أكبر صحراء في العالم: الصحراء القطبية
الصحراء هي بيئة طبيعية تميزها قلة الأمطار وقسوة الظروف المناخية، حيث يشكل نقص المياه أحد أبرز خصائصها. ووفقًا لهذا التعريف، فإن أكبر صحراء في العالم ليست الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا كما يعتقد الكثيرون، بل هي الصحراء القطبية. تقع هذه الصحراء في منطقتي القطب الشمالي والقطب الجنوبي، حيث تتسم بالبرودة الشديدة والرياح القوية، مما يجعلها واحدة من أقسى البيئات على وجه الأرض.
تعريف الصحراء القطبية
الصحراء القطبية هي صحراء غير تقليدية، حيث تغطيها الثلوج والجليد بدلاً من الرمال. تعتبر هذه الصحراء من أكثر البيئات قسوة في العالم بسبب الظروف المناخية المتطرفة التي تتميز بها، والتي تشمل درجات حرارة منخفضة للغاية، وهطول الأمطار الذي يقل بشكل كبير. تُعرف الصحراء القطبية بتساقط الثلوج الخفيفة التي لا يمكن أن تُعتبر هطولًا حقيقيًا للأمطار، حيث يُعد هطول الثلوج أقل من 250 مم سنويًا.
موقع الصحراء القطبية
تتوزع الصحراء القطبية في منطقتين رئيسيتين على سطح الأرض:
-
الصحراء القطبية الشمالية:
الصحراء القطبية الشمالية تقع في منطقة القطب الشمالي، وهي تشمل مناطق مثل جزيرة جرينلاند وأجزاء من كندا وروسيا. تتميز هذه المنطقة بغطاء جليدي ضخم وتدني درجات الحرارة التي تصل إلى مستويات متجمدة طيلة السنة. رغم أنها لا تحتوي على كائنات حية متنوعة مثل الصحراء الكبرى، فإن هناك أنواعًا محدودة من النباتات والحيوانات التي تكيفت مع الظروف القاسية. -
الصحراء القطبية الجنوبية:
تعد الصحراء القطبية الجنوبية هي الأكبر من بين الصحاري في العالم. تمتد هذه الصحراء لتغطي معظم قارة أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية). تحتوي هذه الصحراء على أكبر كمية من الجليد في العالم، بما يشكل حوالي 60% من إجمالي المياه العذبة على كوكب الأرض. على الرغم من أنها تبدو قاحلة تمامًا، إلا أن الحياة البحرية النادرة وبعض الكائنات المجهرية يمكن العثور عليها في بعض المناطق المتجمدة.
الظروف المناخية في الصحراء القطبية
درجات الحرارة
تعتبر درجات الحرارة في الصحراء القطبية من أقسى العوامل التي تؤثر على الحياة في هذه المناطق. في القطب الشمالي، قد تصل درجات الحرارة في الشتاء إلى حوالي -40 درجة مئوية، وفي بعض الأحيان إلى ما دون -50 درجة مئوية. أما في الصحراء القطبية الجنوبية، فإن درجات الحرارة قد تصل إلى -60 درجة مئوية أو أكثر في الشتاء، ما يجعلها من أبرد الأماكن على سطح الأرض.
الرياح
تتميز الصحراء القطبية بوجود رياح شديدة وقوية، مما يزيد من قسوة الظروف في هذه المنطقة. في بعض الأحيان، يمكن أن تتجاوز سرعة الرياح 100 كيلومتر في الساعة، ما يزيد من تأثير البرودة و”شعور البرودة” لدى الكائنات الحية التي قد تجد نفسها في مواجهة لهذه الظروف القاسية.
الضوء
في المنطقة القطبية الشمالية، يتميز الموسم الشتوي بظلام مستمر لفترة تصل إلى ستة أشهر، بينما في الصيف يكون هناك ضوء الشمس لمدة ستة أشهر كاملة. وهذا التباين الكبير في الضوء يمكن أن يكون له تأثير كبير على الحياة البرية والنباتية في هذه المناطق.
الحياة في الصحراء القطبية
رغم أن الحياة في الصحراء القطبية تبدو شبه مستحيلة بسبب الظروف البيئية القاسية، إلا أن هناك العديد من الكائنات الحية التي استطاعت التكيف مع هذه البيئة القاسية. تتراوح الكائنات الحية التي تسكن هذه المناطق بين كائنات ميكروسكوبية ونباتات قليلة يمكنها البقاء على قيد الحياة في مثل هذه الظروف.
الحيوانات
في الصحراء القطبية الشمالية، يمكن العثور على بعض الأنواع المهددة بالانقراض مثل الدب القطبي، الذي يتكيف مع البرد القارص بفضل طبقة سميكة من الفراء والشحم. هناك أيضًا أنواع من الثدييات البحرية مثل الفقمات والحيتان التي تستفيد من مياه البحر لتجد غذاءها. أما في القطب الجنوبي، فإن الحياة البرية تقتصر إلى حد كبير على الطيور البحرية مثل البطاريق، وبعض أنواع الفقمة، وأنواع قليلة من الحيتان.
النباتات
النباتات في الصحراء القطبية تكون قليلة ومتنوعة بشكل بسيط للغاية. معظم النباتات التي تنمو في هذه الصحاري تنتمي إلى فئة الطحالب أو النباتات الوعائية الصغيرة التي تتمكن من البقاء على قيد الحياة في ظروف البرودة الشديدة وندرة الأمطار. كما توجد بعض الأشنات التي تتحمل البرودة وتستطيع الحصول على الرطوبة من الهواء.
الموارد في الصحراء القطبية
في حين أن الصحراء القطبية تظل غير مأهولة نسبيًا بالبشر بسبب الظروف القاسية، إلا أنها تحتوي على العديد من الموارد التي تثير اهتمام العلماء والدول الكبرى. في القطب الجنوبي، تحت طبقات الجليد الهائلة، يُعتقد أن هناك مخزونات ضخمة من المياه العذبة التي قد تصبح ذات قيمة كبيرة في المستقبل إذا كانت هناك حاجة إلى مصادر مياه جديدة. كما أن القطب الجنوبي يعتبر موقعًا ذا أهمية استراتيجية بالنسبة للبحث العلمي في مجالات مثل دراسة المناخ والتغيرات البيئية.
أما في القطب الشمالي، فقد تم اكتشاف احتياطات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي، مما يجعل هذه المنطقة ذات أهمية اقتصادية بالغة. بعض الدول قد بدأت في استكشاف هذه المناطق من أجل استخراج هذه الموارد، ما قد يؤثر على البيئة ويدفع نحو المزيد من التنافس على هذا الجزء من الأرض.
التغيرات المناخية وتأثيرها على الصحراء القطبية
الصحراء القطبية تواجه تحديات بيئية ضخمة بسبب التغيرات المناخية. في القطب الشمالي، تزايدت درجات الحرارة خلال العقود الأخيرة، ما أدى إلى ذوبان الجليد بشكل أسرع من أي وقت مضى. هذا الذوبان المتسارع له تأثيرات بيئية خطيرة، إذ يؤدي إلى ارتفاع مستويات البحر وفقدان الموائل الحيوية لبعض الكائنات مثل الدب القطبي.
في القطب الجنوبي، على الرغم من أن درجات الحرارة لا تزال في مستويات منخفضة للغاية، إلا أن التغيرات المناخية تؤثر أيضًا على الجليد. على سبيل المثال، تتراجع بعض الأنهار الجليدية، ما يساهم في ارتفاع مستويات المحيطات بشكل بطيء ولكن مستمر.
الختام
إن الصحراء القطبية، رغم أنها تختلف تمامًا عن الصحارى الرملية التي نعرفها مثل الصحراء الكبرى، تبقى أكبر صحراء على سطح الأرض من حيث المساحة. تتسم هذه البيئة بالكثير من التحديات البيئية الفريدة التي تجعلها مكانًا غريبًا ومثيرًا للدراسة. ورغم أن الحياة فيها محدودة، فإن الكائنات الحية التي تستطيع العيش في هذه الظروف القاسية تُظهر لنا كيف يمكن للكائنات أن تتكيف مع أصعب البيئات على الإطلاق.
