لماذا سميت آية الكرسي بهذا الاسم؟
آية الكرسي هي إحدى الآيات المباركة التي وردت في القرآن الكريم في سورة البقرة، وتعد من أعظم آيات القرآن وأشهرها. تعد هذه الآية من الآيات التي تبرز عظمة الله سبحانه وتعالى وتفرده في ملكه وقدرته. ارتبطت آية الكرسي بالعديد من الفضائل والفوائد الروحية التي جعلت المسلمين يتخذونها واحدة من أبرز الآيات التي يتم تلاوتها في حياتهم اليومية، سواء كانت لحماية النفس أو لجلب البركة والسكينة.
النص الكامل لآية الكرسي
آية الكرسي هي الآية رقم 255 من سورة البقرة، وهي كالتالي:
“اللَّهُ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”.
تفسير كلمة “الكرسي”
تعتبر كلمة “الكرسي” في هذه الآية من الكلمات التي أثارت الكثير من الجدل حول معانيها. في اللغة العربية، الكرسي هو المقعد أو العرش الذي يجلس عليه الحاكم أو الملك. وعند النظر إلى الكرسي في سياق الآية، فإن المقصود ليس المقعد المادي الذي يجلس عليه أحد، بل هو رمز للسلطان والملك والقدرة اللامحدودة التي لا تقاس.
وقد ورد في تفسير “الكرسي” في العديد من كتب التفسير أنه يشير إلى عظمة الله سبحانه وتعالى في تدبير الأمور وملكه الواسع الذي لا يحده شيء. وهذا المعنى يظهر من خلال الآية التي تقول: “وسِعَ كرسيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ”، مما يعني أن ملك الله وعلو شأنه لا يقتصر على مكان معين أو زمان محدد، بل يشمل كل شيء في الكون، السموات والأرض وما بينهما.
لماذا سميت “آية الكرسي” بهذا الاسم؟
التسمية بـ “آية الكرسي” جاءت من الإشارة الواضحة في الآية إلى الكرسي، وهو جزء من عظمة الله سبحانه وتعالى. تتسم الآية بتركيزها على وحدانية الله، وعلى ملكه اللامتناهي وقدرته الفائقة على كل شيء. وفي هذا السياق، يتضح أن الله هو الحاكم الأعلى الذي لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض.
يرى بعض العلماء والمفسرين أن هذه التسمية جاءت لتعبير عن الشأن العظيم لهذا الجزء من الآية، حيث أن الكرسي هنا ليس مجرد مكان للجلوس، بل هو إشارة إلى قدرة الله التي لا توصف ولا تحد، التي تشمل الكون كله وتفوق كل تصورات العقل البشري. وعليه، فإن تسمية “آية الكرسي” أصبحت محورية في سياق تعبير الآية عن تجلي الله سبحانه وتعالى في الكون.
معنى آية الكرسي في ضوء التفسير
تبدأ آية الكرسي بذكر اسم الله الأعظم “اللَّهُ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ”، وهذه الجملة تبرز توحيد الله وتأكيد على وحدانيته، حيث لا وجود لإله سواه. ثم تأتي الصفات التي تلي ذلك، حيث يُشار إلى أن الله سبحانه وتعالى “الْحَيُّ الْقَيُّومُ”، أي أنه حيٌ قائمٌ على كل شيء، لا يغفل ولا ينام، بل هو من يدير هذا الكون بكل تفاصيله.
ثم تأتي الجملة “لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ”، لتوضح أن الله سبحانه وتعالى لا يتأثر بأي شيء مادي من نوم أو غفلة كما هو الحال مع البشر. هذه الفكرة تؤكد على الكمال والقدرة اللامحدودة لله، فالله لا يشبه مخلوقاته بأي حال من الأحوال.
أما قوله “لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ”، فهذه دعوة للتأمل في أن كل ما في الكون ملك لله، وأنه لا أحد يمكنه أن يخرج عن سلطانه.
ما تميزت به آية الكرسي عن غيرها من الآيات
آية الكرسي تعد من أعظم آيات القرآن الكريم، لاحتوائها على الكثير من معاني العظمة والتوحيد لله سبحانه وتعالى. على الرغم من أن القرآن مليء بالآيات التي تتحدث عن قدرة الله وتفرده، فإن هذه الآية تتفرد بكونها تتحدث عن عظمة الله وكماله بطريقة شاملة ومتكاملة. كما أنها تُعتبر ذات تأثير كبير في الحياة اليومية للمسلمين، لدرجة أن الكثيرين يحرصون على تلاوتها في كثير من الأوقات، مثل قبل النوم أو عند الخروج من المنزل أو في حالات الحاجة إلى الحماية والسكينة.
لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث الشريفة فضل آية الكرسي، فقد ثبت في حديث صحيح أنه قال: “من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت”، ما يدل على عظم فائدتها وأثرها العظيم.
فوائد وآثار تلاوة آية الكرسي
آية الكرسي ليست فقط دعوة للتفكير في عظمة الله وقدرته، بل هي أيضاً تحمل العديد من الفوائد الروحية والنفسية للمسلمين. ففي تلاوتها بركة عظيمة، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف أن الله سبحانه وتعالى يحيط بقراءتها ويحفظ قارئها من الشياطين ومن أي مكروه.
من بين أبرز الفوائد التي وردت عن العلماء في فضل آية الكرسي:
-
الحماية من الشيطان: ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا قرأت آية الكرسي في بيتك، لم يدخل الشيطان إليه”. وتعتبر هذه الآية واحدة من أقوى الأدعية التي تحمي المسلم من كيد الشياطين.
-
الراحة النفسية والطمأنينة: تلاوة آية الكرسي تجلب الراحة النفسية والطمأنينة للمسلم، حيث أن ذكر الله وقراءته يزيل الهموم ويجلب السكينة.
-
فتح أبواب الرزق: يقال إن تلاوة آية الكرسي في البيت أو أثناء السعي وراء الرزق قد تكون سببًا في جلب الخير والبركة.
-
الشفاعة يوم القيامة: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قرأ آية الكرسي، كان في معية الله وحمايته إلى حين يلقى ربه”، مما يبرز فضلها الكبير في الآخرة.
-
توسعة الرزق وراحة البال: تلاوة هذه الآية تساهم في جلب الرزق وزيادة البركة في حياة المسلم، كما أنها تمنح الراحة في القلب والبال.
الخاتمة
آية الكرسي هي من أعظم آيات القرآن الكريم، التي تحتوي على معاني التوحيد وعظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته اللامحدودة. سميت “آية الكرسي” بهذا الاسم لأنها تشير إلى “الكرسي”، الذي يعتبر رمزًا للسلطة والقدرة، لكنه في السياق القرآني يشير إلى عظمة الله وسلطانه الذي لا يحده شيء. وقد ثبت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة العديد من الفضائل والمنافع لتلاوتها، مما يجعلها واحدة من أعظم الآيات التي ينبغي للمسلمين تلاوتها وتدبر معانيها.
