خشونة المفاصل: الأعراض والعلاج

خشونة المفاصل: أعراضها وعلاجها الشامل

خشونة المفاصل، والتي تُعرف أيضًا باسم الفُصال العظمي (Osteoarthritis)، تُعد من أكثر أمراض المفاصل انتشارًا على مستوى العالم، لا سيما بين كبار السن، ولكنها لا تقتصر عليهم فقط، بل قد تصيب أيضًا الأفراد في منتصف العمر وحتى في الثلاثينيات نتيجة لعوامل عدة. تتميز هذه الحالة بتدهور تدريجي في الغضاريف المفصلية، وهي الأنسجة التي تغطي نهايات العظام في المفاصل، مما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها البعض، مؤديًا إلى الألم، والتصلب، والحد من الحركة.

أولًا: الأسباب والعوامل المؤدية لخشونة المفاصل

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى خشونة المفاصل، وغالبًا ما تكون مركبة وتتشابك فيها العوامل الوراثية مع البيئية والميكانيكية. ويمكن تلخيص أبرز هذه العوامل في ما يلي:

1. التقدم في السن

مع التقدم في العمر، يقل إنتاج الجسم للسائل الزلالي الذي يُساعد على تليين المفاصل، كما تضعف قدرة الجسم على تجديد الخلايا الغضروفية، مما يُسرع من تآكل الغضاريف.

2. الوراثة

تلعب العوامل الوراثية دورًا هامًا في زيادة خطر الإصابة بخشونة المفاصل، إذ إن وجود تاريخ عائلي للمرض يزيد من احتمال ظهوره.

3. الوزن الزائد والسمنة

الوزن الزائد يُشكّل ضغطًا كبيرًا على المفاصل، لا سيما مفاصل الركبة والحوض والعمود الفقري، مما يُسرّع من تلف الغضاريف.

4. الإصابات السابقة

إصابات المفاصل المتكررة، مثل الكسور أو التمزقات، تترك أثرًا دائمًا على المفصل وتزيد من احتمالية تدهور الغضروف.

5. الاستخدام المفرط للمفاصل

القيام بأنشطة تتطلب حركة متكررة للمفاصل أو حمل أوزان ثقيلة، سواء في العمل أو أثناء ممارسة الرياضة، يمكن أن يُسرّع من التآكل الغضروفي.

6. التشوهات الخلقية

بعض الأشخاص يولدون بتشوهات في المفاصل أو بنية العظام مما يؤدي إلى توزيع غير متوازن للضغط داخل المفصل، وبالتالي تسارع ظهور الخشونة.

ثانيًا: الأعراض المصاحبة لخشونة المفاصل

خشونة المفاصل تبدأ عادة بشكل تدريجي، وقد تستغرق سنوات قبل أن تصبح واضحة للمريض. من أهم الأعراض التي تصاحبها:

1. الألم

يُعد العرض الأساسي، ويتراوح بين ألم خفيف في البداية يظهر عند بذل الجهد، ويتطور تدريجيًا ليصبح ألمًا دائمًا حتى في فترات الراحة.

2. التصلب الصباحي

يشعر المريض بتيبس في المفصل في الصباح أو بعد فترات طويلة من الراحة، يستمر لبضع دقائق ثم يتحسن بالحركة.

3. صوت طقطقة أو احتكاك عند الحركة

نتيجة لتآكل الغضاريف، قد يشعر المريض بوجود صوت عند تحريك المفصل، وهو ما يُعرف بـ”الفرقعة المفصلية”.

4. فقدان المرونة والحركة

مع تطور الحالة، يصبح المفصل أقل قدرة على الحركة، مما يعيق المهام اليومية البسيطة مثل صعود السلم أو الجلوس لفترة طويلة.

5. التورم

في بعض الحالات، يحدث التورم نتيجة تجمع السوائل أو الالتهاب المصاحب للخشونة.

6. تشوه المفصل

قد تظهر تغيرات في شكل المفصل الخارجي نتيجة لتلف الأنسجة والعظام المصاحبة، خصوصًا في المراحل المتقدمة.

ثالثًا: تشخيص خشونة المفاصل

تعتمد عملية التشخيص على مزيج من الفحص السريري والتاريخ الطبي للمريض، بالإضافة إلى وسائل التصوير الطبي التي تساعد على تقييم درجة التآكل والتغيرات العظمية:

– الفحص السريري

يقوم الطبيب بتقييم مدى الحركة، ووجود الألم عند اللمس أو الحركة، والتحقق من وجود تورم أو تشوهات.

– الأشعة السينية (X-ray)

تُظهر تآكل الغضروف، وتضييق الفراغ بين العظام، وتكوين النتوءات العظمية (Osteophytes).

– الرنين المغناطيسي (MRI)

يُستخدم في الحالات غير الواضحة لتقييم الأنسجة الرخوة مثل الأربطة والغضاريف بدقة عالية.

رابعًا: طرق علاج خشونة المفاصل

يُعد علاج خشونة المفاصل متعدد الأبعاد، ويهدف إلى تخفيف الأعراض، وتحسين جودة الحياة، وإبطاء تقدم المرض. ويمكن تصنيف أساليب العلاج إلى:

1. العلاج غير الدوائي

أ. تعديل نمط الحياة

• التحكم في الوزن: تخفيف الوزن يُقلل من الضغط على المفاصل ويُحسّن من الأعراض بشكل كبير.

• ممارسة التمارين: مثل المشي، والسباحة، وتمارين الإطالة، لتقوية العضلات الداعمة للمفصل وتحسين مرونته.

• الراحة عند اللزوم: منح المفصل وقتًا كافيًا للراحة لتجنب الإجهاد الزائد.

ب. العلاج الفيزيائي

يشمل جلسات العلاج الطبيعي باستخدام أجهزة الحرارة أو البرودة، وتمارين مخصصة للمفصل المصاب، والتحفيز الكهربائي للعضلات.

ج. استخدام الدعامات أو العكازات

تُستخدم لتخفيف الضغط على المفاصل المتضررة، خصوصًا في حالات خشونة الركبة أو الورك.

2. العلاج الدوائي

أ. مسكنات الألم

مثل الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) كالإيبوبروفين والنابروكسين.

ب. المراهم الموضعية

التي تحتوي على مضادات التهابات أو مركبات الكابسيسين لتخفيف الألم الموضعي.

ج. حقن الكورتيزون

تُستخدم لتقليل الالتهاب داخل المفصل، لكنها تُعطى بحذر لتجنب الآثار الجانبية مع التكرار.

د. حقن حمض الهيالورونيك

تهدف إلى استعادة لزوجة السائل الزلالي داخل المفصل وتحسين الحركة.

3. العلاج الجراحي

عندما تفشل الطرق التحفظية ويُصبح الألم لا يُطاق ويُقيّد الحياة اليومية، يلجأ الأطباء إلى التدخل الجراحي، وتشمل الخيارات:

أ. تنظير المفصل (Arthroscopy)

يُستخدم لإزالة الشوائب أو الأنسجة التالفة داخل المفصل.

ب. تقويم المفصل (Osteotomy)

يُجرى لتعديل محاذاة العظام لتقليل الضغط على المنطقة المتآكلة.

ج. استبدال المفصل الكامل (Total Joint Replacement)

وتُعد الخيار الأمثل في المراحل المتقدمة، حيث يُستبدل المفصل المصاب بآخر صناعي من المعدن أو السيراميك أو البلاستيك عالي الجودة.

خامسًا: الوقاية من خشونة المفاصل

رغم أن بعض العوامل لا يمكن التحكم بها مثل الوراثة والعمر، إلا أن هناك العديد من الخطوات الوقائية التي تقلل من خطر الإصابة أو تؤخر ظهورها:

سادسًا: الطب البديل والمكملات في علاج خشونة المفاصل

1. مكملات الجلوكوزامين والكوندرويتين

تُستخدم بكثرة لتقوية الغضاريف، ورغم تضارب نتائج الدراسات حول فعاليتها، إلا أن الكثير من المرضى يُفيدون بتحسن الأعراض عند استخدامها.

2. زيت السمك (أوميغا 3)

له خصائص مضادة للالتهاب، ويساعد على تقليل التيبس الصباحي وتخفيف الألم.

3. الكركم (الكركمين)

يحتوي على مركبات طبيعية مضادة للالتهاب، ويُستخدم كمكمل غذائي لتحسين أعراض خشونة المفاصل.

4. العلاج بالإبر الصينية

يُعد من العلاجات التي أظهرت فعالية في تخفيف الألم وتحسين الوظائف الحركية لبعض المرضى.

سابعًا: مضاعفات خشونة المفاصل

إذا لم تُعالج الخشونة بشكل مناسب، فإنها قد تؤدي إلى:

• إعاقة مزمنة: بسبب تدهور المفصل وتقييد الحركة

• الاعتماد على المسكنات القوية مما يُعرض المريض للآثار الجانبية الخطيرة مثل قرحة المعدة أو مشاكل الكلى

• مشاكل نفسية مثل الاكتئاب نتيجة الشعور بالعجز وفقدان الاستقلالية

• زيادة الوزن بسبب قلة الحركة، مما يزيد الأمر سوءًا

المصادر والمراجع

1. Arthritis Foundation – Osteoarthritis Overview: www.arthritis.org

2. Mayo Clinic – Osteoarthritis: Symptoms and causes: www.mayoclinic.org