درجات مرض السكري والمضاعفات

درجات مرض السكري: التعريف، التصنيف، والمضاعفات

يعد مرض السكري من أبرز الأمراض المزمنة التي تؤثر على حياة الملايين من الأشخاص حول العالم، وهو مرض يتمثل في ارتفاع مستويات السكر (الجلوكوز) في الدم نتيجة لوجود مشاكل في إنتاج أو استخدام الأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم. ومن خلال هذا المقال، سنستعرض درجات مرض السكري، تعريفه، الأعراض، كيفية التصنيف، والعوامل المؤثرة فيه، بالإضافة إلى المضاعفات المحتملة التي قد تحدث في حال عدم علاج المرض بالشكل الصحيح.

تعريف مرض السكري

مرض السكري هو اضطراب في عمليات الأيض (التمثيل الغذائي) يتميز بارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم بشكل مزمن. يحدث ذلك عندما يكون الجسم غير قادر على إنتاج كمية كافية من الأنسولين أو لا يستطيع استخدام الأنسولين بشكل فعال. الأنسولين هو الهرمون الذي يتم إفرازه من البنكرياس ويساعد على تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم، مما يسمح للجسم باستخدامه كمصدر للطاقة.

هناك نوعان رئيسيان من مرض السكري:

• النوع الأول: يحدث نتيجة لعدم قدرة البنكرياس على إنتاج الأنسولين.

• النوع الثاني: يحدث عندما يصبح الجسم مقاومًا للأنسولين أو لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الأنسولين.

أنواع مرض السكري ودرجاته

مرض السكري يتم تصنيفه عادة إلى ثلاث درجات رئيسية، وهي:

1. السكري الطبيعي (الغير مصاب بالسكري)

عند الأشخاص الأصحاء، تكون مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية. تختلف هذه القيم حسب توقيت القياس (قبل أو بعد الوجبات) والطريقة التي يتم بها القياس (في المختبر أو باستخدام جهاز قياس السكر الشخصي).

• مستوى الجلوكوز في الدم الصائم: من 70 إلى 99 ملغ/ديسيلتر.

• مستوى الجلوكوز بعد ساعتين من تناول الطعام: أقل من 140 ملغ/ديسيلتر.

تعتبر هذه القيم دليلًا على أن الشخص لا يعاني من السكري أو من أي اضطراب في مستوى الجلوكوز.

2. مقدمات السكري (السكري قبل المرض)

مقدمات السكري هي حالة قد تسبق مرض السكري من النوع الثاني. لا يشخص الشخص على أنه مصاب بالسكري، لكن مستوى السكر في الدم يكون أعلى من الطبيعي، مما يضعه في خطر الإصابة بالسكري مستقبلاً.

يعتبر الشخص في مرحلة مقدمات السكري إذا كانت مستويات السكر في الدم أعلى من القيم الطبيعية ولكن لا تصل إلى مستوى التشخيص لمرض السكري. الأعراض في هذه المرحلة غالباً ما تكون غائبة، لذلك قد لا يتم اكتشاف الحالة إلا من خلال الفحوصات المخبرية المنتظمة.

• مستوى الجلوكوز في الدم الصائم: من 100 إلى 125 ملغ/ديسيلتر.

• مستوى الجلوكوز بعد ساعتين من تناول الطعام: من 140 إلى 199 ملغ/ديسيلتر.

على الرغم من أن الشخص في مرحلة مقدمات السكري لا يعاني من أعراض واضحة، فإن هذه المرحلة تعتبر فرصة ذهبية للوقاية من الإصابة بالسكري النوع الثاني من خلال تغيير نمط الحياة، مثل تحسين النظام الغذائي، ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي.

3. السكري من النوع الثاني

يعد السكري من النوع الثاني أكثر أنواع السكري شيوعًا ويحدث عندما يصبح الجسم مقاومًا للأنسولين أو لا يستطيع البنكرياس إفراز كمية كافية من الأنسولين للحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن المعدلات الطبيعية. عادة ما يتطور السكري من النوع الثاني ببطء، حيث قد لا تظهر الأعراض في البداية. ومع تقدم الحالة، تظهر الأعراض بشكل أوضح ويمكن أن تشمل:

• العطش الشديد.

• التبول المتكرر.

• الجوع الزائد.

• الإرهاق المستمر.

• رؤية ضبابية.

مستوى الجلوكوز في الدم في حالة السكري من النوع الثاني:

• مستوى الجلوكوز في الدم الصائم: 126 ملغ/ديسيلتر أو أكثر.

• مستوى الجلوكوز بعد ساعتين من تناول الطعام: 200 ملغ/ديسيلتر أو أكثر.

من الضروري علاج السكري من النوع الثاني بشكل مستمر لأنه يمكن أن يؤدي إلى العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح.

4. السكري من النوع الأول

يعد السكري من النوع الأول مرضًا مناعيًا ذاتيًا يحدث عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، مما يؤدي إلى توقف إنتاج الأنسولين تمامًا. وبما أن الأنسولين ضروري لتنظيم مستوى السكر في الدم، فإن الشخص المصاب بالسكري من النوع الأول يحتاج إلى حقن الأنسولين بشكل مستمر للتحكم في مستويات الجلوكوز في الدم.

يبدأ السكري من النوع الأول عادة في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ولكن يمكن أن يحدث في أي سن. أعراضه تشمل:

• العطش المستمر.

• التبول الزائد.

• الجوع المفرط.

• فقدان الوزن غير المبرر.

• التعب الشديد.

مستوى الجلوكوز في الدم في حالة السكري من النوع الأول:

• مستوى الجلوكوز في الدم الصائم: 126 ملغ/ديسيلتر أو أكثر.

• مستوى الجلوكوز بعد ساعتين من تناول الطعام: 200 ملغ/ديسيلتر أو أكثر.

5. السكري أثناء الحمل (سكري الحمل)

سكري الحمل هو نوع من السكري الذي يظهر أثناء فترة الحمل ويختفي عادة بعد الولادة. يحدث هذا النوع من السكري عندما لا يستطيع الجسم إنتاج كمية كافية من الأنسولين لتلبية احتياجاته أثناء الحمل، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم. يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى مخاطر صحية لكل من الأم والطفل، مثل زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، وزيادة الوزن عند الولادة، ومشاكل في النمو لدى الطفل.

مستوى الجلوكوز في الدم في حالة السكري أثناء الحمل:

• مستوى الجلوكوز في الدم الصائم: أكثر من 92 ملغ/ديسيلتر.

• مستوى الجلوكوز بعد ساعتين من تناول الطعام: أكثر من 153 ملغ/ديسيلتر.

مضاعفات مرض السكري

إذا ترك مرض السكري دون علاج أو سيطرة، فقد يؤدي إلى العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة التي تؤثر على مختلف أجزاء الجسم. من بين هذه المضاعفات:

1. مضاعفات القلب والأوعية الدموية

يعد مرض السكري أحد العوامل الرئيسية المساهمة في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. ارتفاع مستويات السكر في الدم يمكن أن يؤدي إلى تراكم الدهون والكوليسترول في جدران الأوعية الدموية، مما يزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين، والجلطات الدموية، والنوبات القلبية.

2. مشاكل العين

يمكن أن يؤدي السكري إلى مشاكل في العينين مثل اعتلال الشبكية السكري، وهو تلف في الأوعية الدموية في الشبكية، مما يمكن أن يؤدي إلى فقدان الرؤية إذا لم يتم معالجته بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك، يزيد السكري من خطر الإصابة بإعتام عدسة العين (الكاتاراكت) والزرق (الجلوكوما).

3. تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي السكري)

ارتفاع مستويات السكر في الدم قد يؤدي إلى تلف الأعصاب في الجسم، وخاصة في الأطراف. يمكن أن يسبب هذا التنميل، الألم، وفقدان الإحساس، مما يزيد من خطر الإصابات.

4. مشاكل الكلى (اعتلال الكلى السكري)

تلف الأوعية الدموية الصغيرة في الكلى نتيجة للسكري قد يؤدي إلى فشل الكلى في العمل بشكل صحيح. في الحالات الشديدة، قد يتطلب الأمر غسيل الكلى أو زرع الكلى.

5. مشاكل الجلد والقدمين

الأشخاص المصابون بالسكري عرضة للإصابة بالعدوى في الجلد والقدمين، لأن مستويات السكر المرتفعة يمكن أن تؤثر على قدرة الجسم على مقاومة العدوى. يمكن أن تتفاقم الجروح الصغيرة وتتحول إلى تقرحات قد تحتاج إلى معالجة خاصة.

الوقاية والتعايش مع مرض السكري

من الضروري أن يعمل الأشخاص المصابون بالسكري على التحكم في مستويات السكر في الدم من خلال تغيير نمط الحياة. يشمل ذلك الالتزام بنظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول الأدوية حسب الإرشادات الطبية.

يمكن للأشخاص المصابين بمقدمات السكري إجراء تغييرات على نمط حياتهم للمساعدة في منع تطور المرض إلى النوع الثاني. يعتمد العلاج على الأدوية، بالإضافة إلى مراقبة السكر في الدم بشكل دوري.

الخاتمة

مرض السكري هو حالة صحية مزمنة تتطلب إدارة مستمرة واهتمامًا يوميًا للحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الصحية. من خلال التشخيص المبكر، والعلاج الفعّال، وتغييرات نمط الحياة، يمكن تقليل تأثيرات المرض والمضاعفات المحتملة.