كيفية تغسيل الميت: حكمه وأهمية الطهارة في الإسلام
من أبرز السنن التي يتمسك بها المسلمون عند وفاة شخص ما هي غسل الميت، وهي من الطقوس الدينية التي تعد بمثابة التكريم الأخير للمتوفى. ولقد بيّن الشرع الإسلامي كيفية غسل الميت بشكل دقيق، وذلك في إطار من الطهارة والاحترام. إن تغسيل الميت لا يتوقف عند مجرد غسل جسده، بل هو جزء من تعبيرٍ إيماني وديني يُظهر مكانة الحياة والموت في الإسلام. في هذا المقال، سوف نتناول بالشرح والتفصيل كيفية تغسيل الميت من الناحية الشرعية، مراحله وأحكامه، مع تسليط الضوء على الأدلة الدينية المتعلقة بذلك.
حكم غسل الميت في الإسلام
يعد غسل الميت فرض كفاية على المسلمين، بمعنى أن القيام به من قبل شخص واحد أو مجموعة من المسلمين يكفي عن باقي المجتمع، ولا يجب على الجميع. وقد ذكر العلماء أن غسل الميت لا يعد واجبًا على كل مسلم بشكل فردي، بل يجب على المسلمين أن يتعاونوا لإتمام هذه الفريضة.
الغسل، مثل باقي الطقوس المتعلقة بالميت، هو عملية طهارة وليس مجرد تنظيف جسدي. لذلك، من الضروري أن يتم القيام به وفقًا للضوابط الشرعية، فكل شيء في الإسلام له مقاصده الخاصة، ومنها التطهر والتزكية.
من الذي يقوم بتغسيل الميت؟
عادةً ما يتم تغسيل الميت من قبل أهله أو أقرب الناس إليه، ويفضل أن يكون هذا من أقاربه أو من المحارم الذين لا يجوز لهم الزواج منه. أما في حال لم يكن له أقارب من المحارم، فإنه يمكن أن يقوم بذلك شخص آخر من المسلمين، ومن الأفضل أن يكون هذا الشخص مؤهلًا علميًا وأخلاقيًا لهذا العمل. ويشترط أن يكون غسل الميت من قبل شخص بالغ عاقل، ومؤمن بالضرورة، لضمان إتمام هذا العمل بالشكل الذي يليق به.
خطوات تغسيل الميت
تتضمن عملية تغسيل الميت عدة خطوات أساسية ينبغي اتباعها بعناية واحترام. وفيما يلي تفصيل لهذه الخطوات:
-
التهيئة والتجهيز:
-
أول خطوة تبدأ بتجهيز المكان والمواد اللازمة لغسل الميت. يجب أن يكون المكان هادئًا وطاهرًا، حيث يُفضل أن يتم غسل الميت في غرفة مخصصة لهذا الغرض.
-
الأدوات اللازمة تشمل الماء الطاهر، والصابون، ومنشفة أو قماش نظيف. بالإضافة إلى وجود كافور أو مسك للعطر بعد الغسل.
-
يتم تجهيز ملابس خاصة للميت بعد الغسل، وذلك من أجل تحنيطه إذا كان ذلك من الضروري.
-
-
استئذان الأقارب:
-
يجب أولًا أن يُستأذن أقارب الميت، وخاصة المحارم، قبل البدء في الغسل. يُستحسن أن تكون العملية على دراية من أهل الميت حتى يشعروا بالراحة النفسية.
-
يُستحب أن يُخبر من سيغسل الميت بأن هذا العمل هو تكريم للميت، ومن ثم يقوم بالتبريء من أي تصرف قد يسيء أو يقلل من شأنه.
-
-
وضع الميت في المكان المناسب:
-
يُوضع الميت على مكان مرتفع قليلاً يسهل فيه غسله، ويُفضل أن يتم ذلك على طاولة خاصة للغسل بحيث يكون الجسد ثابتًا.
-
يُحسن أن يغطى الميت بثوب أو قماش ساتر حتى لا يُكشف جزء من جسده أثناء عملية الغسل.
-
-
غسل الميت:
-
يبدأ الغسل بغسل يديه أولًا. يُفترض أن يتم هذا بلطف وحذر، وبغسلهما ثلاث مرات باستخدام الماء الطاهر والصابون.
-
ثم يتم غسل الفم والأنف، بحذر شديد، مع مراعاة تنظيف الأماكن التي قد تكون مصدرًا للنجاسة.
-
بعد ذلك، يتم غسل الأعضاء التناسلية برفق، مع مراعاة عدم حدوث أي تصرفات قد تؤدي إلى الإحراج أو التسبب في الضرر.
-
يتم غسل الوجه بعناية، وكذلك الأذرع، ثم يغسل الصدر والظهر، مع التأكد من تنظيف كل جزء من جسده دون التأثير على الهيئة الطبيعية.
-
بعد الانتهاء من غسل الجسد، يتم مسح جسد الميت بكامله، خاصةً الأماكن التي قد تحتوي على أي بقايا أو أوساخ قد لا يُلاحظها الغاسل.
-
-
الاستمرار في الغسل:
-
يجب أن يتم غسل الميت ثلاثًا أو أكثر، حسب الحاجة. يُفضل أن تكون البداية بغسل الجسد بالماء فقط، ثم بعد ذلك يتم إضافة الصابون أو الكافور لجعل الجسد أكثر طهارة وانتعاشًا.
-
يتم الحفاظ على الترتيب الصحيح أثناء الغسل. ويفضل أن يتم إجراء الغسل على جانبي الميت، بحيث يتعاقب غسل الجانبين لتجنب أي أخطاء.
-
-
التجفيف والطيب:
-
بعد إتمام عملية الغسل، يتم تجفيف جسد الميت بعناية باستخدام منشفة ناعمة، للتأكد من إزالة أي ماء زائد.
-
ثم يتم وضع الطيب على جسد الميت، خاصة في الأماكن التي تحتوي على عرق أو رائحة غير مرغوبة. يتم مسح الكافور على جسده، وذلك وفقًا للسنة النبوية.
-
-
التكفين:
-
بعد الانتهاء من الغسل، يتم تكفين الميت. يُفضّل أن يتم تكفينه بثلاثة أثواب بيضاء، وهذه هي الطريقة التقليدية التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
-
تكفين الميت يُعد من الطقوس التي تعكس الاحترام الكبير للموتى، حيث يكون الغطاء بسيطًا ومريحًا، ليُسهم في تقديم التكريم المناسب.
-
ماذا يجب على الشخص الذي يقوم بتغسيل الميت؟
من المهم أن يكون الغياس ملتزمًا بالأدب في التعامل مع الجسد المتوفي. يجب أن يكون الشخص الذي يقوم بالتغسيل مستعدًا نفسيًا وذهنياً للقيام بهذه المهمة، حيث أن التعامل مع الجسد يُعتبر أمرًا حساسًا جدًا من الناحية الشرعية والعاطفية.
إن تذكير الشخص الذي يقوم بالغسل بحتمية الموت وأهمية العمل على تفادي أي منكرات خلال هذه المهمة يجعل من هذا العمل عبادة عظيمة، يُرجى له الأجر الكبير من الله سبحانه وتعالى.
الخاتمة
إن تغسيل الميت هو إحدى الطقوس المهمة التي تُظهر تعاليم الإسلام في احترام وتقدير حياة الإنسان بعد وفاته، حيث لا يتوقف الأمر عند مجرد غسله، بل هو أيضاً عمل تعبدي يمثل طهارة روحية وجسدية للمتوفى. ولقد وضّح الشرع الإسلامي بالتفصيل الطريقة المثلى لهذه العملية، مع التأكيد على الأهمية الدينية للأدب والاحترام الذي ينبغي أن يُتبع أثناء الغسل. وبتنفيذ هذا العمل بالطريقة الصحيحة، فإننا نُعطي الميت حقه في الكرامة، ونُحسن تعاملنا مع جسده وأرواحنا في الوقت ذاته.
