في عمله الرائع “The Best of Times: The Boom and Bust Years of America before and after Everything Changed”، يستعرض الصحفي الحائز على جائزة بوليتزر، هاينز جونسون، العقد الذي شهد تحولات ملحوظة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تزامنت فترة رئاسة بيل كلينتون مع ازدهار عصر التكنولوجيا الذي تمثل بشخصيات مثل بيل غيتس. هذه الفترة، التي تميزت بالثراء الفاحش والإمكانيات اللامحدودة، كانت أيضًا عصرًا من الإسراف وضياع الفرص.
يبدأ جونسون كتابه بالحديث عن مباراة الشطرنج التي جرت بين البطل غاري كاسباروف والكمبيوتر ديب بلو، مشيرًا إلى هذه الواقعة كرمز لهزيمة الإنسان أمام الآلة في عقد تحولت فيه الأدوات التي خلقناها إلى سادة علينا، كما قال هنري ديفيد ثورو. كما يغوص في أروقة شركة مايكروسوفت المهووسة بالعمل، والمختبر الذي خلق النعجة دوللي، واستوديوهات هوليوود التي عملت تحت شعار “أكثر غباءً وأكثر غباءً”.
يشير الكتاب إلى عدة أحداث كان لها تأثير كبير في تلك الفترة، بدءًا من محاكمات أو. جي. سيمبسون وصولاً إلى الأعمال السياسية في الكونجرس. ويعمد جونسون إلى استخدام الاقتباسات والتفاصيل التي تمسك باللحظات الفارقة بشكل دقيق وفعّال. علاوة على ذلك، يقدم جونسون صورًا لا تحتمل المجاملة للشخصيات الرئيسية في تلك الفترة، من ديفيد جيفن الذي يؤكد بمرارة أن الأفلام ستزداد سوءًا، إلى مونيكا لوينسكي التي تعتبر رمزاً للترف والاستحقاق.
من خلال سرده المحكم والغني بالأحداث، يقدم جونسون تصويراً غنياً للتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الولايات المتحدة خلال هذه الفترة. ومع تركيزه على الثروة الهائلة التي حصدها البعض وتجاهل الكثيرين، يبرز الكتاب التفاوتات الاجتماعية الكبيرة والانقسامات التي كانت تعصف بالمجتمع الأمريكي.
في الختام، يطرح جونسون تساؤلات حول المستقبل ويعبر عن أمله في أن يكون موجودًا لشرح التحولات القادمة. “The Best of Times”، الذي يعد ثمرة أربع سنوات من المقابلات مع قادة السياسة والأعمال والعلوم في أمريكا، يعتبر عملاً بارزًا في تاريخ المجتمع، حيث يقدم صورة لا تُنسى للأمة عند نقطة تحول مهمة.
من خلال هذا السرد التاريخي المعمق، يقدم جونسون للقراء نظرة ثاقبة على فترة زمنية شكلت مسار التاريخ الأمريكي الحديث، محللاً الأحداث بعين ناقدة وبأسلوب يجمع بين الدقة التاريخية والتحليل النفسي للشخصيات والأحداث.