جميع رؤساء وزراء إسرائيل عبر التاريخ

تُعد دولة إسرائيل واحدة من أهم الدول في الشرق الأوسط، وتتمتع بتاريخ سياسي معقد وحافل، لا سيما في منصب رئاسة الوزراء الذي يشغل موقعاً محورياً في صنع القرار السياسي والاستراتيجي. منذ تأسيسها في عام 1948، مرّ على رئاسة الوزراء العديد من الشخصيات السياسية التي تركت بصمات واضحة على مسار الدولة، سواء في الداخل أو في العلاقات الدولية. يستعرض هذا المقال المفصل قائمة بجميع رؤساء وزراء إسرائيل منذ نشأة الدولة، مع التركيز على خلفياتهم السياسية، إنجازاتهم، والتحديات التي واجهوها.

1. دافيد بن غوريون (1948-1953، 1955-1963)

يُعتبر دافيد بن غوريون مؤسس دولة إسرائيل وأول رئيس وزراء لها. ولد في بولندا عام 1886، وهاجر إلى فلسطين قبل تأسيس الدولة. كان بن غوريون زعيماً لحزب العمل (البيشراي) وله دور محوري في إعلان استقلال إسرائيل في 14 مايو 1948. خلال فترة حكمه الأولى، قاد جهود بناء الدولة وبناء مؤسساتها الحكومية والعسكرية، وواجه حرب الاستقلال التي خاضتها إسرائيل ضد الدول العربية المجاورة. عاد إلى رئاسة الوزراء في الفترة الثانية بعد 1955 حتى 1963، حيث واصل بناء الدولة وتعزيز مكانتها.

2. موشيه شاريت (1954-1955)

خلف بن غوريون في فترة قصيرة، وكان شاريت زعيماً بارزاً في الحركة الصهيونية، عمل على تعزيز الاستقرار السياسي في مرحلة ما بعد الاستقلال، ولكنه لم يبق في المنصب طويلاً بسبب الظروف الصحية والعمرية. ترك بصمة في تعزيز العلاقات مع الدول الغربية وتأمين الدعم السياسي لإسرائيل.

3. ليفي إشكول (1963-1969)

تولى إشكول رئاسة الوزراء بعد بن غوريون، وشغل منصب وزير المالية قبل ذلك. حكم إسرائيل خلال فترة حرجة، شملت حرب الستة أيام عام 1967، التي شهدت توسعاً إقليمياً كبيراً لإسرائيل بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وهضبة الجولان. عمل إشكول على بناء اقتصاد الدولة وتعزيز مؤسساتها رغم الصراعات المحيطة.

4. جولدا مائير (1969-1974)

تعد جولدا مائير أول امرأة تتولى منصب رئيس وزراء إسرائيل، وُلدت في كييف عام 1898 وهاجرت إلى فلسطين. خلال حكمها وقعت حرب يوم الغفران (1973)، والتي شكلت اختباراً صعباً للقيادة الإسرائيلية، حيث تعرضت إسرائيل لهجوم مباغت من مصر وسوريا. بالرغم من الصعوبات، تمكنت من الحفاظ على موقف إسرائيل في الحرب، ولكن الضغوط السياسية دفعتها للاستقالة عام 1974.

5. إسحاق رابين (1974-1977، 1992-1995)

شغل رابين رئاسة الوزراء في فترتين متقطعتين، وكان ضابطاً عسكرياً بارعاً قبل دخوله الحياة السياسية. في فترته الأولى، حاول تحسين العلاقات مع الدول العربية والتوصل إلى حلول سلمية، لكنه واجه ضغوطاً داخلية كبيرة. عاد للحكم في 1992، حيث قاد عملية السلام مع الفلسطينيين التي نتج عنها اتفاقيات أوسلو، وهو الإنجاز الذي أكسبه جائزة نوبل للسلام، لكنه اغتيل في 1995 على يد متطرف يهودي معارض لسياساته.

6. مناحيم بيغن (1977-1983)

جاء بيغين إلى الحكم من خلال حزب الليكود، وهو سياسي يميني متشدد سابقاً. قاد مفاوضات السلام مع مصر التي أدت إلى توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979، ما جعل مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل. كما واجه تحديات أمنية متعددة داخلية وخارجية، مثل الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

7. يشعياهو “بيكي” رابين (1984-1992)

شغل رابين منصب رئيس الوزراء لفترة ثانية بعد فوزه في انتخابات 1984 ضمن حكومة ائتلافية مع حزب الليكود، وواجه مشاكل اقتصادية كبيرة. ساعدت حكومته في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأدار بشكل دبلوماسي التوازنات الإقليمية والدولية.

8. إسحاق شامير (1983-1984، 1986-1992)

تولى رئاسة الوزراء في فترتين متقطعتين، وكان معروفاً بمواقفه اليمينية المتشددة. خلال حكمه عمل على تعزيز الأمن القومي ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. لم يكن داعماً لعمليات السلام مع الفلسطينيين في ذلك الوقت، وواجه انتقادات داخلية وخارجية.

9. شمعون بيريز (1984، 1995-1996)

شمعون بيريز كان شخصية سياسية مخضرمة، تولى رئاسة الوزراء لفترة قصيرة في 1984 قبل تشكيل حكومة ائتلافية. عاد إلى المنصب بعد اغتيال رابين في 1995، واستمر لفترة قصيرة لكنه واصل سياسة السلام، ودعم اتفاقيات أوسلو. بيريز حصل على جائزة نوبل للسلام مع رابين وعرفات.

10. بنيامين نتنياهو (1996-1999، 2009-2021، 2022-حتى الآن)

يُعد نتنياهو أطول من شغل منصب رئيس الوزراء في تاريخ إسرائيل، حيث حكم فترات متعددة تجمع بين القوة الاقتصادية والسياسية. ينتمي إلى حزب الليكود، ويشتهر بمواقفه المتشددة تجاه القضية الفلسطينية، ودعمه القوي للجيش والسياسة الأمنية. شهدت فترة حكمه تحولات كبيرة في السياسة الداخلية، والنزاعات مع الفلسطينيين، وتوطيد العلاقات مع دول عربية عبر اتفاقيات إبراهيم. كما واجه ملفات فساد عديدة أثرت على صورته.

11. إيهود باراك (1999-2001)

قائد عسكري سابق، تحول إلى السياسة ليقود الحكومة بعد نتنياهو. حاول دفع عملية السلام مع الفلسطينيين لكنه فشل في تحقيق تقدم كبير، وتمت إقالته بعد هجمات إرهابية داخل إسرائيل. عمل على تعزيز الجيش وتأمين حدود الدولة.

12. أرئيل شارون (2001-2006)

من أبرز القادة العسكريين والسياسيين، شارون أسس حزب كاديما بعد الانفصال عن الليكود. حكم خلال فترة صعبة شهدت تفجيرات وعمليات عسكرية مكثفة ضد الفلسطينيين. أشهر قراراته كانت الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005، وهو القرار الذي شكّل نقطة تحول في السياسة الإسرائيلية.

13. إيهود أولمرت (2006-2009)

خلف شارون بعد إصابته بجلطة دماغية، وقاد إسرائيل خلال حرب لبنان الثانية عام 2006. واجه انتقادات بسبب الأداء العسكري والسياسي، بالإضافة إلى قضايا فساد أثرت على حكمه، مما أدى إلى استقالته في 2009.

14. نفتالي بينيت (2021-2022)

تولى رئاسة الوزراء بعد تحالف سياسي غير مسبوق بين أحزاب من مختلف الأطياف. كان بينيت زعيم حزب يميني، لكنه قاد حكومة ائتلافية تشمل يسار ووسط وعرب، في خطوة جديدة في السياسة الإسرائيلية. ركز على قضايا الاقتصاد والتكنولوجيا، لكنه واجه تحديات في الحفاظ على وحدة الائتلاف.

15. يائير لابيد (2022)

رئيس وزراء مؤقت بعد بينيت، زعيم حزب “يوجد مستقبل”. شغل المنصب لفترة قصيرة حتى عودة نتنياهو في 2022. كان يهدف إلى استقرار سياسي مؤقت بعد فترة من التذبذب الحكومي.

جدول ملخص لرؤساء وزراء إسرائيل

من خلال هذا التاريخ السياسي الممتد، يظهر بوضوح كيف أن رئاسة وزراء إسرائيل كانت محورية في تشكيل هوية الدولة ومسارها الداخلي والخارجي. كل رئيس وزراء جاء في سياق ظروف إقليمية ودولية خاصة، وهو ما انعكس على سياساته وأولوياته. إن دراسة هذه المرحلة الزمنية الطويلة تكشف عن التحديات التي واجهتها إسرائيل، وما زالت تواجهها، في سبيل تحقيق الاستقرار والتنمية والحفاظ على أمنها الوطني.

المصادر والمراجع

1. “Israel: A History” – Martin Gilbert, 1998.

2. “The Prime Ministers: An Intimate Narrative of Israeli Leadership” – Yehuda Avner, 2010.