8 صفات يتفرَّد بها الشخص النرجسي
النرجسية هي سمة شخصية تتميز بتركيز مفرط على الذات وإحساس مبالغ فيه بالأهمية. رغم أن النرجسية تُعتبر ظاهرة نفسية معقدة، إلا أن هناك سمات محددة يمكن ملاحظتها لدى الأشخاص النرجسيين. غالباً ما تظهر هذه الصفات في السلوكيات اليومية والتفاعلات الاجتماعية، مما يساهم في تشكيل الصورة النمطية للشخص النرجسي في المجتمع. في هذا المقال، سنتناول أبرز 8 صفات يتفرَّد بها الشخص النرجسي، مع تسليط الضوء على كيفية تأثير هذه الصفات على العلاقات الاجتماعية والعملية.
1. الاعتقاد بالعظمة والتفرد
أحد أبرز الصفات التي يتسم بها الشخص النرجسي هو اعتقاده الراسخ بعظمته وتفرده. يرى النرجسي نفسه أفضل من الآخرين في مجالات عديدة، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني أو الفكري. هذا الشعور بالعظمة غالباً ما يدفعه إلى التفاخر بإنجازاته أو حتى اختلاق نجاحات غير موجودة. الشخص النرجسي يعتقد أنه يستحق معاملة خاصة وامتيازات فريدة نظراً لميزاته غير العادية، وهو ما ينعكس في تعاملاته مع المحيطين به.
يُظهر الشخص النرجسي تجاهلاً صارخاً للآخرين ويُعلي من قيمة ذاته إلى درجة يصعب معها التفاهم مع الآخرين على قدم المساواة. هذه الصفة قد تجعله يبدو معزولاً أو متغطرساً في نظر من حوله، وهو أمر قد يؤدي إلى تدهور علاقاته الاجتماعية.
2. الحاجة المفرطة للإعجاب والتقدير
يتطلب الشخص النرجسي تقديراً مفرطاً من الآخرين، حيث يسعى دائماً للحصول على الثناء والإعجاب. لا يكتفي الشخص النرجسي بالإطراء العادي، بل يسعى لتحقيق تقدير مستمر وشعور متزايد بالاهتمام من محيطه. يحتاج إلى أن يُؤكد له الآخرون باستمرار أنه مميز، وإذا لم يحصل على هذا التقدير، فإنه يشعر بالإحباط أو الغضب.
هذه الحاجة للإعجاب تكون ظاهرة في سلوكياته اليومية، حيث يسعى إلى جذب الانتباه في أي مجال يستطيع، سواء كان ذلك من خلال الحديث عن نفسه أو بتقديم نفسه في مواقف تعزز من صورة “النجاح” التي يبنيها لنفسه.
3. التعامل مع الآخرين كأدوات لتحقيق الأهداف
غالباً ما يعامل الشخص النرجسي الآخرين كأدوات أو وسائل يمكن استخدامها لتحقيق أهدافه الشخصية. لا يولي اهتماماً حقيقياً لاحتياجات أو مشاعر الآخرين، بل يركز على كيفية الاستفادة منهم للوصول إلى مبتغاه. إذا لم يحقق الآخرون هذه الأهداف، فإن النرجسي قد يرفضهم أو يتجاهلهم، بل وقد يضعهم في مواقف محرجة أو محطمة لكي يحقق مكاسبه الخاصة.
النرجسي يختار بعناية الأشخاص الذين يمكن أن يقدموا له شيئاً منافع، وغالباً ما يستغلهم دون أن يظهر أي علامة على الامتنان أو الاعتراف بفضلهم. هذا النوع من السلوك قد يؤدي إلى إحساس الآخرين بالاستغلال والخذلان.
4. الافتقار للتعاطف مع الآخرين
إحدى الصفات الأساسية للشخص النرجسي هي افتقاره العميق للتعاطف مع الآخرين. يعاني النرجسي من صعوبة كبيرة في فهم مشاعر الآخرين أو التعاطف معهم في المواقف العاطفية. لا يعبأ النرجسي بما يشعر به الآخرون، بل يركز فقط على ذاته ومصالحه.
إذا واجه الشخص النرجسي شخصاً آخر في حالة ألم أو معاناة، فإنه قد يظهر قسوة أو بروداً تجاه تلك المشاعر. قد يُظهر اهتماماً شكلياً فقط إذا كان ذلك يساهم في تحسين صورته العامة أو في تعزيز مكانته الاجتماعية، لكنه في الحقيقة لا يبالي كثيراً بمشاعر الآخرين.
5. التوقعات غير الواقعية بشأن المعاملة الخاصة
النرجسي يتوقع أن يعامَل بطريقة خاصة ومختلفة عن الجميع. هذا التوقع يمكن أن يظهر في العديد من السياقات، سواء في مكان العمل أو في العلاقات الشخصية. يعتقد الشخص النرجسي أن الجميع يجب أن يقدمه على حسابهم، وأن يحصل على معاملة استثنائية بسبب تفرده وعظمته المفترضة.
توقعات النرجسي تكون في أغلب الأحيان غير منطقية أو غير واقعية، مما يؤدي إلى شعوره بخيبة الأمل أو الاستياء إذا لم يحصل على المعاملة التي يعتقد أنه يستحقها. إذا شعر النرجسي بأن أحداً لم يعطه هذا الاحترام أو التقدير، فقد يبدأ في معاملة ذلك الشخص بشكل سلبي أو في اتخاذ ردود فعل قاسية.
6. القدرة على تحويل اللوم إلى الآخرين
الشخص النرجسي غالباً ما يتجنب تحمل المسؤولية عن أخطائه أو تصرفاته السلبية. بدلاً من الاعتراف بالخطأ، يقوم بتحويل اللوم إلى الآخرين أو الظروف الخارجية. يعتقد النرجسي أن مشاكله أو إخفاقاته ليست نتيجة تصرفاته أو قراراته، بل هي نتيجة لتصرفات الآخرين أو أشياء خارجة عن إرادته.
هذا السلوك يُظهر الشخص النرجسي ككائن لا يتحمل المسؤولية عن أفعاله، ويستمر في التسبب في المشكلات للآخرين بينما يظل هو في موقع الضحية. في بيئة العمل أو في العلاقات الشخصية، قد يتسبب هذا في تدمير الثقة بين الأشخاص ويؤدي إلى تدهور العلاقات بشكل سريع.
7. الاستغلال العاطفي
الاستغلال العاطفي هو أحد الأساليب التي يستخدمها الشخص النرجسي لإخضاع الآخرين وتحقيق مصالحه. يتقن الشخص النرجسي فن اللعب بالعواطف، حيث يستخدم التلاعب والمناورات العاطفية ليجعل الآخرين يشعرون بالذنب أو الخوف أو الإحراج. قد يبالغ في إظهار مشاعر الضعف أو الحزن أو الغضب، بهدف جذب الانتباه أو الحصول على شيء ما.
النرجسي قد يطلب من الآخرين التضحية بمصالحهم الخاصة من أجل إرضائه، وقد يلعب على وتر الحب أو الصداقة أو العمل الجماعي لتحقيق أغراضه. هذا النوع من الاستغلال يُمكن أن يكون مدمرًا على المدى الطويل للروح المعنوية للأشخاص المحيطين به.
8. الغيرة الشديدة والشعور بالتنافس
الشخص النرجسي غالباً ما يشعر بالغيرة تجاه الأشخاص الذين يحققون نجاحات أو يُحظون بالاهتمام الذي يرغب في الحصول عليه. لا يقتصر الشعور بالغيرة على النجاحات الشخصية فقط، بل يمكن أن يمتد إلى الأصدقاء أو الزملاء في العمل الذين يحصلون على تقدير أو إشادة. يرى النرجسي أي نجاح للآخرين كتهديد مباشر لصورته الذاتية، ويشعر أن ذلك يقلل من مكانته.
هذه الغيرة قد تؤدي إلى محاولات النرجسي للانتقاص من نجاحات الآخرين أو حتى التشهير بهم لتقليل تأثيرهم أو كسب التفوق عليهم. في بعض الأحيان، قد يتبنى النرجسي سلوكيات عدوانية أو منافسة غير عادلة لتحقيق تفوقه على الآخرين.
الختام
إن النرجسية ليست مجرد حالة سلوكية بل هي نمط تفكير وعاطفة مستمر يؤثر على جميع جوانب الحياة. فالشخص النرجسي لا يقتصر تأثيره على من حوله فقط، بل يمتد إلى كيفية تقييمه للأشخاص والمواقف. السمات الثمانية التي تم تناولها في هذا المقال تعتبر من أبرز الصفات التي يتفرَّد بها الشخص النرجسي، وتساعد على فهم سلوكه والتفاعل معه بشكل أكثر وعياً.
