كيفية التعامل مع نزيف الأنف لدى الأطفال
يُعد نزيف الأنف من الحالات الشائعة التي قد تُصيب الأطفال في مختلف المراحل العمرية، وخاصة في سن الطفولة المبكرة وحتى المراهقة. وعلى الرغم من أن منظر الدم يثير القلق لدى الأهل، إلا أن معظم حالات نزيف الأنف لدى الأطفال لا تكون خطيرة. لكن التعامل السليم والفوري مع هذه الحالة يلعب دورًا حاسمًا في تهدئة الطفل ووقف النزيف بسرعة وفعالية، فضلاً عن الوقاية من تكراره. يتناول هذا المقال بالتفصيل أسباب نزيف الأنف لدى الأطفال، الطرق السليمة للتعامل معه، الحالات التي تستدعي التدخل الطبي، وأساليب الوقاية والعناية المنزلية.
أولًا: الأسباب الشائعة لنزيف الأنف عند الأطفال
نزيف الأنف، أو ما يُعرف طبيًا باسم “الرعاف”، ينجم عادة من تمزق الأوعية الدموية الدقيقة داخل الأنف. يمكن تصنيفه إلى نوعين: نزيف أمامي (الأكثر شيوعًا) ونزيف خلفي (أقل شيوعًا لكنه أكثر خطورة). من الأسباب الشائعة لنزيف الأنف عند الأطفال:
-
الهواء الجاف: يُعد من أبرز المسببات، خصوصًا في الشتاء ومع استخدام أجهزة التدفئة أو في المناخات الصحراوية. يؤدي الهواء الجاف إلى جفاف الأغشية المخاطية داخل الأنف، مما يجعلها أكثر عرضة للتشقق والنزيف.
-
العبث بالأنف: إدخال الأصابع أو الأجسام الغريبة في الأنف من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى جرح الأوعية الدموية الدقيقة داخل الأنف.
-
العدوى التنفسية: نزلات البرد، التهاب الجيوب الأنفية، أو الحساسية الموسمية قد تؤدي إلى تهيّج الأنف وكثرة العطس، مما يسبب النزيف.
-
الإصابات والصدمات: سقوط الطفل أو تعرضه لضربة مباشرة على الأنف يمكن أن يؤدي إلى نزيف فوري أو حتى كسور في الأنف.
-
استخدام بعض الأدوية: كالرذاذ الأنفي المزمن أو أدوية مميعة للدم.
-
اضطرابات في تخثر الدم: كالهيموفيليا أو نقص الصفائح، وهي حالات نادرة ولكن يجب أخذها بعين الاعتبار إذا تكرر النزيف بشكل غير طبيعي.
-
التحسس الموسمي: يؤدي إلى تورم الأغشية المخاطية وزيادة الاحتكاك داخل الأنف.
ثانيًا: خطوات التعامل السليم مع نزيف الأنف
عندما يُصاب الطفل بنزيف أنفي، فإن أول ما يحتاج إليه هو الشعور بالأمان والطمأنينة من خلال تصرّف الوالدين بثبات وهدوء. يجب اتباع الخطوات التالية:
1. تهدئة الطفل
غالبًا ما يصاب الطفل بالفزع عند رؤية الدم، لذلك يجب تهدئته باستخدام كلمات مطمئنة ولمسة حنونة، وتجنب الانفعال أو الذعر.
2. وضعية الجلوس والانحناء للأمام
يُطلب من الطفل الجلوس باستقامة مع الانحناء الطفيف إلى الأمام وليس إلى الخلف، وذلك لتجنب ابتلاع الدم أو تدفقه إلى الحلق مما قد يسبب الغثيان أو التقيؤ.
3. الضغط على الأنف
يتم الضغط على الجزء الرخو من الأنف (أسفل العظمة مباشرة) باستخدام إصبع الإبهام والسبابة، ويُطلب من الطفل التنفس من فمه. يُحافظ على الضغط لمدة لا تقل عن 10 دقائق دون إفلات اليد، حتى وإن توقف النزيف مؤقتًا.
4. استخدام الكمادات الباردة
يمكن وضع كمادات باردة أو كيس من الثلج على جسر الأنف أو خلف الرقبة للمساعدة في انقباض الأوعية الدموية وتقليل النزيف.
5. تجنب الاستلقاء أو النفخ
لا يجب أن يستلقي الطفل أثناء النزيف، كما يُمنع نفخ الأنف لمدة 24 ساعة بعد توقف النزيف لتفادي إعادة فتح الجرح.
ثالثًا: بعد توقف النزيف
بعد أن يتوقف النزيف، لا بد من اتباع مجموعة من الإرشادات لتفادي عودته مجددًا:
-
تجنّب العبث بالأنف أو إدخال الأصابع فيه.
-
ترطيب الهواء في المنزل باستخدام مرطبات الجو خصوصًا في فصل الشتاء.
-
تشجيع الطفل على شرب السوائل للحفاظ على رطوبة الجسم.
-
دهن الجزء الداخلي من الأنف بالفازلين أو مرهم مرطب بوصفة طبية لتقليل الجفاف والتشقق.
-
مراقبة الأعراض المصاحبة مثل الصداع أو الإرهاق أو النزيف المتكرر.
رابعًا: متى يستدعي النزيف استشارة الطبيب؟
في الحالات التالية يجب التوجه إلى الطبيب بشكل فوري:
| الحالة | التفسير |
|---|---|
| النزيف استمر أكثر من 20 دقيقة | قد يدل على نزيف شديد أو إصابة في وعاء دموي أكبر. |
| تكرار النزيف بشكل متقارب | قد يشير إلى اضطراب في تخثر الدم أو سبب مرضي مزمن. |
| نزيف بعد إصابة أو سقوط | يُحتمل وجود كسر أو إصابة هيكلية في الأنف. |
| ظهور كدمات على جسم الطفل دون سبب | يُحتمل وجود نقص في الصفائح أو مشكلة في تخثر الدم. |
| وجود نزيف في مناطق أخرى | مثل اللثة أو البول أو البراز، ويستدعي فحصًا شاملاً. |
خامسًا: الوقاية من نزيف الأنف
الوقاية تلعب دورًا كبيرًا في تقليل تكرار نزيف الأنف، وخصوصًا في البيئات الجافة أو لدى الأطفال الذين يعانون من الحساسية أو عادات العبث بالأنف. يمكن اتباع الإجراءات التالية:
-
استخدام جهاز ترطيب الهواء في الغرف وخصوصًا في غرف نوم الأطفال.
-
تطبيق جل أو مرهم أنفي مرطب داخل الأنف عند النوم أو في الصباح.
-
الحد من تعرض الطفل للمواد المهيجة مثل دخان السجائر أو الغبار أو العطور.
-
تعليم الطفل عدم إدخال الأصابع أو الأجسام الغريبة في الأنف.
-
تقليم أظافر الأطفال بانتظام لتقليل خطر حدوث خدوش داخل الأنف.
-
تجنب المجهود البدني الزائد بعد النزيف لبضعة أيام، خاصة الألعاب الرياضية العنيفة.
سادسًا: العناية الطبية ومتى تُستخدم العلاجات الدوائية
في بعض الحالات، قد تتطلب الحالة تدخلًا طبيًا:
-
الكي الكيميائي أو الكهربائي: في حال وجود وعاء دموي ضعيف متكرر النزيف، قد يلجأ الطبيب إلى كيّه بمادة نترات الفضة أو بجهاز كهربائي.
-
سدادة أنفية (تامبون): يُستخدم في حالات النزيف غير القابل للسيطرة لوقف النزف ميكانيكيًا.
-
تحاليل الدم: في حال تكرار النزيف بشكل مبالغ فيه، تُجرى اختبارات لتقييم وظائف التخثر والصفائح الدموية.
سابعًا: التأثيرات النفسية لنزيف الأنف عند الأطفال
ينبغي عدم إغفال الأثر النفسي للنزيف المتكرر على الطفل، حيث قد يتسبب في:
-
الخوف والقلق من المجهول، خصوصًا إن رافق النزيف ألم أو شعور بالاختناق.
-
الخجل أمام الزملاء في المدرسة، ما قد يؤثر على ثقته بنفسه.
-
الامتناع عن اللعب أو النشاطات البدنية خوفًا من الإصابة بنزيف.
من المهم أن يتلقى الطفل الدعم العاطفي من الأهل والمعلمين، مع توعيته بأن حالته شائعة وقابلة للعلاج، وأنه ليس في خطر.
ثامنًا: دور الأسرة والمدرسة
يجب تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة لتوفير بيئة صحية للطفل:
-
إبلاغ المعلمين عن حالة الطفل لضمان التعامل السليم في حال حدوث نزيف داخل المدرسة.
-
توفير المحارم والمرطبات داخل حقيبة الطفل.
-
تدريب الطفل على كيفية التعامل مع النزيف بمفرده إن كان في عمر يسمح بذلك.
المصادر والمراجع
-
American Academy of Pediatrics. “Epistaxis in Children.” HealthyChildren.org.
-
Mayo Clinic. “Nosebleeds (Epistaxis).” https://www.mayoclinic.org
عنوان المقال المناسب: نزيف الأنف عند الأطفال
