خد لك Break.. واتعلم التسويق من Kit Kat
إذا كان هناك منتج عالمي لا يحتاج إلى تعريف، فهو شوكولاتة “كيت كات” (Kit Kat)، التي استطاعت أن تفرض نفسها كإحدى العلامات التجارية المميزة في صناعة الحلويات. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن هذه العلامة التجارية لم تصل إلى هذا النجاح فقط بسبب طعمها المميز أو جودتها العالية، بل أيضاً بفضل استراتيجيات التسويق الرائعة التي اعتمدتها على مر السنين. منذ نشأتها في أربعينيات القرن الماضي، مرّت “كيت كات” بعدد من التحولات التسويقية المدهشة التي جعلتها واحدة من أنجح العلامات التجارية في العالم. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة لاكتشاف كيف استطاعت “كيت كات” أن تتعلم وتطبق أروع دروس التسويق التي يمكن لأي علامة تجارية الاستفادة منها.
بداية كيت كات: الفكرة البسيطة وراء النجاح الكبير
تم ابتكار شوكولاتة “كيت كات” في عام 1935 من قبل شركة “رويترز” البريطانية (التي أصبحت لاحقًا جزءًا من شركة نستله)، وتعتبر هذه العلامة التجارية واحدة من أقدم وأشهر العلامات في فئتها. ورغم أن طعم الشوكولاتة السلس والمقرمش كان عاملًا مهمًا في جذب الزبائن، إلا أن ما جعل “كيت كات” تبرز حقًا هو الأسلوب الفريد الذي اتبعته في تسويق منتجها.
عندما تم إطلاق “كيت كات” لأول مرة، كانت المنافسة في سوق الشوكولاتة شديدة، حيث كانت هناك العديد من العلامات التجارية الرائجة. لكن “كيت كات” اختارت أن تركز على تقديم منتج مميز يسمح للناس بالاستمتاع بأوقات فراغهم بشكل مختلف. وهذه كانت بداية استراتيجية التسويق التي اعتمدت على فكرة الاستمتاع باللحظات الصغيرة في الحياة، مما عزز ارتباط “كيت كات” بمفهوم “خذ لك استراحة” أو “خد لك بريك”.
شعار “Take a Break”: كيف حققت كيت كات تفوقًا على منافسيها؟
الشعار الذي اشتهر به “كيت كات” والذي يعتمد على فكرة الاستراحة، كان له تأثير بالغ في تحسين صورة العلامة التجارية وتوسيع قاعدة عملائها. فبدلاً من التركيز فقط على المنتج، قامت “كيت كات” بالتركيز على مشاعر المستهلكين وربط المنتج بلحظة من الراحة في حياتهم اليومية. لا تقتصر فكرة الشعار على كونه مجرد عبارة دعائية، بل أصبح جزءًا من ثقافة الجمهور، مما جعل “كيت كات” تميز نفسها عن باقي المنافسين الذين كانوا يركزون فقط على إظهار جودتهم أو مذاقهم المميز.
هذا النوع من الإعلانات الذكية يركز على الجانب النفسي للمستهلكين ويعزز ارتباطهم العاطفي بالمنتج. من خلال طرح فكرة أن “كيت كات” ليست مجرد شوكولاتة، بل لحظة استرخاء في يومهم المزدحم، أصبحت العلامة التجارية جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس. وهذا ما يجعل “كيت كات” قادرة على أن تصبح الخيار الأول لدى الكثيرين عندما يبحثون عن منتج يضمن لهم استراحة لذيذة في منتصف اليوم.
استراتيجية التسويق المتنوعة: من التلفزيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي
لم تقتصر استراتيجية “كيت كات” التسويقية على الإعلانات التلفزيونية أو اللوحات الإعلانية التقليدية فقط، بل اعتمدت أيضًا على التطور المستمر لتواكب العصر الحديث. على سبيل المثال، في السنوات الأخيرة، بدأت “كيت كات” في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، مثل فيسبوك، تويتر، وإنستغرام، للتفاعل المباشر مع جمهورها.
وقد أظهرت الحملات التسويقية على وسائل التواصل الاجتماعي كيف أن “كيت كات” تستجيب بمرونة لاحتياجات جمهورها. فبدلاً من الاعتماد فقط على الإعلانات المدفوعة، قامت “كيت كات” بإطلاق العديد من المبادرات المبتكرة التي تشجع على التفاعل والمشاركة من قبل المتابعين. أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو التعاون مع مشاهير الإنترنت والمؤثرين الذين يعكسون أسلوب الحياة الذي يتماشى مع الشعار “خذ لك بريك”، مما أدى إلى توسيع دائرة المتابعين من فئات عمرية مختلفة.
علاوة على ذلك، قامت “كيت كات” بدمج التفاعل المباشر مع زبائنها عبر مواقع الإنترنت والتطبيقات المحمولة، مما ساعدها على جذب شريحة أوسع من العملاء. هذه الاستراتيجية لم تقتصر على إشراك الجمهور فقط، بل أيضًا على استجابة العلامة التجارية السريعة لاحتياجاتهم ورغباتهم المتغيرة، مما أضاف طبقة من الارتباط العاطفي بالمنتج.
التوسع العالمي: تكيف مع الثقافات المختلفة
ما يميز “كيت كات” عن العديد من العلامات التجارية الأخرى هو قدرتها على التكيف مع أسواق مختلفة حول العالم. فالشوكولاتة نفسها قد تكون ثابتة، ولكن طرق تسويقها تتغير بشكل دائم حسب الثقافة المحلية والاحتياجات الخاصة بكل منطقة.
على سبيل المثال، في اليابان، قدمت “كيت كات” العديد من النكهات الفريدة التي تتماشى مع الذوق المحلي، مثل نكهة الشاي الأخضر، وأوراق شجر القيقب، والزنجبيل. وبالإضافة إلى تقديم نكهات محلية، كانت “كيت كات” تقدم منتجات مخصصة للمناسبات المختلفة مثل الأعياد، مما ساعدها في بناء علاقة قوية مع الجمهور المحلي.
كما أن “كيت كات” كانت قادرة على المحافظة على استراتيجيتها المركزية – فكرة الاستراحة – مع تعديل الأسلوب ليناسب مختلف الثقافات. فبينما قد يفضل البعض في الولايات المتحدة استراحة سريعة مع “كيت كات” خلال العمل، قد يربط آخرون في آسيا هذه اللحظة بمشاركة حلوى “كيت كات” مع الأصدقاء والعائلة خلال الأعياد والمناسبات الاجتماعية. وهكذا نجحت العلامة التجارية في بناء علاقة عاطفية مع عملائها على مستوى عالمي.
الابتكار المستمر: كيف تؤثر التكنولوجيا على استراتيجيات التسويق؟
لم تكتفِ “كيت كات” بالنجاح في الاستراتيجيات التقليدية، بل استطاعت الاستفادة من الابتكار التكنولوجي بشكل مدهش. في السنوات الأخيرة، بدأت “كيت كات” في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتحليل سلوكيات المستهلكين وتخصيص العروض التسويقية بشكل أكثر دقة وفاعلية.
على سبيل المثال، استخدمت “كيت كات” الذكاء الاصطناعي لتحليل التغريدات والمشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة آراء الناس حول منتجاتها واكتشاف المزيد عن احتياجاتهم. بناءً على ذلك، كانت قادرة على تقديم حملات إعلانية مخصصة تتيح للعملاء تجربة منتج “كيت كات” بطرق جديدة ومبتكرة.
هذا النهج التكنولوجي يعكس التزام “كيت كات” المستمر بتطوير أساليب تسويق مبتكرة، مما يمكنها من الحفاظ على مكانتها كإحدى العلامات التجارية الأكثر شهرة في صناعة الحلويات. تتيح هذه الأدوات التكنولوجية أيضًا للشركة أن تكون أكثر تفاعلًا مع عملائها وأسرع في الاستجابة لاحتياجاتهم.
دروس تسويقية يمكن تعلمها من كيت كات
من خلال دراسة رحلة “كيت كات” التسويقية، يمكننا استخلاص العديد من الدروس المهمة التي يمكن أن يستفيد منها أي متخصص في التسويق أو صاحب علامة تجارية. إليك بعض هذه الدروس:
-
التركيز على بناء علاقة عاطفية مع العملاء: نجحت “كيت كات” في تحويل منتجها من مجرد شوكولاتة إلى تجربة عاطفية مرتبطة بالراحة والاسترخاء. يمكن لأي علامة تجارية تعلم كيفية خلق علاقة عاطفية مع جمهورها من خلال الربط بين المنتج واحتياجات المستهلكين العاطفية.
-
التكيف مع الثقافات المحلية: النجاح في الأسواق العالمية يتطلب مرونة في التكيف مع الثقافات المختلفة. “كيت كات” قدمت نكهات تناسب الأذواق المحلية، مما ساعدها على توسيع قاعدة عملائها في مختلف أنحاء العالم.
-
التفاعل المستمر مع الجمهور: لا تقتصر عملية التسويق على الترويج لمنتج فقط، بل على خلق تفاعل دائم مع الجمهور من خلال منصات التواصل الاجتماعي وغيرها. “كيت كات” أظهرت كيف يمكن بناء مجتمع من المتابعين من خلال المشاركة الفعالة.
-
الابتكار المستمر: الابتكار لا يقتصر فقط على المنتج، بل يمتد إلى كيفية تسويقه. التكنولوجيا يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تحسين استراتيجيات التسويق وجعلها أكثر تخصيصًا وفاعلية.
في الختام، تعتبر “كيت كات” نموذجًا رائعًا لعلامة تجارية نجحت في تحقيق نجاح مستدام عبر سنوات طويلة، ليس فقط بسبب طعمها الرائع، ولكن أيضًا بفضل استراتيجيات التسويق المبتكرة التي تعتمد على فهم عميق لجمهورها واحتياجاته.
