من الكبد لتحليل الأنسجة في المختبر. يساعد هذا في تحديد نوع الورم وتحديد ما إذا كان خبيثًا أم حميدًا.

علاج ورم الكبد

علاج أورام الكبد يعتمد على نوع الورم وحجمه ومرحلة تطوره، بالإضافة إلى صحة المريض العامة. تشمل الخيارات العلاجية:

1. العلاج الجراحي:

• استئصال الكبد الجزئي: في حالة وجود ورم صغير في منطقة معينة من الكبد، قد يكون استئصال الورم هو الحل المناسب. في هذا الإجراء، يتم إزالة الجزء المصاب من الكبد.

• زرع الكبد: في حالات الأورام الكبيرة أو المتقدمة، قد يحتاج المريض إلى زراعة كبد كامل إذا كان الكبد التالف لا يمكن علاجه.

2. العلاج الكيميائي:

يستخدم العلاج الكيميائي لتقليص الأورام، خاصة في الحالات التي يصعب فيها الجراحة. يمكن إعطاء الأدوية عن طريق الفم أو الحقن.

3. العلاج الإشعاعي:

في بعض الحالات، يمكن أن يكون العلاج الإشعاعي خيارًا مناسبًا لتقليص الورم، خاصة إذا كانت الجراحة غير ممكنة.

4. العلاج بالتحقيق الموجه:

يشمل استخدام العلاجات الحديثة مثل **العلاج بالتردد