عدد سكان جنوب اليمن 2025

عدد سكان جنوب اليمن

يُعد جنوب اليمن من المناطق التي تحمل خصوصية جغرافية وتاريخية واجتماعية تميّزها عن بقية مناطق اليمن، وذلك لما مرّت به من أحداث تاريخية متعددة أثّرت بشكل مباشر على طبيعة سكانها وتركيبتهم السكانية. فهم سكان جنوب اليمن يندرجون ضمن مجتمع متعدد الأعراق والقبائل، يمتد تأثيرهم من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخل اليمن ككل. في هذا المقال، سوف نستعرض بشكل موسّع عدد سكان جنوب اليمن، التطورات الديموغرافية التي شهدها خلال العقود الماضية، العوامل التي أثّرت على توزيع السكان، بالإضافة إلى بعض البيانات الإحصائية الحديثة التي توضح الواقع السكاني في هذه المنطقة.

الجغرافيا وتوزيع السكان في جنوب اليمن

جنوب اليمن يشمل محافظات عدة منها عدن، لحج، أبين، شبوة، المهرة، وحضرموت. تمتد هذه المحافظات على مساحات واسعة متنوعة بين السواحل والجبال والصحاري، وهو ما أثر بشكل مباشر على الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي للسكان. على سبيل المثال، محافظات السواحل مثل عدن وأبين تشهد تركيزاً سكانياً عالياً مقارنة بمحافظات صحراوية مثل المهرة وشبوة، حيث تتسم الأخيرة بنسب أقل من السكان بسبب طبيعة الأرض وندرة الموارد.

يتركز أكبر عدد من السكان في مدينة عدن، كونها مركزاً اقتصادياً مهماً وبوابة بحرية، فضلاً عن كونها العاصمة الاقتصادية للجنوب، وتعتبر محوراً رئيسياً للهجرة الداخلية من المحافظات الأخرى. كذلك، تتمتع محافظات لحج وأبين بجمع سكاني كثيف نسبيًا يعود إلى الخصائص الزراعية وموقعها الاستراتيجي على الطرق التجارية.

تطور عدد السكان في جنوب اليمن عبر الزمن

شهد جنوب اليمن تحولات ديموغرافية مهمة خلال القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، تأثرت بالحروب والنزاعات السياسية التي أثرت على معدلات الولادة والهجرة. خلال فترة الاحتلال البريطاني حتى عام 1967، كان عدد السكان أقل بكثير مما هو عليه الآن بسبب محدودية الخدمات والبنية التحتية، التي عكست طبيعة اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على الصيد والزراعة التقليدية.

مع الاستقلال وتأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، زاد معدل النمو السكاني تدريجياً، مدفوعاً بتحسن نسبي في الخدمات الصحية وارتفاع معدلات الخصوبة. إلا أن النزاعات الداخلية والحروب الأهلية التي تلت الوحدة اليمنية في 1990، ثم أحداث 1994 وما بعدها من صراعات مستمرة، كانت لها آثار سلبية على النمو السكاني الطبيعي، حيث أدت إلى نزوح داخلي وهجرة خارجية واسعة.

أحدث الإحصائيات حول عدد سكان جنوب اليمن

بحسب تقديرات عدة مصادر إحصائية حديثة، يتراوح عدد سكان جنوب اليمن بين 10 إلى 12 مليون نسمة حتى عام 2025، مع توقعات بنمو سنوي معتدل يتراوح بين 2% إلى 3% بسبب استمرار معدلات الخصوبة المرتفعة نسبياً. وبالرغم من عدم توفر تعداد دقيق بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية، إلا أن التقديرات تستند إلى بيانات الجمعيات الدولية وبرامج الأمم المتحدة المتخصصة في اليمن.

في الجدول التالي توضيح لتقديرات عدد السكان في محافظات جنوب اليمن:

تُظهر هذه الأرقام التباين الواضح في التوزيع السكاني بين المحافظات المختلفة في الجنوب، وتعكس الفوارق البيئية والاقتصادية التي تميز كل منطقة.

العوامل المؤثرة في النمو السكاني في جنوب اليمن

هناك عدة عوامل أساسية تؤثر على النمو السكاني في جنوب اليمن، يمكن تصنيفها إلى عوامل داخلية وبيئية واجتماعية وسياسية:

1. العوامل الصحية: تحسينات متواضعة في الخدمات الصحية ساهمت في انخفاض معدلات الوفيات، خاصة بين الأطفال، ما أدى إلى ارتفاع النمو السكاني. ولكن الأوبئة والنزاعات المتكررة تحد من الاستفادة الكاملة من هذه التحسينات.

2. الخصوبة: جنوب اليمن يشهد معدلات خصوبة مرتفعة مقارنة بمناطق أخرى في اليمن، حيث يصل معدل الولادات لكل امرأة إلى أكثر من 4 أطفال في بعض المناطق. هذا المعدل يعزز النمو السكاني الطبيعي بشكل كبير.

3. الهجرة والنزوح: النزاعات المسلحة المستمرة في مناطق مختلفة من اليمن دفعت أعداداً كبيرة من السكان إلى التنقل الداخلي أو الهجرة الخارجية، ما خلق تغيرات ديموغرافية متقطعة. المدن الساحلية مثل عدن تستقبل أعداداً كبيرة من النازحين، ما يزيد من كثافة سكانها.

4. الاقتصاد والبطالة: الظروف الاقتصادية الصعبة ومستويات البطالة المرتفعة في الجنوب تحد من الاستقرار السكاني، حيث يسعى الكثير من الشباب للهجرة إلى دول الخليج أو خارج المنطقة بحثاً عن فرص عمل أفضل.

التركيبة السكانية في جنوب اليمن

تتميز جنوب اليمن بتنوع سكاني قبلي واثني، إذ يعيش في هذه المنطقة قبائل عريقة لها تاريخ طويل وتأثير قوي في الشأن الاجتماعي والسياسي. وتشمل المكونات السكانية أيضاً الأقليات مثل الجماعات الهدامة والعربية، إلى جانب وجود بعض المجتمعات الصغيرة ذات أصول مختلفة بسبب تاريخ التجارة والهجرة.

من الناحية العمرية، يشكل الشباب نسبة كبيرة من السكان، حيث تتوزع الفئات العمرية بين الطفولة والشباب في أكثر من 60% من السكان، ما يعكس التحديات المرتبطة بالتعليم والتوظيف والخدمات الصحية.

التحديات السكانية التي تواجه جنوب اليمن

على الرغم من الأهمية الديموغرافية لجنوب اليمن، إلا أن المنطقة تواجه تحديات كبيرة على صعيد السكان، تتعلق بما يلي:

• نقص البنية التحتية: مثل المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، والكهرباء، التي تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة السكان.

• الأمن وعدم الاستقرار: يعرقل التنمية ويساهم في زيادة معدلات الهجرة والنزوح الداخلي.

• محدودية الخدمات الصحية والتعليمية: خصوصاً في المناطق الريفية، حيث يعاني السكان من ضعف هذه الخدمات، ما يؤثر على معدلات الصحة والوعي السكاني.

• ارتفاع معدلات الفقر والبطالة: ما يزيد من التوترات الاجتماعية ويحد من فرص التنمية المستدامة.

الخلاصة

عدد سكان جنوب اليمن يتجاوز عشر ملايين نسمة مع تنوع في التوزيع الجغرافي والكثافة السكانية بين المحافظات. يشكل الشباب النسبة الأكبر من السكان، فيما تؤثر عوامل اقتصادية وسياسية وأمنية معقدة على النمو السكاني وتوزيعه. البيانات الحديثة تشير إلى نمو مستمر معتدل، مع تحديات كبيرة في مجالات البنية التحتية والخدمات الأساسية التي يحتاجها السكان لتحسين جودة حياتهم.

إن فهم الواقع السكاني لجنوب اليمن بشكل دقيق يتطلب جهوداً مستمرة في جمع البيانات وتحليلها، وهو ما يمثل خطوة حيوية لوضع خطط تنموية مستدامة تلبي احتياجات هذا الجزء الحيوي من اليمن.

المراجع

• تقرير البنك الدولي حول التنمية في اليمن 2023

• إحصائيات الأمم المتحدة للسكان 2024