طرق بسيطة للتغلب على عادة التسويف
تُعد عادة التسويف من أكثر العادات التي تؤثر على الإنتاجية الشخصية، حيث تثير القلق والتوتر لدى الأفراد وتؤدي إلى تراكم المهام وتفاقم مشاعر الفشل والضغط النفسي. لكن التسويف ليس سمة ثابتة في الشخص، بل هو سلوك يمكن تغييره من خلال بعض الخطوات الفعّالة. في هذا المقال، سوف نناقش مجموعة من الطرق البسيطة والعملية التي يمكن أن تساعدك في التغلب على هذه العادة والتقليل من تأثيراتها السلبية على حياتك الشخصية والمهنية.
فهم التسويف: الأسباب والعوامل المؤثرة
قبل أن نتطرق إلى طرق التغلب على التسويف، من المهم أن نفهم الأسباب التي قد تؤدي إلى هذه العادة. التسويف ليس مجرد تأجيل للأعمال، بل هو في بعض الأحيان محاولة هروب من مهام قد نراها شاقة أو غير ممتعة. هناك عدة عوامل تساهم في انتشار هذه العادة، منها:
-
الخوف من الفشل: الشخص الذي يخشى الفشل قد يتهرب من المهام خوفًا من أن يكون أداؤه غير جيد.
-
الكمالية: بعض الأفراد يعانون من رغبة مُفرطة في الكمال، مما يجعلهم يتأخرون في بدء العمل خوفًا من عدم إتمامه بشكل مثالي.
-
نقص الحافز: في بعض الحالات، لا يشعر الشخص بالحافز الكافي للقيام بالمهمة، خاصة إذا كانت غير مرتبطة بمكافآت أو أهداف ذات معنى شخصي.
-
الانشغال بالمشتتات: في عصر المعلومات، يُعاني العديد من الأشخاص من كثرة المشتتات التي تستهلك وقتهم، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الأنشطة الترفيهية.
طرق بسيطة للتغلب على عادة التسويف
1. تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة
من أبرز الأسباب التي تجعل الناس يؤجلون مهامهم هو شعورهم بالإرهاق بسبب حجم العمل الكبير. عندما تكون المهمة ضخمة، فإن التفكير في إنجازها قد يصبح مخيفًا، مما يؤدي إلى التأجيل المستمر. الحل بسيط: تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة وسهلة يمكن أن يجعل المهمة تبدو أكثر قابلية للتحقيق.
على سبيل المثال، بدلاً من التفكير في مشروع طويل الأمد، يمكنك تقسيمه إلى خطوات يومية أو أسبوعية، بحيث تركز على إنهاء جزء صغير في كل مرة. هذا يمنحك شعورًا بالإنجاز بشكل متكرر، مما يعزز الدافع للاستمرار.
2. استخدام تقنية “دقيقتين”
تقنية دقيقتين هي طريقة بسيطة وفعّالة للتغلب على التسويف. الفكرة وراء هذه التقنية هي أنه إذا كانت المهمة تستغرق أقل من دقيقتين لإنجازها، فعليك فعلها فورًا دون تأجيل. هذا يمكن أن ينطبق على مهام بسيطة مثل الرد على بريد إلكتروني أو ترتيب المكتب.
تساعد هذه التقنية على التخلص من المهام الصغيرة التي تتراكم وتصبح عبئًا نفسيًا. علاوة على ذلك، فإن ممارسة هذه العادة تجعل الشخص أكثر قدرة على التعامل مع المهام الأكبر أيضًا.
3. التركيز على البداية فقط
أحيانًا، يكون بدء العمل هو أصعب جزء من المهمة. ولكن عندما تبدأ في القيام بالخطوات الأولى، قد تجد أن باقي المهمة تصبح أسهل. لذلك، يمكن أن يساعدك تحديد وقت معين فقط للبدء، دون التفكير في إنهاء المهمة. هذا يمكن أن يكون بمثابة “فتح الباب” الذي يؤدي إلى إتمام المهمة.
على سبيل المثال، إذا كنت تجد صعوبة في بدء الكتابة، قد تحدد لنفسك وقتًا معينًا (مثل 10 دقائق فقط) للكتابة. بعد هذه المدة، يمكنك أخذ استراحة أو التوقف. ولكن في كثير من الأحيان، ستجد أنك استمتعت بالمهمة وكنت مستعدًا للاستمرار.
4. التخلص من المشتتات
يُعتبر التشويش والمشتتات من أكبر عوامل التسويف. لذلك، من الضروري إنشاء بيئة عمل خالية من هذه المشتتات قدر الإمكان. يمكن أن يشمل ذلك:
-
إيقاف التنبيهات على الهاتف المحمول.
-
العمل في مكان هادئ بعيد عن الآخرين.
-
تخصيص فترات معينة للتركيز فقط على العمل.
باستخدام هذه الإجراءات، ستتمكن من تخصيص وقتك بشكل أكبر للمهام المهمة، مما يساعد على التقليل من التسويف.
5. الاحتفال بالإنجازات الصغيرة
غالبًا ما يتجاهل الناس تقدير أنفسهم بعد إتمام المهام البسيطة، وهذا يؤدي إلى انخفاض الحافز لمواصلة العمل. يمكن أن يساعدك الاحتفال بالإنجازات الصغيرة في الحفاظ على مستوى عالٍ من الدافع. إذا قمت بإكمال جزء صغير من المهمة، كافئ نفسك على ذلك.
لا يجب أن يكون هذا الاحتفال شيئًا ضخمًا. مجرد فنجان من القهوة أو أخذ استراحة قصيرة يمكن أن يكون كافيًا لتعزيز الشعور بالإنجاز وتحفيزك على إتمام المزيد.
6. التخطيط الزمني وتنظيم الأولويات
التسويف يحدث أيضًا عندما لا تكون لديك خطة واضحة حول ما يجب فعله أولاً. من أجل تجاوز هذا التردد، يمكن أن يساعدك تخصيص وقت محدد لكل مهمة وترتيب الأولويات بشكل منطقي.
ابدأ بتحديد أهم المهام التي تحتاج إلى إنجازها في اليوم، ثم قم بتوزيعها على الأوقات المناسبة. هذه الطريقة لا تمنحك فقط تنظيمًا أفضل لوقتك، بل تساعدك أيضًا على تحديد المهام التي يجب أن تعطيها الأولوية.
7. المسؤولية الاجتماعية
إخبار شخص آخر عن هدفك أو مهمتك قد يزيد من حوافزك لإنجازها. كونك مسؤولًا أمام شخص آخر يخلق نوعًا من الالتزام، مما قد يقلل من رغبتك في تأجيل الأمور. يمكنك تحديد موعد مع صديق أو زميل للعمل على المشروع معًا أو على الأقل التحدث إليه عن التقدم الذي أحرزته.
8. ممارسة التأمل والتركيز الذهني
قد يكون التسويف ناتجًا عن قلة التركيز الذهني، ولهذا تعتبر تقنيات التأمل والتنفس العميق مفيدة للغاية. يمكن أن تساعدك هذه التقنيات على تقليل القلق والتركيز بشكل أفضل على المهمة أمامك.
إحدى الطرق هي تخصيص 5-10 دقائق يوميًا للتأمل أو ممارسة تمارين التنفس. هذا يمكن أن يساعد في تحسين مزاجك، وزيادة إنتاجيتك، وبالتالي تقليل الميل إلى التسويف.
9. وضع أهداف قصيرة المدى
من الأفضل أن تكون لديك أهداف قصيرة المدى قابلة للتحقيق، بدلاً من تركيزك فقط على الأهداف الكبيرة. الأهداف القصيرة والمحددة تسهم في خلق إحساس بالإنجاز، مما يساعد على التغلب على التسويف. هذا يمكن أن يشمل تحديد ما يجب إنجازه خلال اليوم أو الأسبوع، بدلاً من انتظار نهاية الشهر أو السنة.
التغلب على التسويف يتطلب التزامًا طويل الأمد
على الرغم من أن هذه الطرق يمكن أن تساعد في التقليل من عادة التسويف، إلا أن تغيير هذه العادة يتطلب التزامًا طويل الأمد. قد تحتاج إلى تعديل سلوكك ومواقفك بشكل مستمر، ولكن مع الوقت والتطبيق، ستتمكن من تطوير قدرة أكبر على مواجهة التحديات وعدم تأجيل المهام.
