هل ظهور الأسنان يسبب الحرارة؟
يعد ظهور الأسنان من الأحداث الطبيعية التي يمر بها الأطفال في مراحلهم المبكرة من الحياة، ويُعد من بين المراحل التي يترقبها الأهل بكل شغف. ومع ذلك، فإن هذا الحدث البسيط قد يصحبه بعض الأعراض التي قد تثير القلق لدى بعض الأمهات والآباء، من أبرزها الحمى أو ارتفاع درجة الحرارة. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل العلاقة بين ظهور الأسنان وارتفاع درجة الحرارة، ونقدم شرحًا علميًا دقيقًا لهذا الموضوع مع عرض للأسباب التي قد تؤدي إلى الشعور بالحرارة أثناء فترة التسنين، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع هذا العرض بشكل صحيح.
التسنين: تعريف ومراحل
التسنين هو عملية نمو الأسنان الأولية لدى الأطفال، وتبدأ هذه العملية عادة بين الشهر السادس والثامن من عمر الطفل، ولكن قد تختلف هذه الفترة من طفل لآخر. تبدأ الأسنان في الظهور من الأسنان الأمامية السفلية، تليها الأسنان الأمامية العلوية، ثم الأسنان الجانبية، وأخيرًا الأضراس. في مرحلة التسنين، تتطور الأسنان في داخل اللثة وتبدأ في التقدم للأعلى عبر اللثة حتى تصبح مرئية.
تختلف تجربة التسنين من طفل لآخر، حيث قد يمر بعض الأطفال بتجربة التسنين بدون أي مشاكل تذكر، بينما يعاني آخرون من أعراض مؤلمة أو مزعجة. تتراوح هذه الأعراض من التورم واحمرار اللثة إلى إفراز اللعاب الزائد، والتهيج، وفقدان الشهية، وقد تصل أحيانًا إلى الحمى.
هل ظهور الأسنان يسبب حرارة؟
من الأسئلة الشائعة التي تطرحها الأمهات: “هل يمكن أن يسبب ظهور الأسنان حرارة أو حمى لدى الطفل؟”. في الواقع، يشير معظم الأطباء إلى أن التسنين بحد ذاته لا يتسبب عادة في ارتفاع كبير في درجة الحرارة. ومع ذلك، فإنه يمكن أن يرافقه بعض الزيادة الطفيفة في درجة الحرارة، وهو ما يسمى “حرارة التسنين”.
آلية تأثير التسنين على درجة الحرارة
السبب الرئيسي وراء ارتفاع درجة حرارة الطفل أثناء فترة التسنين يعود إلى التغيرات التي تحدث في اللثة خلال هذه الفترة. عملية خروج السن من تحت اللثة تخلق نوعًا من التورم والتهيج في الأنسجة المحيطة، مما قد يؤدي إلى زيادة تدفق الدم إلى المنطقة المعنية. هذا التورم قد يسبب شعورًا بالحرارة، لكن من غير المعتاد أن يؤدي التسنين إلى الحمى الحقيقية (أي درجة حرارة تفوق 38 درجة مئوية).
يتأثر الأطفال أيضًا بالضغوطات الأخرى التي قد تصاحب التسنين، مثل الألم والتوتر الناتج عن النمو السريع للأسنان، وهو ما يمكن أن يؤثر على الجسم بشكل عام. قد يختلط هذا التأثير مع عوامل أخرى، مثل نزلات البرد أو العدوى البكتيرية أو الفيروسية، مما يجعل الأهل يربطون بين التسنين وارتفاع درجة الحرارة بشكل خاطئ.
كيف يمكن التمييز بين حرارة التسنين والحمى؟
من المهم للأهل أن يتعرفوا على الفرق بين حرارة التسنين والحمى التي قد تكون ناتجة عن سبب آخر. عندما يكون الطفل يعاني من حرارة ناتجة عن التسنين، غالبًا ما تكون درجة الحرارة في حدود 37.5 إلى 38 درجة مئوية فقط. أما إذا كانت الحرارة أعلى من ذلك أو استمرت لفترة أطول من يوم أو يومين، فقد يكون من الأفضل استشارة الطبيب.
تتمثل بعض الفروق الأساسية بين حرارة التسنين والحمى في النقاط التالية:
-
الحرارة الناتجة عن التسنين عادة ما تكون خفيفة وقصيرة الأمد.
-
الحمى غالبًا ما تكون مصحوبة بأعراض أخرى مثل السعال أو الاحتقان أو القيء أو الإسهال.
إذا كان الطفل يعاني من حمى مرتفعة أو أعراض أخرى تشير إلى وجود عدوى، يجب على الأهل طلب المساعدة الطبية على الفور.
العوامل الأخرى التي قد ترفع درجة حرارة الطفل أثناء التسنين
على الرغم من أن التسنين لا يسبب عادة حمى شديدة، إلا أن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من درجة الحرارة في فترة التسنين، ومنها:
-
الإصابة بالعدوى: الأطفال في هذه الفترة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات أو البكتيريا، والتي قد تسبب حمى تضاف إلى الأعراض المرتبطة بالتسنين.
-
البيئة المحيطة: في بعض الأحيان، تكون البيئة الحارة أو الملابس الثقيلة سببًا في رفع درجة حرارة الطفل، خاصة إذا كان الطفل يعاني من زيادة في التعرق بسبب حرارة الجو أو بسبب التسنين.
-
التوتر والقلق: قد يؤدي الألم الناتج عن التسنين إلى بعض التوتر، مما يمكن أن يسهم في ارتفاع درجة الحرارة قليلاً.
كيفية التعامل مع حرارة التسنين
إذا لاحظ الأهل أن طفلهم يعاني من زيادة طفيفة في درجة الحرارة خلال فترة التسنين، فيجب عليهم اتخاذ بعض التدابير لتخفيف الأعراض وجعل الطفل أكثر راحة. فيما يلي بعض النصائح للتعامل مع حرارة التسنين:
-
استخدام حلويات التسنين أو اللهاية الباردة: يمكن أن تساعد بعض أنواع اللهايات أو الحلويات التي توضع في الثلاجة على تهدئة اللثة وتخفيف الألم المصاحب للتسنين.
-
استخدام مسكنات الألم المناسبة: في حالة وجود ألم شديد، يمكن استخدام مسكنات الألم الخاصة بالأطفال مثل “الباراسيتامول” أو “الإيبوبروفين” تحت إشراف طبي.
-
ترطيب البيئة: من المفيد الحفاظ على درجة حرارة مناسبة في غرفة الطفل والتأكد من تهوية المكان بشكل جيد، مع تجنب بيئة حارة أو مغلقة.
-
مراقبة الأعراض الأخرى: يجب مراقبة الطفل لمعرفة إذا كانت الحرارة تزداد أو إذا كانت هناك أعراض أخرى قد تشير إلى وجود مشكلة صحية تتطلب التدخل الطبي.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا كانت درجة حرارة الطفل تتجاوز 38 درجة مئوية أو كانت تستمر لفترة أطول من يومين، فمن الأفضل استشارة الطبيب. كذلك، إذا ظهرت أعراض أخرى مثل القيء، الإسهال، الطفح الجلدي، أو السعال، قد يكون من الضروري زيارة الطبيب لتحديد السبب الدقيق لهذه الأعراض.
خلاصة
في النهاية، لا يُعتبر التسنين عادة سببًا رئيسيًا لارتفاع درجة الحرارة. ومع ذلك، قد يتسبب الألم المصاحب له في بعض الحالات في ارتفاع طفيف في درجة الحرارة. يجب على الأهل أن يكونوا على دراية بالأعراض المصاحبة للتسنين وأن يراقبوا درجة حرارة الطفل بشكل دوري. إذا كانت الحرارة لا ترتفع عن 38 درجة مئوية وكانت مصحوبة فقط بأعراض التسنين التقليدية مثل التورم أو التهيج، فيمكن عادة التعامل مع الأمر في المنزل. أما إذا كانت الحرارة مرتفعة بشكل غير معتاد أو استمرت لفترة طويلة، فيجب التوجه للطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسب.
