طرق فعّالة للعيش بالامتنان

5 طرائق للعيش بحالة من الامتنان كل يوم

يُعتبر الامتنان أحد المشاعر الإنسانية الأساسية التي تؤثر بشكل عميق في حياتنا اليومية. إنه ليس مجرد شعور عابر، بل هو أسلوب حياة يمكن أن يغير بشكل جذري كيفية إدراكنا للعالم من حولنا. فالامتنان هو التأمل في النعم التي نمتلكها، مهما كانت بسيطة أو معقدة، والاعتراف بها وتقديرها. كما أن الامتنان له دور مهم في تعزيز صحتنا النفسية والجسدية، ويعزز العلاقات الاجتماعية، ويُسهم في تحسين مستوى جودة الحياة. في هذا المقال، سنناقش خمس طرق عملية يمكن من خلالها العيش بحالة من الامتنان كل يوم، وكيفية تبني هذه الممارسات ليصبح الامتنان جزءاً لا يتجزأ من حياتنا.

1. ممارسة الامتنان كل صباح

ابدأ يومك بالتفكير في الأشياء التي أنت ممتن لها. قد يبدو هذا بسيطًا، لكنه يحمل تأثيرًا كبيرًا على مجريات يومك. خصص بضع دقائق بعد الاستيقاظ لتذكر ثلاث أو أربع أمور تشعر بالامتنان تجاهها. يمكن أن تكون هذه الأمور كبيرة أو صغيرة، مثل العائلة، الصحة، فرصة العمل، أو حتى مجرد الراحة في سريرك بعد ليلة من النوم الجيد.

بحسب الدراسات النفسية، فإن ممارسة الامتنان في الصباح يمكن أن تحسن المزاج طوال اليوم، وتزيد من مستويات السعادة وتقلل من مشاعر التوتر والقلق. عندما نبدأ يومنا بتقدير النعم التي لدينا، فإن ذلك يساعدنا على وضع أولويات حياتنا بشكل إيجابي، مما يجعلنا أكثر قدرة على التعامل مع تحديات اليوم بكفاءة.

2. استخدام دفتر الامتنان (اليوميات)

يعد تدوين المشاعر والأفكار في دفتر الامتنان أحد أكثر الأساليب فعالية لتعزيز مشاعر الامتنان. خصص وقتًا يوميًا لتسجيل ثلاثة أشياء على الأقل تشعر بالامتنان تجاهها. قد يكون هذا في نهاية اليوم، عندما تهدأ من ضغوطات الحياة اليومية، أو في أي وقت يناسبك. يمكن أن تشمل هذه الأشياء أي شيء، من المواقف الصغيرة إلى الأحداث الكبيرة، مثل:

• “شكرًا للأصدقاء الذين دعوني لتناول العشاء الليلة الماضية.”

• “أنا ممتن لحصولي على فرصة لتعلم شيء جديد اليوم.”

• “شكرًا للجمال الطبيعي الذي رأيته في حديقة اليوم.”

تساعد هذه العادة على تدريب عقلك على التركيز على الأمور الإيجابية في حياتك بدلاً من التركيز على النواقص أو السلبيات. مع مرور الوقت، ستجد أن الحياة أصبحت أكثر إشراقًا.

3. تقدير اللحظات الصغيرة والهادئة

في خضم الحياة المزدحمة، يمكن أن نغفل عن اللحظات الصغيرة التي تجلب لنا الراحة والسكينة. قد تكون هذه اللحظات عبارة عن كوب من القهوة في الصباح، أو لحظة هادئة مع كتاب جيد، أو حتى الاستمتاع بمنظر غروب الشمس. هذه اللحظات، التي قد يراها البعض عادية أو غير ملحوظة، هي في الواقع هدايا يومية إذا ما تأملنا فيها.

تعلم أن تكون ممتنًا لهذه اللحظات يمكن أن يعزز من قدرتك على العيش في الحاضر والتقدير التام للوقت الذي تقضيه في هذه الأنشطة اليومية. عندما تكون واعيًا لهذه اللحظات، يصبح لديك شعور بالسلام الداخلي، ويقل تأثير القلق والتوتر على حياتك.

4. الامتنان للأشخاص في حياتك

من أهم أشكال الامتنان هو إظهار التقدير للأشخاص الذين يؤثرون في حياتك بشكل إيجابي. سواء كانوا أفرادًا في العائلة، أصدقاء، زملاء في العمل، أو حتى أشخاصًا قد لا تراهم بانتظام لكنهم يسهمون في حياتك بطريقة ما. يمكن أن تكون هذه اللفتات الصغيرة هي ما يبني روابط قوية بينك وبين الآخرين.

تُظهر الدراسات أن الامتنان المتبادل يعزز من العلاقات الإنسانية ويزيد من مستويات الثقة والتعاون. إحدى الطرق البسيطة لتطبيق ذلك هي أن تُرسل رسالة شكر أو ملاحظة تقدير لشخص ما. هذا الفعل البسيط يمكن أن يجعل الشخص يشعر بالاحترام والتقدير، كما أنه يعزز من روح المحبة والتعاون بينكما.

5. التأمل في النعم اليومية

كل يوم يأتي مع مجموعة من النعم التي قد نمر عليها مرور الكرام دون أن ننتبه إليها. الامتنان يتطلب منا أن نكون أكثر وعيًا بهذه النعم، وأن نخصص وقتًا للتفكير فيها بتمعن. يمكن أن تشمل هذه النعم:

• الصحة الجيدة أو القدرة على التحرك والقيام بالأنشطة اليومية.

• الأمان الذي نعيشه في محيطنا.

• الأوقات الجيدة التي نقضيها مع العائلة أو الأصدقاء.

• فرص التعليم أو العمل التي توفرت لنا.

كلما تزايدت قدرتنا على الانتباه لهذه النعم، زادت مشاعر الامتنان في حياتنا. بدلاً من التركيز على ما ليس لدينا، يصبح من الأسهل التركيز على ما نمتلكه، مما يعزز من شعورنا بالرضا الداخلي.

فوائد الامتنان على الصحة النفسية والجسدية

تظهر الأبحاث أن العيش في حالة من الامتنان يمكن أن يُحسن الصحة النفسية والجسدية على حد سواء. يساهم الامتنان في تقليل مستويات القلق والاكتئاب، كما يعزز من صحة القلب والجهاز المناعي. علاوة على ذلك، يساعد الامتنان على تحسين نوعية النوم وزيادة مستويات الطاقة والتركيز خلال اليوم.

إحدى الدراسات التي أُجريت في جامعة كاليفورنيا أظهرت أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان بانتظام يكونون أقل عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة ولديهم مستويات أقل من التوتر. كما أن الامتنان يساعد في خلق بيئة أكثر إيجابية ومترابطة في محيط العمل والعلاقات الشخصية.

الخاتمة

الامتنان ليس مجرد شعور عرضي، بل هو أسلوب حياة يمكن أن يُحدث تحولًا حقيقيًا في حياتنا اليومية. من خلال ممارسة الامتنان في الصباح، تدوين لحظات الشكر في دفتر الامتنان، تقدير اللحظات الصغيرة، إظهار التقدير للأشخاص من حولنا، والتأمل في النعم اليومية، نعيش حياة مليئة بالسلام الداخلي والرضا. يمكن للامتنان أن يكون مفتاحًا لفتح أبواب السعادة والصحة النفسية والنجاح.