عدد ركعات صلاة العيد: الأحكام والآراء الفقهية
تعتبر صلاة العيد من الشعائر الدينية المهمة التي تحظى بمكانة كبيرة في قلب المسلمين في جميع أنحاء العالم. وتُعدّ هذه الصلاة من أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الفطر وعيد الأضحى، حيث يؤديها المسلمون في جماعة في أماكن مفتوحة أو في المساجد الكبرى، تعبيرًا عن الفرح والاحتفال بقدوم العيدين. ولكن، يبقى التساؤل عن عدد ركعات صلاة العيد من الأسئلة الشائعة التي يطرحها العديد من المسلمين، خاصة لأولئك الذين لا يعرفون التفاصيل الدقيقة حول كيفية أداء الصلاة أو الذين يرغبون في التأكد من صحة الصلاة وفقًا لما ورد في السنة النبوية والآراء الفقهية المختلفة.
مفهوم صلاة العيد في الإسلام
صلاة العيد هي الصلاة التي يؤديها المسلمون في صباح يوم العيد بعد شروق الشمس وقبل زوال الشمس، وهي لا تشبه الصلاة المفروضة اليومية في العديد من جوانبها. فهي صلاة غير مرتبطة بأوقات محددة مثل الصلوات الخمس اليومية، بل هي صلاة جماعية يؤديها المسلمون مرة واحدة في السنة في يوم عيد الفطر وعيد الأضحى.
صلاة العيد ليست فرضًا عينًا على كل مسلم، بل هي سنة مؤكدة على المسلمين القادرين على أدائها، وتستحب أداؤها في جماعة في مصلى العيد أو في المساجد. وتُعدّ صلاة العيد من أبرز مظاهر الاحتفال بالعيد ووسيلة لفرح المسلمين بهذا اليوم المبارك.
عدد ركعات صلاة العيد
تتفق جميع المذاهب الفقهية الرئيسية في الإسلام على أن صلاة العيد تتكون من ركعتين، ولا يجوز الإضافة أو التعديل على هذا العدد في الصلاة.
-
الركعة الأولى:
تبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام، ثم يأتي تكبيرة إضافية بعد التكبيرة الأولى. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف عن الصحابي الجليل عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد ركعتين لا يزيد عليهما». في الركعة الأولى، يقرأ الإمام بعد تكبيرة الإحرام سورة الفاتحة ثم يقرأ سورة أخرى، وعادة ما يختار سورة قصيرة، مثل سورة الإخلاص أو سورة ق.بعد قراءة السورة، يتم رفع اليدين ثم يتم الركوع بشكل طبيعي، يتبعه السجود. وفي صلاة العيد، يرفع الإمام يديه في أول تكبيرة ويفعل ذلك في بداية كل تكبيرة أخرى، وهو ما يُعرف بتكبيرات العيد. وعند السجود، يُنهى الركعة الأولى بتسبيح الله سبحانه وتعالى والدعاء.
-
الركعة الثانية:
تبدأ الركعة الثانية أيضًا بتكبيرة جديدة، ثم يقرأ الإمام الفاتحة ويختار سورة قصيرة أخرى مثل سورة الفلق أو سورة الناس. بعد قراءة السورة، يتم الركوع والسجود كما في الركعة الأولى. وعند الانتهاء من السجود الثاني، يُسلم الإمام تسليمة واحدة ليختتم الصلاة.
تكبيرات صلاة العيد
من المظاهر المميزة لصلاة العيد هو تكبيراتها، التي تعتبر جزءًا أساسيًا من الصلاة. حيث يبدأ الإمام الصلاة بتكبيرة الإحرام، ثم يرفع يديه ويقول “الله أكبر” بعد تكبيرة الإحرام مرة واحدة في الركعة الأولى، ثم يستمر في رفع يديه والتكبير في بداية الركعات. وتسمى هذه التكبيرات بـ “تكبيرات العيد” وهي أربع تكبيرات إجمالًا في الصلاة.
وقد ورد عن الصحابي عبدالله بن عمر رضي الله عنه في حديثه عن كيفية أداء صلاة العيد، حيث قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة العيد سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية». هذه التكبيرات هي من سنن صلاة العيد التي يجب على الإمام والمصلين مراعاتها. تكبيرات العيد تعبر عن التهليل والفرح بقدوم العيد، وهي من أبرز مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة المباركة.
الاختلافات بين المذاهب الفقهية في صلاة العيد
على الرغم من أن جميع المذاهب الفقهية الإسلامية تتفق على أن صلاة العيد تتكون من ركعتين، إلا أن هناك بعض الاختلافات الطفيفة بين المذاهب في كيفية أداء الصلاة وعدد التكبيرات وأسلوب الصلاة.
-
المذهب الحنفي:
في المذهب الحنفي، يتم تكبير الإمام في صلاة العيد سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس تكبيرات في الركعة الثانية، ويقوم الإمام والمصلون بالتكبير في بداية كل ركعة، ومن ثم يُشرع للناس أن يرفعوا أيديهم مع التكبيرات كما ورد في الحديث. -
المذهب الشافعي:
في المذهب الشافعي، يتم تكبير الإمام أربع تكبيرات في الركعة الأولى وثلاث تكبيرات في الركعة الثانية. ويُشرع رفع الأيدي مع التكبيرات في بداية الصلاة. أما بالنسبة للركعات، فيتفق الشافعية مع المذاهب الأخرى في أن صلاة العيد تتكون من ركعتين. -
المذهب المالكي:
في المذهب المالكي، يتبع الإمام نفس الصيغة من تكبيرات العيد التي يتبعها الحنفية، حيث يُكبر الإمام في الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات. وفيما يتعلق بعدد الركعات، فالمذهب المالكي يتفق مع بقية المذاهب على أن صلاة العيد تُؤدى من ركعتين.
صلاة العيد في السنة النبوية
وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الإرشادات التي تُبين كيفية أداء صلاة العيد. فقد ثبت عن النبي أنه كان يخرج إلى مصلى العيد مع المسلمين للصلاة، وكان يصلي صلاة العيد في جماعة في مكان مفتوح، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد في غير أيام السفر.
وقد روى الإمام مسلم عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيد قدم المصلين في الصلاة فكبر، ثم قرأ الفاتحة وسورة قصيرة». هذه الأحاديث توضح جليًا أهمية أداء صلاة العيد في جماعة وأنها تُؤدى بركعتين فقط، وأيضًا وجود التكبيرات بعد كل تكبيرة.
حكم صلاة العيد في حالة السفر أو المرض
لا شك أن صلاة العيد هي سنة مؤكدة على المسلمين القادرين على أدائها. ولكن، قد يواجه البعض ظروفًا تمنعهم من أداء الصلاة في المسجد أو في المصلى، مثل السفر أو المرض. في هذه الحالات، اختلف العلماء في حكم صلاة العيد.
-
في حالة السفر: يرى بعض العلماء أن صلاة العيد يمكن أن تُؤدى في السفر ولكن يُستحب للمسافر أن يؤدي الصلاة إذا كان قادرًا عليها في مكان إقامته، حيث أن إتمام الصلاة في جماعة في السفر جائز ويعود للمسافر اختيار المكان المناسب.
-
في حالة المرض: يرى الفقهاء أن المرض لا يُعفي من أداء صلاة العيد، ولكن إذا كان المريض عاجزًا عن الحضور للصلاة في المسجد أو المصلى، يمكنه أداء الصلاة في بيته، وإن تعذر عليه الصلاة بشكل كامل فإن العذر مقبول.
التكبير في أيام العيد
إلى جانب صلاة العيد، فإن التكبير يعتبر من أبرز شعائر عيد الفطر وعيد الأضحى. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين يُكملون التكبيرات من فجر يوم العيد حتى دخول الإمام للصلاة. ويبدأ المسلمون في تكبيرات العيد من فجر اليوم الأول للعيد حتى تبدأ صلاة العيد.
إجمالًا، يمكن القول إن صلاة العيد تظل واحدة من أرقى العبادات التي تجمع المسلمين في كافة بقاع الأرض، وهي تمثل الفرحة بالعيد والعبادة الصادقة.
