بعض الأمور التي يجب أن تتجنب قولها لمن يعيش حالة الحزن
الحزن هو شعور عميق ومعقد يمكن أن ينتاب أي شخص في أي وقت من حياته، وهو حالة عاطفية قد تنتج عن فقدان شخص عزيز، أو خيبة أمل، أو فشل في تحقيق هدف معين، أو حتى نتيجة لتراكمات نفسية طويلة. عندما يعيش الشخص حالة الحزن، يكون في حالة من الضعف العاطفي، ويحتاج إلى دعم وتفهم من الآخرين بدلاً من الأحكام أو النصائح التي قد تزيد من معاناته. ورغم النية الطيبة التي قد تكون وراء بعض الأقوال، إلا أن هناك بعض العبارات التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الألم أو الإحساس بالوحدة لدى الشخص الحزين.
في هذا المقال، سنستعرض بعض الأمور التي يجب تجنب قولها لمن يعيش حالة الحزن، ولماذا قد تكون هذه العبارات غير مفيدة في تلك اللحظات الصعبة.
1. “كن قويًا، لا تبكي”
قد يبدو هذا القول وكأنه نصيحة مشجعة، ولكنه في الواقع قد يكون محبطًا للغاية. في كثير من الأحيان، يحتاج الشخص الذي يعاني من الحزن إلى التعبير عن مشاعره عبر البكاء أو الشعور بالضعف. قمع هذه المشاعر قد يزيد من الضغط النفسي ويساهم في تراكم الأعباء العاطفية. من الأفضل أن نسمح للآخرين بالحزن بطريقة صحية دون محاولة فرض تصوراتنا الشخصية عن كيفية التصرف في مثل هذه المواقف. “كن قويًا” قد يخلق إحساسًا بالذنب أو بأن الشخص لا يُسمح له بالضعف أو التعبير عن مشاعره.
2. “أنت لا تعرف كم أن لديك من نعم، هناك من يعاني أكثر منك”
بينما قد يكون القصد من هذا القول هو إظهار أن هناك آخرين يعانون أكثر، إلا أن هذا الكلام يمكن أن يُشعر الشخص الذي يمر بحالة حزن أنه لا يُسمح له بالتعبير عن مشاعره أو أن معاناته غير مهمة. مقارنة معاناة شخص آخر بمعاناة الفرد الحزين لا تساعد في تخفيف الحزن، بل تزيد من الإحساس بالعزلة واللامبالاة تجاه مشاعره. الحزن ليس مسابقة لتحديد من يعاني أكثر، وكل شخص يعيش حزنه بطريقته الخاصة.
3. “كل شيء سيكون على ما يرام في النهاية”
قد تكون هذه العبارة واحدة من أكثر العبارات التي يُقالها بنية حسنة، ولكنها قد تكون أيضًا محبطة. الشخص الذي يعاني من الحزن لا يحتاج دائمًا إلى سماع وعود غير مؤكدة بأن كل شيء سيصبح أفضل فجأة. في مثل هذه اللحظات، يحتاج الشخص إلى الدعم والاعتراف بحزنه بدلاً من التخفيف من معاناته بتوقعات غير واقعية. قد يشعر الشخص بأن من يتحدث معه لا يقدر حجم الألم الذي يشعر به، مما يزيد من الإحساس بعدم الفهم.
4. “كان عليك أن تتحرك من هذا الأمر”
هذا النوع من العبارات يفترض أن الشخص الحزين يمكنه أن يقرر التوقف عن الحزن بمجرد أن “يريد” ذلك. في الواقع، لا يمكن التحكم في الحزن بهذه الطريقة. فالحزن ليس حالة يمكن اختيار الخروج منها بناءً على الإرادة فقط؛ إنه عملية تحتاج إلى وقت ودعم. قول مثل هذه الكلمات قد يشعر الشخص بعدم القدرة على التحكم في مشاعره، أو يجعله يعتقد أن مشاعره غير مُقدرة أو مفهومة من قبل الآخرين.
5. “أنت مفرط في التفكير، لا داعي لذلك”
الحزن غالبًا ما يكون مصحوبًا بالعديد من الأفكار والذكريات التي لا يستطيع الشخص التخلص منها بسهولة. في هذه الحالة، لا تكون العبارات مثل “أنت مفرط في التفكير” مفيدة أو داعمة. في الحقيقة، قد تكون هذه الكلمات محبطة للغاية، حيث أنها تشير إلى أن الشخص ليس على صواب في كيفية معالجته لمشاعره. بدلاً من ذلك، يجب أن يُسمح للشخص بالتعبير عن مشاعره وأفكاره دون إبداء أحكام.
6. “أعتقد أن الأمر سيصبح أسوأ قبل أن يصبح أفضل”
على الرغم من أن هذه العبارة قد تكون قائمة على التجربة الشخصية لبعض الأفراد، إلا أن سماعها قد يزيد من معاناة الشخص الحزين. إذا كان الشخص في حالة صعبة بالفعل، فإن فكرة أن الأمور قد تصبح أسوأ قد تجعلهم يشعرون باليأس أو العجز. في مثل هذه الحالات، من الأفضل تقديم الأمل والدعم، ولكن دون فرض آراء متشائمة قد لا تكون في محلها.
7. “أنت بحاجة إلى المضي قدمًا”
عبارة “المضي قدمًا” قد تكون مفيدة في بعض السياقات، ولكن عند قولها لشخص حزين، يمكن أن تُشعره بأن مشاعره غير مرحب بها. الحزن ليس شيئًا يمكن تجاوزه بين عشية وضحاها، وقد يكون الشخص في مرحلة لا يزال بحاجة فيها إلى معالجة مشاعره والتعامل معها. إن مطالبة الشخص بـ “المضي قدمًا” بسرعة قد تعني تجاهل حزنهم وعدم الاعتراف به.
8. “لا داعي للبكاء، الأمر ليس كبيرًا جدًا”
الحزن لا يمكن تحديد حجم معاناته بشكل موضوعي. ما قد يبدو بسيطًا لشخص آخر قد يكون مشكلة كبيرة بالنسبة لشخص آخر. إن قول “لا داعي للبكاء” يمكن أن يجعل الشخص يشعر بأن مشاعره غير مهمة أو غير مبررة. قد يحتاج الشخص الحزين إلى البكاء كوسيلة للتعبير عن نفسه، وتجعل هذه العبارات الموقف أكثر تعقيدًا.
9. “لقد مررت أنا أيضًا بهذه التجربة، وأنت سترتاح قريبًا كما فعلت أنا”
بينما قد يكون لدى البعض تجربة مشابهة تساعدهم على تقديم الدعم، إلا أن كل شخص يتعامل مع الحزن بطرق مختلفة. إذا كانت هذه العبارات تهدف إلى تقديم الدعم، فإنها قد تكون بعيدة عن حقيقة مشاعر الشخص الحزين، حيث لا يمكن ضمان أن الشخص سيشعر كما شعرت أنت. إن تبادل تجارب مشابهة قد يكون مفيدًا إذا تم بحذر، ولكن يجب تجنب أن يُنظر إلى التجربة الشخصية على أنها الحل السحري لجميع الأشخاص.
10. “لقد كان هذا مقدرًا لك”
التحدث عن القضاء والقدر في أوقات الحزن قد يبدو وكأنه محاولة لتقديم التفسير المنطقي لما حدث، ولكنه قد يزيد من شعور الشخص بالعجز أو الاستسلام. عندما يعيش الشخص الحزن، فهو غالبًا ما يبحث عن معنى أو فائدة في معاناته. تقديم فكرة أن ما حدث كان “مقدرًا” قد يشعر الشخص بأن الألم لا يمكن تجاوزه أو تغييره، مما يضيف مزيدًا من الإحباط.
11. “افعل شيئًا لتحسين حالتك”
على الرغم من أن هذا قد يبدو نصيحة بناءة، إلا أن الشخص الحزين قد لا يكون في حالة نفسية تسمح له باتخاذ قرارات لتحسين حالته. مطالبة الشخص بفعل شيء ما قد يبدو له كعبء إضافي في وقت يتطلب فيه دعمًا عاطفيًا أكثر من أي شيء آخر. من الأفضل أن نكون صبورين، وأن نقدم الاستماع والتفاهم بدلاً من محاولة إيجاد حلول فورية.
في الختام
عندما يتعامل الشخص مع الحزن، يحتاج إلى دعم حقيقي وفهم من الآخرين. الكلمات التي قد نقولها عن حسن نية قد يكون لها تأثير عكسي، مما يعمق مشاعر العزلة أو يضعف قدرة الشخص على التعبير عن نفسه بحرية. بدلاً من تقديم نصائح غير مطلوبة أو أحكام، يجب أن نكون مستمعين حقيقيين ونقدم دعمًا عاطفيًا يتناسب مع احتياجات الشخص في تلك اللحظات الصعبة.
